سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخلفي: مواقف الباطرونا مستغربة وغير معهودة قال إن الجهات التي انتقدت قانون المالية تبنت خطابا تحريضيا لا يدعم الثقة بين الفاعلين في التنمية الاقتصادية
أكد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، أن مشروع قانون المالية يتعرض لبعض الانتقادات، التي تتبنى خطابا تحريضيا، وهو خطاب لا يدعم الثقة القائمة بين الفاعلين في التنمية الاقتصادية. جاء ذلك في رده على سؤال حول ما يتعرض له مشروع قانون المالية من انتقادات من قبل مسؤولين في الاتحاد العام للمقاولات. وقال الخلفي إن «بعض المواقف المعبر عنها من طرف الاتحاد العام للمقاولات مستغربة وغير معهودة ولا تسندها معطيات قانون المالية»، مضيفا أن الحكومة الحالية «حكومة مسؤولة ومنتخبة عينها جلالة الملك وتتخذ قراراتها وفق ما تمليه المصلحة الوطنية، وتسعى إلى عدم الانحياز إلى فئة دون أخرى». وفي ملف تشغيل موقعي محضر 20 يوليوز، والدعوات التي تدعو إلى الالتزام بذلك، أوضح الخلفي أن عدم توظيفهم أمر «محسوم بصفة نهائية من الناحية الدستورية والقانونية والإجرائية»، وأن «مشروع قانون المالية لسنة 2013 لا يمكن أن يتضمن أي استثناء». في هذا الحوار أيضا يتحدث الخلفي عن الجدل التي أثارته دفاتر التحملات وعن الاقتطاع من أجور المضربين، وكذا عن الأوراش التي يعرفها قطاع الصحافة. - أثارت دفاتر التحملات الكثير من الجدل، هل كان من الضروري، حسب رأيك، أن يكون كل هذا النقاش الذي أدى إلى مراجعة دفاتر التحملات بعد المصادقة عليها من لدن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري خلال شهر مارس الماضي؟ من الطبيعي أن يثير أي مشروع إصلاحي نقاشا، لذلك علينا أن لا نتخوف من النقاش ولا من الملاحظات، وتجربة دفاتر التحملات تجربة إيجابية تعبر عن حيوية الحراك السياسي والديمقراطي الذي تعرفه بلادنا. وينبغي التأكيد، بعد نشر دفاتر التحملات في الجريدة الرسمية، أن المغرب تمكن من التوفر على مرجعية للنهوض بالإعلام العمومي وفق قواعد الخدمة العمومية والحكامة الجيدة، وهي القواعد التي ثمنتها الحكومة بمجموع أعضائها وتعد مكسبا للمغرب وانتصارا لكل مكوناته. وأرى أن النقاش الذي أثير طيلة الأشهر الماضية كان نقاشا صحيا مكن من التعرف على وجهات نظر مختلف الفاعلين و تبديد كافة التخوفات وكذا ضمان انخراط المواطنين والمجتمع في تتبع ملف له حضور وازن ودور مؤثر في حياته اليومية. وأعيد التأكيد على أن نجاح أي إصلاح يظل رهينا بمدى قدرة الذين تقدموا بالمشاريع الإصلاحية على استيعاب النقاش العمومي حول مضامينها وتبني الملاحظات الإيجابية، والحفاظ على جوهر الإصلاح، ووضع الآليات الكفيلة بالتنزيل المتدرج له. ولهذا اعتبرت التعديلات جيدة ولا بد لأي إصلاح أن يكون أرضية يجد فيها الجميع نفسه، خاصة أن الأمر يتعلق بالإعلام العمومي، وأعتبر أن الطريقة التي دبر بها هذا الملف على مستوى رئاسة الحكومة مكنت من الحفاظ على المشروع الإصلاحي ومن استيعاب النقاش، بما يجعلنا نقول إن هذا المشروع هو مشروع للجميع، وعلينا أن نتوجه نحو المستقبل للعمل على توفير شروط النجاح في تحقيق مقتضياته. - هددت بالتنحي عن منصبك الوزاري أثناء نقاش دفاتر التحملات، ثم تراجعت عن ذلك. ألا ترى أنك فقدت مصداقيتك بعد هذا التراجع؟ عندما طرحت موضوع الاستقالة من المنصب ارتبط ذلك بموضوع أخلاقيات الإشهار من حيث المضمون، والتي تجد لها سندا دستوريا واضحا في حماية القاصرين، ويمكنكم أن تلاحظوا أن دفاتر التحملات التي صدرت بالجريدة الرسمية حافظت على ما قدمته في المشروع الأول فيما يخص موضوع الإشهار. وماذا بعد المصادقة على هذه الدفاتر؟ دفاتر التحملات مجرد خطوة أولى من أجل ربح أربعة رهانات: الأول يتعلق بجودة العرض العمومي بما يضمن الاستجابة لانتظارات المغاربة وأن يجدوا في الإعلام العمومي عرضا يعكس همومهم وقضاياهم وتطلعاتهم، مع الاستثمار الجيد والأمثل للإمكانيات التكنولوجية المتاحة، ومفتاح الجودة هو تعزير شروط التنافس الحر والنزيه وفق حكامة جديدة تعتمد قواعد النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص وتجعل الكلمة الأولى للكفاءة وإعادة الاعتبار للموارد البشرية والاستعمال الأمثل الموارد المالية. أما الرهان الثاني فيتعلق بالتنافسية الخارجية بعد تراجع الإقبال في العالم الحضري على العرض الوطني وتنامي الهجرة نحو الفضائيات الخارجية. ويمثل هذا تحديا ضاغطا يرتبط بصيانة السيادة الإعلامية للوطن وتمكين الإعلام العمومي من احتضان النقاشات الوطنية وعدم الاضطرار إلى الهجرة إلى القنوات الأجنبية لفهم ما يقع في بلادنا، وهناك تراكمات إيجابية حصلت في بعض المحطات عكست قدرة البلاد على ربح هذا الرهان. أما الرهان الثالث فيتمثل في تكامل العرض العمومي، حيث يعرف هذا المجال تعددا للمتدخلين في ظل تنوع أساليب و أشكال الوسائط الإعلامية، مما يقتضي ترشيدا وتنسيقا يهدف إلى تحقيق التكامل في العرض الموجه إلى المواطنين في الداخل والخارج وعدم السقوط في الاستنساخ أو الاستنزاف. ولهذا الرهان بعد اقتصادي يرتبط بتطوير النموذج الاقتصادي للقطب العمومي ووضع الآليات القانونية الكفيلة بذلك، مما يمكن من ربح رهان تحرير المشهد السمعي البصري، الذي كان المغرب سباقا إلى وضع أسسه القانونية. وفي هذا السياق تقوية دور هيئات التقنين وتعزيز دورها وكذا توسيع صلاحياتها القانونية. والرهان الرابع يتجلى فيما هو تكنولوجي ويشمل إنجاح الانتقال إلى التلفزة الرقمية الأرضية والمقررة في يونيو 2015 واستغلال ما تتيحه الإمكانات التكنولوجية للتحكم في عوامل الإنتاج ورفع الجودة وترشيد الإنفاق وتدعيم النموذج الاقتصادي وتوفير فرص جديدة لربح رهان القنوات الخاصة. - ألا يمكن أن تعترض تطبيق دفاتر التحملات عدد من المشاكل؟ الخطوة الأولى بعد إصدار دفاتر التحملات هي صياغة عقد برنامج مع كل من الشركتين، ولا يمكن تصور ذلك دون رؤية شمولية متكاملة لمسألتي الموارد البشرية والإمكانات المالية. وفي هذا الصدد فإن الفصل 51 من القانون السمعي البصري واضح، إذ ينص على اعتماد عقود برامج سنوية أو لبضع سنوات تعمل على تعبئة الإمكانات اللازمة للاستجابة للالتزامات المتعلقة بتغطية التراب الوطني والإنصاف والمضمون، ولذا فإن الخطوة التي نشتغل عليها حاليا هي صياغة عقد برنامج يستعرض الالتزامات ويربطه بالمخصصات المالية اللازمة، بعد ما تم خلال الأشهر الماضية العمل على تقييم العقد- البرنامج السابق بالنسبة للشركة الوطنية . أنا أرى أن النهوض بقطاع السمعي البصري ضرورة حتمية، خصوصا في ظل الوضعية الحالية للمغرب، التي تجعله أمام استحقاق تحرير السمعي البصري في ظل التحولات التي يعرفها العالم، مما يتطلب تأهيل الإعلام السمعي البصري العمومي