تكمن أهمية الدراسة التي أصدرتها مؤسسة «بيو» الأمريكية لأبحادث الأديان والحياة العامة أول أمس الثلاثاء، بعنوان « المشهد الديني العالمي: تقرير عن حجم وتوزيع المجموعات الدينية في العالم اعتبارا من سنة 2010»، في أنها تقدم خريطة جغرافية وعددية لجميع الأديان السماوية وغير السماوية؛ وترسم صورة حقيقية عن استمرار ارتفاع عدد المسلمين بالموازاة مع نمو الساكنة، وتوسع الإسلام في أنحاء العالم مقارنة مع الأديان والجماعات الدينية الأخرى التي يستقر أو يتقلص عدد المنتمين إليها. الدراسة «الديمغرافية» التي شملت 230 بلدا وإقليما، أكدت أن العالم ما يزال ينزع نحو التدين، إذ يعتنق 84 في المائة من ساكنة المعمور الأديان السماوية أو ينتسبون إلى الأديان التي ابتكرها البشر على كثرتها أو يعتقدون بشيء ما، أي حوالي 5.8 مليار شخص من أصل 6.9 يسكنون العالم. بينما يعيش 16.3 في المائة (1.1 مليار شخص) إما ملحدون أو لاأدريون، غير أن الملفت في نتائج الدراسة، أن العالم العربي الأكثر إيمانا، فلا يتجاوز نسبة اللادينيين سوى 0.2 في المائة من إجمالي عددهم في العالم، ولا يتعدى عددهم مليونين ومائة ألف شخص، ومقارنة مع التعداد السكاني لمجمل الدول العربية فهم يشكلون 0.6 في المائة من الساكنة التي تبلغ 341 مليون و20 ألف شخص. وصنف «بيو» العالم إلى ثماني مجموعات دينية؛ تعتبر المسيحية المجموعة الدينية الأولى نظرا لانتماء 31.5 في المائة إليها، والإسلام ثاني المجموعات يعتنقه 23.2 في المائة، ويعد اليهود أقل المجموعات الدينية على الإطلاق بنسبة لا تتعدى 0.2 في المائة، بينما يشكل الهندوس والبوذيون الذين يتركزون في «مهد» هذه الديانات بدول محددة بآسيا والمحيط الهادئ نسبة 15 و7 في المائة على التوالي. في حين ما يزال حوالي 6 في المائة من ساكنة المعمور يعتنقون الديانات الشعبية «البائدة»، وتشمل الأديان التقليدية الصينية والإفريقية التي مارسها الأفارقة قبل مجيء المسيحية والإسلام (مثل السانتريا، أمباندا، فودو، وغيرها)، وأديان سكان أستراليا وأمريكا الأصليين (دين أزتيك، ودين الإنكا والمايا). وبخلاف باقي الأديان الأخرى، فالإسلام وحده الديانة المتوسعة جغرافيا؛ فالدراسة أبرزت، أن 73 في المائة من المسلمين يعيشون أغلبية، وذلك في 49 بلدا بما فيها 19 من أصل 20 بلدا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأزيد من ربع المسلمين يعيشون في باقي دول العالم على شكل «أقلية» حيث لا تكاد تجد منطقة –كما تظهر البيانات- لا تعرف حضورا للمسلمين. وبالمقابل، أكدت الدراسة الأمريكية، انحصار «التبشير» خلال السنتين الماضيتين، وعدم وجود المسيحيين على غرار الهندوس والبوذيين إلا كأغلبية. ومن المعطيات المثيرة التي تكشفها الدراسة، أن متوسط عمر المسلمين لا يتجاوز 23 سنة، وهي الأقل مقارنة مع كل الأديان الأخرى السماوية وغير السماوية، إذ تعد كل المجموعات الدينية الأخرى باستثناء الهندوس من كبار السن، حيث يبلغ متوسط عمر المسيحيين 30 سنة ويتجاوز متوسط عمر اليهود 36 سنة، كما أن متوسط عمر المسلمين أصغر من متوسط عمر سكان العالم الذي هو 28 سنة؛ وهذا الأمر يؤكد توسع المسلمين بشكل أكبر في المستقبل على اعتبار أن غالبية معتنقيه من الشباب.. وهذا الطرح يتماشى مع خلاصات دراسات سابقة لنفس المؤسسة، أهمها الدراسة التي صدرت