خرج المئات من طلبة المركب الجامعي «ظهر المهراز»، مساء يوم الجمعة الماضي، في موكب «جنازة» رمزية، حملوا فيها «نعشا» وأوقدوا الشموع للمطالبة بكشف الحقيقة كاملة حول ملابسات اغتيال الطالب اليساري محمد بنعيسى أيت لجيد منذ ما يقرب من 20 سنة. وحمل الطلبة نعشا رمزيا ورفعوا صورا لهذا الطالب، ودعوا إلى وضع حد ل»التماطل» في كشف حقيقة اغتيال هذا الطالب اليساري ومحاكمة جميع المتهمين بالتورّط في الجريمة. وتزامن تخليد ذكرى اغتيال الطالب اليساري محمد أيت لجيد بنعيسى مع تحقيقات تجري في محكمة الاستئناف في فاس حول هذه القضية، بعدما جدّدت عائلة الطالب اليساري تمسكها بفتح تحقيق في ملابسات الجريمة. وعمدت المحكمة، في بداية دجنبر الماضي، إلى الاستماع إلى أستاذ في معهد التقنيات في سطات، انتمى في السابق إلى منظمة التجديد الطلابي، وقُدِّم على أنه كان ضمن المشاركين في تنفيذ الاعتداء على هذا الطالب. وقرّرت المحكمة حفظ متابعة القيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين، في هذا الملف، بعدما تردّد ذكر اسمه بقوة في القضية من قِبل عائلة الطالب اليساري. وسبق لعبد العالي حامي الدين أن قضى سنتين رهن الاعتقال على خلفية هذه الأحداث التي شهدها المركب الجامعي «ظهر المهراز» في 25 فبراير 1993.. وقررت المحكمة استدعاء عدد من أقارب الطالب اليساري وكذا بعض الشهود، وضمنهم طالب يساري آخر كان معه أثناء عملية الاعتداء.. وسبق للشرطة القضائية ف ولاية أمن فاس أن اعتقلت عمر محب، وهو أحد الأسماء «الوازنة» في جماعة العدل والإحسان في الجهة، على خلفية هذه القضية، وأودعته السجن الاحتياطي عين قادوس، بعدما أدين ب10 سنوات سجنا نافذة، من قبل المجلس الأعلى للقضاء بتهمة «المساهمة في القتل العمد»، قضى منها سنتين حبسا نافذة. وتقول وثائق طلابية تؤرخ للجريمة، توصلت بها «المساء»، إن الطالب محمد أيت لجيد بنعيسى غادر زوال يوم 25 فبراير 1993 المركب الجامعي رفقة أحد رفاقه، على متن سيارة أجرة صغيرة تحمل رقم 455، في اتجاه الحي الشعبي «ليراك»، وهو من معاقل الطلبة في تلك المرحلة، على أمل العودة إلى الجامعة لمواصلة «معركة» طلابية في المركب. وعلى مقربة من مقهى «الزّهور» تعرّضت سيارة الأجرة لتطويق (اتهم عدد من الطلبة المحسوبين على فصائل من الحركة الإسلامية بالوقوف وراءه) وأخرجوا الطالب اليساري المتوفى بالقوة، بينما قاوم رفيقه حوالي 15 دقيقة هذا الهجوم، قبل أن يأخذ نصيبه من الاعتداء بواسطة قضيب من جديد.. وقبل أن يغمى عليه، تمكن من التعرف على عدد من المتهمين بتنفيذ الاعتداء. وشاهد، حسب الرواية ذاتها، عددا من المهاجمين يُهشّمون رأس رفيقه بواسطة حجر كبير، يقول الضحية الثاني الخمار الحدويوي، في إحدى شهاداته حول هذه الجريمة، التي حصدت روح طالب يساري كان وقتها يدرس في السنة الرابعة -تخصص أدب عربي- في كلية الآداب في فاس. وبعد أربعة أيام من الغيبوبة، سيعلن عن وفاة الطالب أيت لجيد محمد بنعيسى في المستشفى. وتم نقل جثمانه للدفن في قريته الصغيرة، في دوار «تيزكي أدبلول» في إقليم طاطا، القرية التي كان قد جاء منها صغيرا ليلتحق بأخيه الأكبر في مدينة فاس. وفي 29 أكتوبر من سنة 2006 اعتقل عمر محب من جماعة العدل والإحسان في معرض للكتب وسط مدينة فاس، وانطلق مسلسل التحقيقات في القضية. وما زال هذه المسلسل مفتوحا، بينما يطالب الطلبة اليساريون، ومعهم عائلة الطالب المتوفى، بالكشف عن الحقيقة وبمحاكمة المُتورّطين في القضية، التي أسفرت عن غضب طلابيّ عارم في الجامعة المغربية، وقتذاك، والتي أعلن فيها الحداد.