حل المغرب بالمرتبة الخامسة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة عليه والتي بلغت مليار و331 مليون دولار خلال عام 2009 ، بحسب الوكالة المتعددة الأطراف لضمان الاستثمارات ضمن تقريرها لسنة 2010 حول الاستثمارات المباشرة الأجنبية في العالم. وأوضحت الوكالة التي تعد مؤسسة تابعة لمجموعة البنك العالمي والمكلفة بتطوير القطاع الخاص ، وفقا لتقرير البنك الدولي الذي صدر مؤخرا والذي جاء تحت عنوان " الاستثمارات في العالم والمخاطر السياسية " ، حصول الجزائر على المرتبة الأولى ، ثم مصر ثانيا ، والأردن ثالثا ولبنان رابعا ، والمغرب خامسا ، وسورية سادسا ، ثم تونس الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقال التقرير إن المخاطر السياسية التي تواجه المستثمرين الأجانب تعتبر الهم الأول لهم في الدول النامية خلال السنوات الثلاث المقبلة ، رغم بقاء القلق بشأن الكساد العالمي على المدى القصير ، مبينا أن الشركات متعددة الجنسيات أصيبت بضربة قوية بسبب الركود الاقتصادي والأزمة المالية في 2008 . وتوقعت الوكالة المتعددة الأطراف لضمان الاستثمارات التابعة لمجموعة البنك العالمي أن ترتفع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 17 بالمائة لتبلغ نحو 416 مليار دولار خلال عام ، مؤكدا أن الدول النامية أخذت ما نسبته 37 بالمائة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام ، 2009 حيث أن هذه النسبة ارتفعت خلال العقد الماضي . وتوقعت أيضا أن ترتفع هذه النسبة بالسنوات المقبلة ، نظرا للأهمية المتزايدة لهذه التدفقات في الاقتصاد العالمي ، مشيرا إلى أن الدول النامية عادة ما ينظر إليها على أنها تحمل مخاطر سياسية أعلى من الدول الصناعية . وبلغت قيمة الاستثمارات المباشرة الأجنبية على المستوى العالمي 1085 مليار دولار للعام 2009 مقابل 738 مليار دولار للعام 2002 ، وحققت البلدان المتطورة أكبر حصة بحيث تم توظيف 731 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية مقابل 354 مليار دولار في البلدان النامية . وتشير التقديرات الصادرة عن الوكالة أن الاستثمارات المباشرة الأجنبية في البلدان النامية ارتفعت ب 17 بالمائة للعام 2010 ، لا سيما في الصناعة الاستخراجية ، مضيفا أن المستثمرين متفائلون فيما يخص إمكانية انتعاش الاقتصاد العالمي ، مما يؤدي إلى ارتفاع الاستثمارات المباشرة الأجنبية خلال السنتين المقبلتين بعد تراجع كبير قدّر بنسبة 40 بالمائة للعام 2009 . وبالنسبة للاستثمار الأجنبي المباشر فإنه ينطوي على التملك الجزئي أو المطلق لمشروع الاستثمار من الطرف الأجنبي وبعبارة أخرى فهو موجودات الشركة الأم في الدول المضيفة ، والذي يدل على الاعتماد المتزايد على هذا النوع من الاستثمار لأن المستثمرين الأجانب يلتزمون عادة بالاستثمار على المدى الطويل ، ومع أنه يكون عادة أقل تقلبا من الديون والاستثمار الأجنبي غير المباشر ، فإنه لا يمكن اعتبار استقراره أمرا مسلما به نظرا لأن الاستثمار المحلي والأجنبي على السواء يعتمد على وجود مناخ استثمار إيجابي . ويعتبر الاستثمار الأجنبي المباشر إستراتيجية لدعم التنمية الاقتصادية ، والتي أدت لزيادة في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة ابتداءً من النصف الثاني من القرن الماضي إلى دعم نمو اقتصاديات الدول النامية ، ويبرز هذا الاتجاه في الزيادة بانتهاج اقتصاد السوق في معظم هذه الدول ، وتحرير نظم التجارة والاستثمار. ويعبر الاستثمار الأجنبي المباشر حسب مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية " أونكتاد " عن ذلك النوع من الاستثمار الذي ينطوي على علاقة طويلة المدى ، تعكس مصالح دائمة ومقدرة على التحكم الإداري بين الشركة في القطر الأم والشركة أو الوحدة الإنتاجية في قطر آخر ، على أن تتعدى نسبة مشاركة الشركة الأم 50 بالمائة. ويعرفه صندوق النقد الدولي على أنه حصول كيان مقيم في اقتصاد ما على مصلحة دائمة في مؤسسة مقيمة في اقتصاد آخر ، وتنطوي هذه المصلحة على وجود علاقة طويلة الأجل بين المستثمر المباشر والمؤسسة ، على أن تتعدى نسبة مشاركة هذا المستثمر الأجنبي 25 بالمائة. وتتميز الاستثمارات الأجنبية المباشرة على أنها تضمن في أغلب الأحيان تبعية الفرع أو الشريك في مجال الأبحاث والتصاميم التي تتولاها الشركة ، وخضوع عملية تنظيم الإنتاج والتوريد والتسويق ، والمبيعات إلى مصالح الشركة الأم . وتمثل الاستثمارات عملية بناء للأصول المادية الثابتة وزيادة التكوين الرأسمالي ، وبهذا يؤدي الإنفاق الاستثماري إلى زيادة القدرات الإنتاجية للبلاد ، ورفع معدل النمو وتحسين الوضع الاقتصادي بصورة عامة ، وتساهم عمليات الاستثمار الموجهة بصورة صحيحة إلى إقامة التناسبات الصحيحة فيما بين القطاعات الاقتصادية ، وزيادة التشابك والترابط بين هذه القطاعات الاقتصادية ، بما يحقق وحدة الاقتصاد الوطني وتكامل فروع الإنتاج ودفع عملية التنمية إلى الأمام بصورة متواصلة . ولهذا طالما نظر اقتصاد التنمية باستمرار إلى تأثير الاستثمار الأجنبي المباشر على الدول النامية بطريقة إيجابية ، وهو منظور ناشئ من التجربة الناجحة للاقتصاديات الرأسمالية والأسواق الحرّة ، فالمستثمرون الأجانب يجلبون مواد جديدة نادرة ، رأس المال ، التكنولوجيا ، الإدارة ، ومهارة التسويق للبلد المضيف ، ووجود المستثمرين يزيد من المنافسة وتحسين الكفاءة ومن فرص العمل ويحسن توزيع الدخل ، وضمن هذا الإطار من الصعب أن لا نصل إلى استنتاجات إيجابية عن مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في التنمية . وهذه الاستنتاجات في واقع الأمر تنطبق على الدول المتقدمة أكثر من الدول الأقل تقدما مما جعل عملية تقييم تأثير الاستثمارات الأجنبية المباشرة على التنمية عملية معقدة ، حيث يجب على الدول النامية أن تلتزم الحذر إزاء انتهاج موقف غير مدروس من المكاسب الخاصة بهذا الاستثمار ، فوجود حصة كبيرة منه في إجمالي تدفقات رأس المال علامة على ضعف وليس قوة البلد المضيف ، فالتحويلات المرتبطة بهذه الاستثمارات تؤثر سلبا على ميزان مدفوعات الدول النامية كما أنها تتحكم بمقدار الدول وخيارات شعوبها وتوجيهها نحو ما يلائم مشروعات للاستثمار مما يوفر لها فرصة اختيار الاستثمارات الأكبر ربحا والأسرع وقتا . * صحيفة " العرب اليوم " ، بتصرف