السنة الماضية حول مستقبل التعداد السكاني للمسلمين في العالم (توقعات لسنوات 2010-2030)، إذ توقعت ارتفاع التعداد السكاني للمسلمين في العالم بنسبة 35 في المائة خلال 20 سنة القادمة، وانتقال عدد المسلمين من 1.6 مليار مسلم سنة 2010 إلى 2.2 مليار سنة 2030. وأكدت نمو الساكنة المسلمة بمعدل ضعف النسبة التي تكبر بها الساكنة غير المسلمة، أي بمعدل سنوي للنمو حوالي 1.5 في المائة مقابل 0.7 في المائة للساكنة غير المسلمة. ولفتت إلى أن استمرار النمو على هذه الوتيرة سيجعل المسلمين يغطون 26.4 في المائة من العدد الإجمالي لساكنة العالم التي ستصل سنة 2030 إلى حوالي 8.3 مليار. «التجديد» تقدم خريطة الأديان في العالم بناء على ما أورده المركز الأمريكي «بيو» المتخصص في أبحاث الأديان والحياة العامة، وتقرب قرائها من حقيقة المشهد الديني العالمي الذي يسير في صالح الإسلام. الإسلام يتوسع جغرافيا وعدديا على غرار التقارير السابقة الصادرة عن نفس المؤسسة، أكد التقرير الجديد ل»بيو»، أن الإسلام يبقى الديانة الوحيدة التي تتوسع عدديا بدرجة أولى وجغرافيا بدرجة ثانية، يزكي ذلك مؤشر متوسط عمر المسلمين الذي لا يتعدى 23 سنة كما تبرزه الدراسة، وهو أقل من متوسط عمر سكان العالم الذي هو 28 سنة، إضافة إلى انتشار 27 في المائة من المسلمين على شكل «أقلية» في مناطق وأقاليم الكرة الأرضية. وأظهرت الدراسة، أن المسلمين ثاني المجموعات الدينية بعد المسيحية ويشكلون 23.2 في المائة من إجمالي ساكنة العالم. وفيما يخص التوزيع الجغرافي للمسلمين، فإن 93 في المائة من ساكنة المنطقة العربية مسلمة، و30.2 في المائة من أبناء القارة الإفريقية مسلمون، وربع ساكنة قارة آسيا مسلمون، وحوالي 5.9 في المائة من مواطني أوروبا ونسبة 1 في المائة من الأمريكيتين يعتنقون دين الإسلام. وحسب بيانات الدول، فإن عشر دول بينها اثنتين غير إسلاميتين تستأثر بحكم كثافتها السكانية بثلثي المسلمين، وتحتل المرتبة الأولى إندونيسيا التي يتواجد بها أزيد من 209 مليون مسلم، يليها الهند بحوالي 176 مليون نسمة، ثم باكستان والبنغلادش بحوالي 167 و 133 مليون مسلم على التوالي. فيما جاءت نيجريا في المرتبة الخامسة (يعتنق الإسلام 133 مليون من مواطنيها) متبوعة بجمهورية مصر العربية ذات الكثافة السكانية المسلمة التي تقارب 80 مليون نسمة. واحتل المغرب المرتبة العاشرة بين دول العالم التي تعرف تواجدا كبيرا للمسلمين (31 مليون و940 ألف مسلم)، والمرتبة الأولى من حيث عدد المسلمين مقارنة مع التعداد السكاني، إذ يشكل المسلمون نسبة 99.9 في المائة من سكان المغرب، ونسبة 0.2 من إجمالي مسلمي العالم، وتتوزع نسبة 0.1 المتبقية على المجموعات الدينية الأخرى في مقدمتها المسيحية التي تقدر الدراسة عدد معتنقيها في المملكة ب20 ألفا. «الديانات الشعبية».. ما يزال يعتنقها 6 في المائة من ساكنة العالم! 