أفاد تقرير حديث لمعهد «ماكينزي» العالمي أن على المغرب إيجاد توازن جديد يساعده أكثر على جلب تمويلات مباشرة وغير مباشرة من بلدان ناشئة أخرى. كما سيكون التطور السريع لسوق رؤوس الأموال وبورصة الدارالبيضاء ضروريا لتحقيق هذا الهدف، خاصة في ظل التنافس المتزايد من طرف بلدان ناشئة أخرى. وأضاف «ماكينزي» أنه يجب كذلك الانخراط في مقاربة استباقية للانفتاح وجلب شركاء ومستثمرين جدد، خاصة من دول ال«بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا). وصرح مراد التوفيقي، المدير العام ل»ماكينزي المغرب»، أن هذه الدينامية ستكون فرصة للمغرب لأن يكون قنطرة تربط بين إفريقيا ورؤوس الأموال العالمية (خاصة البلدان الناشئة منها) بفضل القطب المالي للدار البيضاء «كازا فينانس سيتي» الذي أسس سنة 2010. وأضاف تقرير «ماكينزي»، الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه، أنه في الوقت الراهن ترتفع القيمة الإجمالية للموجودات المالية العالمية إلى 255000 مليار دولار، أي بنسبة أعلى من فترة ما قبل الأزمة سنة 2007 (هذه القيمة تجمع رسملة الأسواق المالية وقيمة ديون الشركات وديون الدول والقروض). لكن إيقاع نمو قيمة هذه الموجودات قسم إلى أربعة، أي بمعدل 1.9 في المائة منذ بداية الأزمة مقابل 7.9 في المائة ما بين سنتي 1990 و2007. ومن المدهش أن نلاحظ أن هذا البطء يشمل أيضا الاقتصادات الناضجة في مرحلة تخفيض الديون وكذا الاقتصادات الناشئة. وبالنسبة للبنوك والمستثمرين المؤسساتيين، فإن المشهد المالي، الذي يظهره تقرير معهد «ماكينزي» العالمي، قد تغير كليا حيث أصبحت بنوك عديدة في حاجة إلى إعادة تحديد نموذجها الاقتصادي، سواء تطلب الأمر خروجها من أسواق معينة أو ارتقاءها إلى مستوى الشروط الجديدة لحقوق المساهمين والقيود التنظيمية في أسواق أخرى أو التخلي عن دورها كوسيط بنكي بغرض صناعة السوق. وفي الوقت ذاته يواجه المستثمرون تحديات تمويل نمو الأسواق الناشئة، حيث تبقى الأسواق المالية فيها أقل تنمية وأقل سيولة. ويمكن للمرحلة الحالية، التي تشهد تخفيض الديون البنكية، أن تخلق فرصا للمستثمرين المؤسساتيين، حيث يمكن أن تحظى عملية تمويل البنيات التحتية والمشاريع ذات الأمد الطويل بدعم أكبر. وأضاف التقرير أن الأسواق الناشئة تعطي نظرة متناقضة، فمع أنها قاومت الأزمة المالية بشكل مدهش، إلا أن أسواقها المالية توقفت عن النمو منذ سنة 2008. كما أن معدل التوسع المالي الخاص بها أقل من النصف بالمقارنة مع المعدل الخاص بالأسواق الناضجة (157 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 108 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2012) في الوقت الذي توقفت الهوة القائمة بينهما عن التلاشي. ومع ذلك، فإن تدفقات رؤوس الأموال الصادرة والواردة الخاصة بالبلدان الناشئة ارتفعت بشكل ملحوظ. ويعتقد معهد «ماكينزي» أن 1500 مليار دولار قد أحيت الأسواق الناشئة سنة 2012، حيث تجاوزت الذروة التي بلغتها في فترة ما قبل الأزمة بالعديد من البلدان الناشئة. وبذلك شكلت هذه التدفقات 32 في المائة من التدفقات المالية العابرة للحدود سنة 2012، بينما شكلت فقط 5 في المائة من المجموع سنة 2000. وقد ارتفعت تدفقات رؤوس الأموال الصادرة أكثر من نظيرتها الواردة وازدادت ب 1800 مليار دولار سنة 2012. واختتم التقرير بتصريح لجون كريستوف مييزالا، المدير العام ل«ماكينزي فرنسا»، ورئيس مشترك لمجموعة بنوك الكفاءات التابع للشركة بمنطقة أوروبا، الشرق الأوسط وإفريقيا، فال فيه: «لقد انتهى عهد النمو الدائم والربح المفاجئ للأنشطة المالية. يجب على كل الفاعلين إعادة النظر في توقعاتهم وخططهم حسب ما يقتضيه الأمر».