وتدعيم النموذج الاقتصادي الخاص به حتى يكون مهيأ لاستحقاقات التحرير، وأمامنا فرص تتيحها الثورة التكنولوجية، خصوصا الانتقال إلى التلفزة الرقمية الأرضية . إن الحديث اليوم ليس عن المشاكل، فهي طبيعية، ولكن عن التحديات التي يجب أن نتعبأ لرفعها، ويعتبر التكوين أحد هذه التحديات المرتبطة بتنزيل دفاتر التحملات لتأهيل الموارد البشرية وتثمين الموارد الموجودة، وهذا الأمر في جزء منه يرتبط بسياسة تكوين فعالة واعتماد سياسة تدبير توقعي استباقي للكفاءات، وهذا ما أقرته كل من شركة «صورياد القناة الثانية» والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة في مجالسهما الإدارية. وبموازاة ذلك هناك برنامج يهم دعم قدرات المجال السينمائي، خصوصا كتابة السيناريو، سيشرف عليه المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما . كما أننا بصدد التحضير للمناظرة الوطنية للسمعي البصري، التي ستعقد في الربيع المقبل، ونحن حاليا في مرحلة الإعداد لها. كما انخرطنا أيضاً في حوار مع شركات الإنتاج ومسؤولي القطب العمومي حول حكامة الإنتاج الخارجي وسبل بناء شراكة قطاع عام- قطاع خاص للنهوض بالجودة والتنافسية ووضع الأسس من أجل إرساء علاقة شراكة مع شركات الإنتاج على اعتبار أن هذا القطاع حيوي وواعد. ثم هناك حاجة لتطوير المنظومة القانونية وملاءمتها مع المتغيرات التي حصلت، وأهمها ملاءمتها أحكام الدستور... - وماذا عن قطاع الصحافة المكتوبة؟ نعمل في قطاع الصحافة المكتوبة حاليا على ثلاثة أوراش كبرى، أولها الإصلاح القانوني والمتمثل في اعتماد مدونة حديثة وعصرية للصحافة والنشر تضمن تعزيز ضمانات حرية الصحافة وإلغاء العقوبات السالبة للحرية وجعل قرارات المنع بيد القضاء والتمكين من إرساء إطار ذاتي ومستقل وديمقراطي للمهنة عبر إطار قانوني -هيئة مثلا- حيث سيتم نقل اختصاصات يمنحها القانون حاليا للإدارة إلى هذه الهيئة مثل بطاقة الصحافة. وستكون قرارات هذه الهيئة ذات آثار قانونية.ومن توجهات هذه المدونة أيضا تعزيز أخلاقيات المهنة مثل ما هو متعارف عليها دوليا، والاعتراف القانوني بالصحافة الإلكترونية، والتعامل معها على قدم المساواة كما هو الشأن مع الصحافة الورقية، وفق قواعد قانونية كما هو متعارف عليها دوليا، وإرساء مقتضيات تمكن من ضمان الحصول على المعلومة وإقرار شفافية وفعالية الإشهار ومنظومة التوزيع. وضمن هذا الإصلاح القانوني هناك ما يهم عملية الدعم، حيث نتجه إلى اعتماد منظومة شفافة وفعالة وناجعة للدعم العمومي عبر اعتماد مرسوم للدعم، كما حدث بالنسبة للدعم السينمائي. - لقيت اللجنة الاستشارية العلمية عددا من الانتقادات، خصوصا أن هناك إقصاء لأطراف سياسية. ما قولك؟ اللجنة العلمية الاستشارية لم تؤسس على قواعد التمثيلية، وإنما هي بطبيعتها لجنة علمية استشارية لا يمكن أن يكون عددها إلا محدودا، وهي حاليا تدرس مسودات هذه المشاريع التي ذكرت سابقا، وبعد إتمام عملها ستقدم آراءها، وستتكلف لجنة قانونية ممثلة فيها وزارة الاتصال والداخلية والعدل والحريات والخارجية والأمانة العامة للحكومة من أجل إدراج هذه الآراء، ثم تتم مناقشة مشاريع القوانين على المستوى الحكومي لتوضع بعدها في البرلمان.