405 مليون شخص عبر العالم يعتنق «أديانا شعبية»، والمقصود بها حسب الدراسة الممارسات المحلية التي يلجأ إليها الناس لإشباع رغباتهم الروحية، وتشمل الأديان التقليدية الصينية والإفريقية التي مارسها الأفارقة قبل مجيء المسيحية والإسلام (مثل السانتريا، أمباندا، فودو، وغيرها)، وأديان سكان أستراليا وأمريكا الأصليين (دين أزتيك، ودين الإنكا والمايا)، وأوضحت الدراسة، أن 6 في المائة من سكان العالم يعتنق هذه الممارسات «البالية» والضاربة جذورها في أعماق التاريخ. غير أن معتنقي هذه الأديان ينحصرون بنسبة 90 في المائة في دول بعينها بآسيا (حوالي 365 مليون نسمة)، والبقية تتوزع على دول مختلفة بإفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 6.6 في المائة وفي الأمريكيتن بنسبة 3 في المائة. وتشير البيانات أن هذه معتنقي هذه الأديان يتركزون أساسا في عشر دول بآسيا وإفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 91 في المائة، في مقدمتها الصين التي ينتمي إليها 22 في المائة من ساكنة البلد (حوالي 294 مليون نسمة) ويشكلون لوحدهم نحو 73 في المائة من عددهم الإجمالي في أنحاء العالم، وأيضا يعتنق هذه الأديان 45 في المائة من ساكنة الفيتنام والتايوان على التوالي، ونحو 33 في المائة من مواطني دولة جنوب السودان التي استقلت عن الخرطوم، فضلا عن بضع ملايين متمركزة في كل من بوكينافاسو ونيجريا بإفريقيا والهند وكوريا الشمالية وبرورما ميانمار بآسيا والبرازيل بأمريكا اللاتينية. اليهود.. أقل المجموعات الدينية على الإطلاق من المعطيات الهامة التي أكدتها الدراسة، أن اليهود أقل المجموعات الدينية على الإطلاق، وعدد المنتسبين إلى دين موسى لا يتجاوز 15 مليون في أنحاء المعمور بأكمله، وهو رقم لا يعادل حتى منتسبي بعض المذاهب الدينية ! والمثير، أن اليهود إلى جانب البوذيون وحدهم من يتركزون بنسبة كبيرة كأقلية، إذ أظهرت الدراسة، أن 41 في المائة فقط يتركزون كأغلبية على شكل كيان في أرض فلسطين، بينما يعيش 59 في المائة منهم أقلية في باقي دول العالم، في مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية التي يقيم بها 41 في المائة من إجمالي عدد اليهود (حوالي 6 ملايين نسمة) وهو ما يشكل 1.8 في المائة من ساكنة أمريكا، وتتوزع النسبة المتقية لليهود كالآتي؛ حوالي 1.5 مليون في دول أوروبا و470 ألف بقارة أمريكا الجنوبية و200 ألف بدول آسيا والمحيط الهادئ و10 ألف بإفريقيا جنوب الصحراء. «اللادينيون» أغلبية في الدول الشيوعية!.. ويشكلون 0.6 في المائة فقط في العالم العربي يشكل اللادينيون (إما ملحدون أو لا أدريون) ثالث أكبر المجموعات في العالم بعد المسيحية والإسلام؛ إذ كشفت الدراسة، عدم انتساب 16.3 في المائة (حوالي مليار و100 ألف شخص) إلى الأديان سواء السماوية أو التي ابتكرها البشر. بيانات الدراسة، أظهرت أن حوالي 52 في المائة من اللادينيين في العالم يتركزون في دولة واحدة تعد أهم قلاع الشيوعية؛ وهي الصين التي ينتمي 62 في المائة من مواطنيها إلى هذه المجموعة الدينية، وحكمها ماوتسي يونغ أحد قادة الشيوعية فكرا وممارسة ثلاثين عاما. وأبرزت أن غير المنتسبين دينيا يشكلون أغلبية في ست دول قاسمها المشترك تاريخها الشيوعي، فإلى جانب الصين لا يعتنق 76 في المائة من مواطني جمهورية التشيك أيا من الأديان، ولا ينتسب71 في المائة من ساكنة كوريا الشمالية إلى أي مجموعة دينية، ولا ينتمي 59 في المائة من ساكنة إستونيا بشرق أوروبا إلى الأديان السماوية والوثنية، ولا يؤمن 57 في المائة من مواطني دولتي اليابان وهونغ كونغ بما جاءت به الأديان وتدعو إليه. وعلى المستوى الكمي، يتركز 86 في المائة من إجمالي منتسبي هذه المجموعة الدينية في عشر دول، تبنت غالبيتها الشيوعية باستثناء