لم تمنع التساقطات المطرية وأحوال الطقس المتقلبة المئات من الفعاليات اليسارية في مدينة فاس، مساء الجمعة الماضي، من تخليد الذكرى العشرين لاغتيال الطالب اليساري محمد أيت لجيد بنعيسى، في المكان نفسه الذي «هُشِّم» فيه رأسه بحجر كبير من قبل طلبة يُقدَّمون على أنهم ينتمون إلى فصائل الحركة الإسلامية، في إحدى زوايا الحي الصناعي سيدي «إبراهي»، قرب المركب الجامعي «ظهر المهراز»، الذي يعتبر من أكبر معاقل اليسار الراديكالي في الجامعات المغربية. ورفع المحتجّون لافتات تضع أسماء من هؤلاء الطلبة السابقين في قفص الاتهام، ضمنهم عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية، والذي سبق له أن قضى سنتين في السجن على خلفية الملف، بينما قررت محكمة الاستئناف، في الآونة الأخيرة، حفظ المتابعة في حقه، بعدما قررت إعادة فتح الملف من جديد بناء على شكايات تقدّمت بها عائلة الطالب اليساري أيت لجيد. وتميزت الذكرى برفع «نعش» رمزي لأحد رموز اليسار في الجامعة، بحضور أفراد من عائلته، وإلى جانبهم عدد من المحامين المكلفين بالدفاع عن ملفه أمام المحكمة، ومكونات اليسار في المدينة، وعدد كبير من الطلبة القاعديين. وانتقد حسن أيت لجيد، أحد أفراد عائلة الشهيد، تصريحات سبق لوزير العدل أن أشار فيها إلى أن «الملف أقفل قانونيا»، وقال إن العائلة تطالب ب»العدل والإنصاف». وقال ادريس الهدروكي، أحد المحامين الذين يترافعون في القضية، إن العائلة ظلت -منذ اغتيال ابنها في سنة 1993- تطالب تطالب بكشف الحقيقة. وذكّر بأنه مع إيقاف عضو جماعة العدل والإحسان، عمر محب، وإدانته ب10 سنوات سجنا نافذة، في ظل شروط محاكمة عادلة، يقول المحامي، تم الكشف عن جزء من الحقيقة. وأورد المحامي أن العائلة لا تهُمّها العقوبات ولا يحركها منطق الانتقام، بقدْر ما يهمها الوصول إلى المتورّطين ومعرفة الحقيقة. وذكر المحامي بنجلون التويمي، في تصريحاته، أن «هيئة الدفاع عن عائلة الشهيد أيت لجيد حريصة على أن تكون الإجراءات القانونية سليمة، وعلى ألا تقع انحرافات في الإجراءات». وقال إن بعض المُشتبَه فيهم ينتمون إلى الحزب نفسه الذي ينتمي إليه وزير العدل، والذي يترأس النيابة العامة، وإلى الحزب نفسه الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة. وأكد أن «عائلة هذا الطالب اليساري المغتال تنتظر الإنصاف المعنوي»، وهو المطلب ذاتُه الذي شدّد عليه شقيق الطالب اليساري، إبراهيم أيت لجيد، وهو يتحدث إلى مجموعة من الصحافيين، دون أن يستطيع إكمال حديثه بسبب تأثره. وطبقا لأرشيف هذه القضية، فإنّ حادث الاغتيال يعود إلى يوم 25 فبراير 1993، حين غادر أيت لجيد بنعيسى، المركب الجامعي ظهر المهراز، رفقة أحد رفاقه، على متن سيارة أجرة صغيرة تحمل رقم 455، في اتجاه الحي الشعبي «ليراك». وتعرّضت سيارة الأجرة ل»حصار»، اتهم عدد من الطلبة المحسوبين على فصائل من الحركة الإسلامية بالوقوف وراءه، وأخرجوا الطالب اليساري المتوفى بالقوة وهشّموا رأسه.. ما أدخله في غيبوبة استمرت لأربعة أيام، قبل أن يفارق الحياة. ودفن في مسقط رأسه، وسط إجراءات أمنية مشددة، ولم تستطع عائلته التعرف على قبره إلا بعد مرور أكثر من 10 سنوات على حادث الاغتيال..