عدد من المباني الأثرية الأخرى تتعرض لتشويه وتهديم من قبل بعض المستثمرين في «رياضات» السياحة بالمدينة العتيقة، كما سجلت عدة مصادر في الوقت ذاته بأن سور المدينة العتيقة تعرض، إلى تحطيم أجزاء منه بغرض السماح للسيارات والزبناء بالولوج إلى هذه الفضاءات السياحية. مازالت السلطات الأمنية بفاس تحقق في سرقة مدرسة أثرية تعود إلى القرن ال14 الميلادي بالمدينة العتيقة بفاس. وقالت المصادر إن مدرسة السبعيين والتي توجد بالقرب من مسجد الأندلس بهذا الفضاء العتيق بفاس تعرضت لنهب عناصر معمارية وصفت بالمهمة جدا من قبل عناصر لا زال رجال الأمن يحققون في هويتهم. ويرجح أن تكون عملية السرقة هاته قد وقعت في شهر غشت الماضي. وكانت هذه المدرسة قد صنفت موقعا أثريا تاريخيا بظهير ملكي يعود تاريخه إلى 20 فبراير 1915. وسبق هذا التصنيف، بفترة زمنية طويلة، تصنيف المدينة العتيقة موروثا ماديا عالميا من قبل منظمة اليونيسكو سنة 1981. وهي المنظمة التي قدمت منحة 14 مليار سنتيم، في التسعينيات من القرن الماضي، إلى المجلس البلدي للمدينة بغرض إنقاذ هذا الموروث، إلا أن المدينة العتيقة ظلت تواجه «عوامل التعرية الطبيعية والبشرية»، فيما يتحدث المسؤولون، وكان المجلس البلدي حينها بلون الاتحاد الاشتراكي، عن كون المنحة صرفت لترميم وإصلاح البنايات بها. ويعود تاريخ بناء هذه المدرسة إلى عهد المرينيين. وكان الأمير أبو الحسن ابن سيد عثمان هو الذي أشرف على بنائها، وخصصت للتعليم التأهيلي قبل ولوج جامعة القرويين. وتقول الدراسات التاريخية إن ولي العهد أبو الحسن، في تلك الفترة، كلف من قبل أبيه ببناء عدد من المدارس، في وقت كان فيه السلطان المريني مشغولا باستكمال السيطرة على باقي أنحاء المغرب. وكان ولي العهد المريني قد أدرج بدوره سياسة بناء هذه المدارس في إطار استراتيجية لتولي الحكم. وشملت عملية النهب أخشابا مزخرفة وأعمدة رخام ولوحة أخرى رخامية. ويرجح أن تكون هذه العناصر المعمارية قد استوردت في الأصل من بلاد الأندلس من قبل ولي العهد المريني أبو الحسن. وتحكي المصادر أن مسؤولين مكلفين بالمباني الأثرية بالجهة قد أحبطوا محاولة أخرى لنهب ما تبقى من هذه العناصر في الشهر ذاته، بعدما تلقوا «إنذارا» من قبل ساكنة الحي. ويقول أحد هؤلاء إنه وجد في المكان حين «المداهمة» قنينة ماء مثلجة، وهو ما يعني بالنسبة إليه أن لصوص هذه الآثار كانوا ينهبون في راحة تامة. إلى ذلك، كشفت مصادر متخصصة أن المباني الأثرية في فاس تتعرض إلى نهب وصف بغير المسبوق في الآونة الأخيرة. ورجحت المصادر أن تكون عمليات السرقة التي تتعرض لها تحف أثرية في المدينة القديمة منظمة «من قبل مافيات متخصصة». كما أوردت أن عددا من المباني الأثرية الأخرى تتعرض لتشويه وتهديم من قبل بعض المستثمرين في «رياضات» السياحة بالمدينة العتيقة، مسجلة في الوقت ذاته بأن سور المدينة العتيقة تعرض، في أكثر من ناحية، إلى تحطيم أجزاء منه بغرض السماح للسيارات والزبناء