فرنسا وألمانيا التي لا يدين ربع سكانها بأي دين، والولاياتالمتحدةالأمريكية التي لا يعتنق 1 من كل 8 مواطنين الأديان. اللادينيون لا وجود لهم في العالم العربي إلا بنسبة لا تكاد تذكر، فالدراسة بينت أنهم يشكلون 0.6 في المائة فقط من ساكنة العالم العربي، ويقدر عددهم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمليونين و100 ألف شخص من إجمالي الساكنة الذي يزيد عن 341 مليون نسمة. الهندوسية والبوذية تحافظ على وجودها بمهدها بآسيا من بين المعطيات المثيرة التي تشير إليها الدراسة، أن خريطة الأديان ما يزال يؤثثها وجود الديانتين الهندوسية والبوذية التي ابتكرها البشر بنفس القوة العددية، فمعتنقي الديانتين يقتربون من عدد المسلمين عبر العالم، إذ يشكلون 22 في المائة موزعة بين 15 في المائة من الهندوس و7 في المائة من البوذيون. إلا أن أهم خاصية تميز الديانتين على حد سواء كما تؤكد الدراسة هو تركزها في مهدها بدول آسيا بنسبة 99 في المائة. ووفقا للبيانات الحسابية، فإن الغالبية الساحقة من الهندوس (نحو 94 في المائة من عددهم الإجمالي) يعيشون بالهند التي يشكلون بها أزيد من ثلاثة أرباع سكان البلد، فيما تستقر نسبة 6 في المائة الأخرى بدول أخرى مثل النبيال والبنغلادش وإندونسيا وباكستان وسيري لانكا وماليزيا وبورما، مع وجود أقلية من معتنقي هذه الديانة بالولاياتالمتحدةالأمريكية (مليون و790 شخص) وبريطاينا (800 ألف شخص). وعلى غرار ذلك، يعيش غالبية البوذيون بدول آسيا والمحيط الهادئ، حيث يتمركز النصف الأول بدولة الصين لوحدها، والنصف الثاني يتوزعون على التايلاند واليابان وبورما وسيري لانكا والفيتنام وكمبوديا وكوريا الشمالية والهند وماليزيا على التوالي. الدين مكون أساس لهوية وثقافة العالم العربي من أهم خلاصات الدراسة أن الإسلام يتوسع جغرافيا وعدديا في مقابل تراجع المسيحية واستقرار في عدد المنتسبين إلى المجموعات الدينية الأخرى، كيف تقرا هذه الخلاصات؟ ●● هذه الدراسة ليست الأولى التي تتناول موضوع انتشار الإسلام وتوسعه في أرجاء العالم مقابل تراجع المسيحية وفقدانها للكثير من مواقعها. فقد سبقتها دراسات وتقارير كثيرة غربية من طرف معاهد أكاديمية غربية وأخرى كنسية خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. إن ما يميز الإسلام هو سرعة الإنتشار، فلم تعرف البشرية على مر التاريخ البشري انتشار دين أو فكرة بالسرعة التي انتشر بها الإسلام. فقد وصف انتشاره في التاريخ في عصر الخلافة الراشدة بكلمة (الانفجار EXPLOSION ). ففي غضون سنوات قليلة امتدَّت الرقعة الإسلامية من بلاد الأفغان والتركستان شرقا إلى أفريقية الشمالية غربا. هذا الانتشار على هذا القدر من المساحة الأرضية، وبهذه السرعة لم تكن في الواقع حصيلة تفوُّق أصحابه على غيرهم في القوَّة المادية، بل السبب يكمن في ذلك إلى الأخلاق السامية والسلوك الرائع النزيه الفريد الذي سلكه كلُّ فرد من المسلمين بصفته الفردية، والأمة الإسلامية بصفتها الجماعية، في الصلح والحرب، وإدارة البلاد المفتوحة، وحسن المعاملة مع شعوبها.. كما يرجع بالأساس كذلك إلى طبيعة الدين الإسلامي وخلوه من التعقيدات وهو ما يتلاءم مع الفطرة الإنسانية، وهذا ما يذكره مراد هوفمان في مؤلفه »الإسلام كبديل» حيث يذكر أن المبشرين المسيحيين يعزون انتشار الإسلام