وستكون هناك فضاءات متعددة لإبداء الرأي مفتوحة أمام مختلف الفاعلين، سواء كانوا سياسيين أو غيرهم من المهتمين. وبموازاة هذا الورش القانوني سيتم أيضا اعتماد عقد برنامج جديد. فالعقد- البرنامج الأول الذي كان سنة 2005 كان تأسيسيا، وكان التحدي الأول هو تأهيل المقاولة الصحافية والمساهمة في تحديثها والارتقاء بها، وأعتقد أنه في سنة 2012 حصل تقدم كبير في مجال احترام المقاولات المستفيدة من الدعم لمجموع الشروط، وأصبحنا إزاء مقاولات مسؤولة تؤدي تحملاتها الضريبة والاجتماعية. وبالنسبة للمقاولات التي لها صعوبات وعددها أقل من رؤوس أصابع اليد الواحدة فإنها تطلب بأن يتم تحويل مبالغ الدعم إلى أداء الضرائب والتحملات الاجتماعية. وانطلاقا من عدد من المرجعيات قمنا بصياغة مشروع جديد للدعم العمومي للصحافة المكتوبة يقوم على فلسفة الدعم من أجل الاستثمار وفق أهداف تهم المقروئية والانتشار وصيانة التعددية ودعم التحول التكنولوجي ودعم تكوين الموارد البشرية، حيث سيصبح الدعم مؤطرا بفلسفة جديدة وطبقا لمؤشرات دقيقة ومعايير متعددة. كان الدعم في صيغته السابقة يستند على معايير محددة كأن تكون الجريدة منتظمة الصدور، وأن تصدر بيانات الاستغلال السنوية، وأن تشغل حدا أدنى من الصحافيين، وأن توقع على الاتفاقية الجماعية للصحافيين، وألا تتجاوز حصة الإشهار 50 في المائة، وأن تكون في وضعية قانونية سليمة. كانت هناك إذن معايير وطريقة احتساب للدعم، وتدريجيا تقدمت الوزارة في إقرار احترام كل المعايير، وقد حصل احترام لهذه المعايير سنة 2012، حيث كان هناك تشدد في التطبيق بدعم من الهيئات المهنية، ومن الأمور التي حصل فيها التشدد ما يهم قضية الاتفاقية الجماعية بالنسبة للصحافيي. - هل جميع المقاولات الصحافية المستفيدة تطبق الاتفاقية الجماعية؟ المقاولات التي استفادت هذه السنة، بناء على الوثائق المدلى بها، تطبق الاتفاقية الجماعية في حق الحد الأدنى من الصحافيين المهنيين، وفي حالة وجود أي مشكل فإن اللجنة الثنائية، المكونة من ممثلي وزارات المالية والاتصال والتجارة والصناعة، مناصفة مع الناشرين، تدرس الملفات على ضوء الوثائق المقدمة إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. - كان من المرتقب أن يؤسس المجلس الوطني للصحافة شهر أبريل. ما سبب هذا التأخر؟ المجلس الوطني للصحافة لا يمكن أن يؤسس إلا بعد صدور القانون، وقد حصل حوار متقدم مع المهنيين، والآن مشروع مسودة القانون بين يدي اللجنة العلمية لدراستها. ونحن ما زلنا نشتغل في إطار مقاربة تشاركية على أساس الانتخاب والديمقراطية، وأن تنأى السلطة التنفيذية بنفسها عن الإشراف على هذه الانتخابات، وأن تكون للمجلس الوطني للصحافة صلاحيات حقيقية على مستوى النهوض بأخلاقيات المهنة، وأن يشكل قاطرة للارتقاء بها. - أثار مشروع قانون المالية عددا من الملاحظات، خصوصا ما يتعلق بسن الضرائب التي سيكون لها تأثير على الطبقة المتوسطة. ما رأيك في هذا الموضوع؟ هناك عدد من الانتقادات الموجهة إلى مشروع قانون المالية تعبر عن قراءة غير دقيقة لهذا المشروع، الذي يعكس مجهودا إبداعيا لترجمة الالتزامات الحكومية، وفق رؤية جديدة تقتضي التوجه مباشرة إلى الحاجيات الاجتماعية والمقاولاتية المباشرة بما يخدم النمو، فلا يمكن للمغرب أن يواجه التحديات الداخلية والخارجية بدون تعزيز تنافسية المقاولة الوطنية وتحسين مناخ الأعمال ومواجهة الاختلالات الاجتماعية. كما جاء المشروع بإجراءات طموحة على مستوى التضامن وضمان استدامة صندوق التماسك الاجتماعي، فضلا عن بدء الإصلاحات الضرورية مثل إصلاح صندوق المقاصة والتقاعد.