بالولوج إلى هذه الفضاءات السياحية. كما ذهبت المصادر إلى أن مسؤولين سياحيين أنفسهم متورطون في «حملة القضاء» على ما تبقى من خصوصيات المدينة العتيقة بفاس، مضيفة بأن أحد هؤلاء قام، في الآونة الأخيرة، بهدم ما يقرب من 6 أمتار من صومعة بحي الزيات، وذلك لتفادي «إزعاج» المؤذن للسياح في رياض في ملكيته. وفي السياق ذاته، سجلت المصادر أن بعض عمليات ترميم الدور والمحلات الآيلة للسقوط بهذا الفضاء، تسجل بدورها عمليات «سرقة» غير مباشرة لتحف أثرية بها، مع استبدالها بأخرى حديثة و«مزيفة». المفتش الجهوي للمباني الأثرية بوزارة الثقافة، محسن الإدريسي، أكد خبر نهب ما سماه ببعض العناصر المعمارية بمدرسة السبعيين، قائلا إنه أشعر السلطات الأمنية والولائية ومسؤولي وزارة الثقافة بالمسألة. وأورد الإدريسي أنه انتقل إلى عين المكان بمجرد إخباره بالحادث، ليجد بأن عناصر معمارية سرقت وأن اللصوص كانوا يستعدون لأخذ عناصر أخرى. ولمح الإدريسي في ذات التصريح إلى أن عمليات نهب هذه المباني الأثرية في فاس قد ازدادت وتيرته في الآونة الأخيرة. وإذا كانت وزارة الثقافة قد أخبرت بأمر السرقة، باعتبارها الجهة التي تشرف على تدبير شؤون هذه المدرسة، فإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، باعتبارها الوزارة التي تتبع لها هذه المدرسة، لم تخبر بالحادث إلا في الأسبوع الماضي. وتقول المصادر إن باحثة أمريكية تشرف على إعداد مشروع من أجل إعادة ترميم البناية وإعادة الحياة لها هي التي أخبرت هذه الوزارة، ودعتها إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات للحفاظ على هذا الموروث الحضاري من الضياع والنهب. واستغربت بوني كابلان، المشرفة على هذا المشروع، وهي مهندسة أمريكية متخصصة في ترميم المباني الأثرية، صمت الجهات المعنية عن مثل هذه السرقات. وقالت إن عدم التنسيق بين وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الثقافة يضيع فرصا كثيرة لإعادة إنقاذ مثل هذه المباني، وإعادة الحياة إليها، لكي تعرف بالموروث التاريخي المغربي وتساهم في التنمية المحلية. وتحكي هذه المهندسة الأمريكية كيف أن مشروعها لإعادة ترميم هذه المدرسة فرض عليه الانتظار لمدة تقرب من 8 سنوات بسبب عدم التنسيق بين الوزارتين، مضيفة أنها أعدت دراسة رفقة حوالي 17 إطارا متخصصا لترميم البناية ودبرت أمر الدعم المادي من قبل منظمات متخصصة، ولا تنتظر سوى التأشير على المشروع من قبل المسؤولين بالرباط. وتوجد هذه المدرسة في حالة تدهور يوصف من قبل المختصين بالخطير، مما يهددها بالانهيار في أي لحظة. وبسبب هذا الوضع، أغلق جزء السبعيين بها منذ حوالي 10 سنوات، فيما ظل جزء الصهريج يحتضن حوالي 20 طالبا يتابعون دراستهم في جامع القرويين. وتحكي المصادر أن وضع هذا الجزء بدوره ينذر بالكارثة، خصوصا وأن هؤلاء الطلبة يقيمون فيه. كما أن وزارة الثقافة هي التي تستغل هذه البناية، وتسمح للسياح بزيارتها مقابل ثمن 10 دراهم للتذكرة.