السريع في غرب إفريقيا والسنغال والكاميرون وساحل العاج إلى أسباب، منها بساطة تعاليمه وخلوها من التصورات الغيبية الغامضة المعقدة. ولذلك لم يكتفِ سكَّان الأقطار المفتوحة بالخضوع لقوَّة المسلمين السياسية، بل أصبحوا من المولعين بهم، اعتنقوا دينهم، واتَّبعوا حضارتهم. وهذا ما نجده اليوم في الآلاف الذين يعتنقون الإسلام في أوروبا وأميريكا، وهو ما يحير الباحثين اليوم ، ذلك أن هؤلاء المسلمين الجدد يلتزمون بشكل مذهل بتعاليم الإسلام ويتحولون إلى دعاة له، فتجد الواحد منهم يدعو زوجته وأولاده وأبويه، ثم يبدأ بأصدقائه وجيرانه.معضرورة استخضار حسب بعض الدراسات و التقارير الغربية أن عدد الذين يعتنقون الإسلام في الولاياتالمتحدة الأميريكية وحدها يتجاوز عشرين ألف أمريكي كل عام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ناهيك عن الأفواج التي تعتنق الإسلام في أوروبا وباقي بقاع العالم. وهكذا إذا استحضرنا هذا المعطى واستحضرناغيره من المعطيات التي تسير في نفس المنحى واستحضرنا قبل هذا وذاك قول الله تعالى }هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا{، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل و النهار ، و لا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام و ذلا يذل الله به الكفر»إذا استحضرنا ذلك كله جزمنا أن المستقبل للإسلام. اللادينيون يشكلون 16.3 في المائة من ساكنة العالم، غير أن الدراسة تكشف أنهم يتمركزون أساسا في الدول الشيوعية ويشكلون أغلبية عددية في ستة منها، ومن جهة أخرى تبرز الدراسة، أن هؤلاء لا يشكلون إلا 0.6 في المائة من ساكنة العالم العربي (حوالي مليونين و200 ألف شخص). كيف تفسرون هذين المعطيين؟ ●● إن إطلاق مصطلح اللاديني على البعض إنما هو من باب التجاوز، فمن لا يعبد الله تعالى فإنما يعبد حجرا أو شجرا أو كوكبا أو دينارا أو درهما أو يعبد هواه قال تعالى }أفرايت من اتخذ إلهه هواه{. وإذا كانت نسبة الذين يعتبرون أنفسهم اللادينيين يشكلون أغلبية في بعض الدول الشيوعية السابقة نظرا لأنهم لم تستطيعوا التخلص بعد من رواسب الشيوعية، فإنهم بالمقابل يشكلون أقلية لا تكاد تذكر في ساكنة العالم العربي. وهذا دليل قاطع وبرهان ساطع على أن الدين هو المكون الأساس لهوية وثقافة العالم العربي، ولا يمكن تجاهله أو تجاوزه من قبل أي كان. ما يزال 6 في المائة من ساكنة العالم للأديان الشعبية (وتشمل الأديان التقليدية الصينية والإفريقية التي مارسها الأفارقة قبل مجيء المسيحية والإسلام، والتي مارسها سكان أمريكا وأستراليا الأصليين)، والبوذيون يشكلون 7 في المائة والهندوس حوالي 15 في المائة من ساكنة العالم، كيف يفسر استمرار إقبال ساكنة مهمة في العالم على الأديان الوثنية أمام التطور الحضاري؟ ●● ينبغي في البداية التذكير ان أشهر الأديان الوثنية هي الهندوسية و الزرادشتية والبوذية و الكونفوشية والطاوية والشنتو، وهي أديان تتمركز في آسيا، ولعل السبب في استمرار اعتناقها من أصحابها رغم التقدم الحضاري، مرجعه بالأساس إلى الظروف التاريخية والثقافية وإلى البنية الديموغرافية والإثنية لهذه الشعوب حسب الدراسات الأنتربولوجية، كما يرجع السبب في ذلك إلى عدم قدرة أصحاب الديانات الأخرى خاصة الإسلام والمسيحية على الانتشار والتوسع في هذه الرقعة من العالم.