وهناك أيضا إعادة الاعتبار للاستثمار في القطاع الصناعي وتصحيح الاختلالات الضريبية بين الاستثمار في الإنتاج والاستثمار في إطار البورصة. - هناك من انتقد مشروع قانون المالية بحدة مثل جمال بلحرش، رئيس لجنة الشغل والعلاقات الاجتماعية للاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي قال إن الحكومة تعوزها الشجاعة وقانون مالية 2013 قصير الرؤية. ما رأيك فيما قاله بلحرش؟ يتعرض مشروع قانون المالية لبعض الانتقادات غير الموضوعية، التي لا تقدر حجم المسؤولية، وتتبنى خطابا تحريضيا لجأ إلى استعمال عبارات قدحية، وهو خطاب لا يدعم الثقة القائمة بين الفاعلين في التنمية الاقتصادية، والأسوأ أنه يأتي عاريا من الأدلة المدعمة، وينم في بعض الحالات عن ضعف في الفهم لما جاء في مشروع قانون المالية وعدم إدراك الرؤية الشمولية والمتكاملة لمقتضياته والمتعلقة بتقوية التنافسية وتحسين مناخ الأعمال وتثمين الاستراتيجيات القطاعية والحفاظ على الاستثمار العمومي لدعم الطلب الداخلي، وإعادة الاعتبار للقطاع الصناعي كمحرك للتنمية، واعتماد الإجراءات اللازمة لمواجهة تحديات الطلب الخارجي ودعم الصادرات، فضلا عن المقاربة الجديدة المتعلقة بالسياسة الضريبية والإجراءات التضامنية، وفي مجموعها تقدم رؤية جديدة ومسؤولة ومندمجة. ومن المؤشرات الدالة على ذلك أن المجهود الاستثماري العمومي سيفوق 180 مليار درهم، وسيتم اعتماد نظام الأفضلية الوطنية في تنفيذ الصفقات العمومية، حيث تعطى الأفضلية لمقاولة وطنية وإن كان عرضها يفوق بنسبة 15 في المائة عرض مقاولة أجنبية. ولدعم مالية المقاولات المتوسطة والصغرى تم اعتماد منتوج جديد للضمان: «ضمان إكسبريس»، وأيضا الشروع في تطبيق القانون المتعلق بآجال أداء المبالغ المستحقة لفائدة المقاولات. وتم البدء في اعتماد نظام للدفاع التجاري لفائدة المقاولات الوطنية وتخصيص 20 بالمائة من الصفقات العمومية لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة، وستضع شروط تلزم الشركات الأجنبية الفائزة بالصفقات العمومية على اللجوء إلى المقاولات الوطنية في حالة المناولة. والأكثر من ذلك هو تقوية دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة بإجراءين ضمن سلسلة إجراءات لم يتم الاطلاع عليها للأسف. الإجراء الأول يهم تخصيص 510 ملايين درهم في مشروع قانون مالية 2013 كدعم مالي عمومي تستفيد منه هذه المقاولات لمواكبتها على تطوير قدراتها الإنتاجية والتدبيرية وآفاق نموها وخفض كلفتها الإنتاجية لتعزيز تنافسية المقاولات اللهم إذا كان البعض يتخوف من تعزيز تنافسية المقاولات الأخرى. أما الإجراء الثاني فيهم تخفيض الضريبة على الشركات التي تحقق أرباحا تساوي أو تقل عن 200.000 درهم من 30 بالمائة إلى 10 بالمائة. وسوف تستفيد من هذا الإجراء حوالي 77 بالمائة من المقاولات. كما خفضت الضريبة على الشركات من 30 بالمائة إلى 20 بالمائة بالنسبة لمن يقل رقم معاملاتها عن 50 مليون درهم في حالة رفع رأسمالها، مما يمثل تحفيزا مباشرا على الاستثمار ويكلف حوالي مليار درهم. فضلا عن تخصيص 500 مليون درهم لدعم المقاولات المصدرة في إطار استراتيجية مغرب تصدير.في المقابل هناك انتقادات مسؤولة يعبر عنها البعض تثمن ما جاء من مقتضيات وتطرح ملاحظات الاستدراك والتحسين. ينبغي أن نؤكد أن أحسن جواب هو ما جاء في التقارير الدولية حول التنافسية من أن تصنيف المغرب تحسن مؤخرا بعد أن انتقل إلى الرتبة 70 من أصل 144 دولة بعد أن كنا في السنة الماضية في الرتبة 73 من أصل 142. كما أن هناك معطى يُغفل عند قراءة تصنيف مناخ الأعمال الذي فقد المغرب فيه ثلاث نقط، وهو أن عدد الدول موضوع التصنيف ارتفع إلى 185 بعد أن كان عددها 183 في السنة الماضية، وهناك تصنيف «فيتشر»، الذي استند على الإصلاحات التي عرفتها بلادنا هذه السنة للقول بأن المستقبل مستقر. وأقرت وكالة «ستاندارد أند بورز» نفس درجة الاستثمار مع تخفيض آفاق التطور من مستقر إلى سلبي، في الوقت الذي خفضت فيه التصنيف الائتماني لعدد من الدول. باختصار فإن بعض المواقف المعبر عنها من طرف الاتحاد العام للمقاولات مستغربة وغير معهودة ولا تسندها معطيات قانون المالية، وأذكر بأننا حكومة مسؤولة ومنتخبة عينها جلالة الملك وتتخذ قراراتها وفق ما تمليه المصلحة الوطنية، وتسعى إلى عدم الانحياز إلى فئة دون أخرى. - برزت أصوات من داخل الأغلبية تطالب بتطبيق محضر 20 يوليوز الذي يقضي بالتوظيف المباشر للمعطلين. ما رأيك؟ بالنسبة للحكومة، هذا الموضوع محسوم بصفة نهائية من الناحية الدستورية والقانونية والإجرائية، وعليه فإن مشروع قانون المالية لسنة 2013 لا يمكن أن يتضمن أي استثناء. في المقابل حرصت الحكومة على بذل جهد كبير، إذ خصص المشروع أزيد من 24 ألف منصب سيتم تنزيلها في احترام تام لقواعد التنافس والشفافية وتكافؤ الفرص والاستحقاق والمساواة في ولوج الوظائف العمومية المنصوص عليها في الدستور. - وما جديد قناة الجزيرة؟ هل ستعود قريبا إلى المغرب؟ لم تعد هناك موانع لعمل شبكة الجزيرة في المغرب، فقد كان هناك حوار مسؤول ومهني على إثر طلب إيجابي تقدمت به إدارة الشبكة قبل أشهر، وأفضى هذا الحوار إلى المساهمة في اتخاذ القرار بعودة شبكة الجزيرة إلى المغرب، وفقا للقواعد القانونية المنظمة للقنوات الأجنبية، وعلى قدم المساواة مع غيرها من القنوات الأجنبية في بلادنا، التي تنامى عددها في الآونة الأخيرة، والتي من شأنها أن تساهم في مواكبة مسلسل التحولات والإصلاحات الجارية وإغناء التعددية والتنوع وتعزيز إشعاع بلادنا. - جلب الاقتطاع من أجور المضربين كثيرا من سخط النقابات، هل الحكومة مصرة على موقفها؟ قرار الاقتطاع من أجور المضربين لا يمس بالإضراب كحق دستوري ولا بالحرية النقابية، بل يرتبط بضمان احترام العدل، الذي يقتضي أن تكون الاستفادة من الأجر مرتبطة بأداء العمل، خاصة أن الدستور أقر ربط المسؤولية بالمحاسبة، وقد سبق للحكومة قبل أشهر أن شكلت لجنة وزارية درست الموضوع من الناحية القانونية والإدارية، وقد اتخذت الحكومة على إثر ذلك قرار الاقتطاع من أجور المضربين عن أيام الإضراب. وبموازاة ذلك هناك عمل على مستوى الإسراع بإخراج القانون المنظم للنقابات والقانون التنظيمي للإضراب ووضع اتفاقية الحرية النقابية ل1987 في مسار المصادقة وإجراء المشاورات مع الهيئات النقابية والمهنية حول ذلك. - لكن الحكومات السابقة لم تطبق قرار الاقتطاع من أجور المضربين، فهل يمكن القول إن الحكومة الحالية هي كاسحة ألغام؟ الحكومة الحالية تتصرف بما يقتضيه الدستور والقانون والمنطق السليم، وتعتبر أنها مطوقة بأمانة تفرض عليها إقرار سيادة القانون، ليس في هذه القضية فحسب، بل في قضايا أخرى متعددة.