الرباط المهدي السجاري جدد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، التأكيد على موقف الحكومة «النهائي» إزاء الإضرابات التي تعرفها الإدارات العمومية، والقاضي باقتطاع أجور أيام الإضراب. وأكد الرميد، في اجتماع للهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة صباح أمس في الرباط، خُصص لموضوع «تخليق منظومة العدالة»، أنه «لا يمكن لأي أحد أن يذهب ليقوم بالسياحة ويتلقى في نهاية الشهر أجره كما لو اشتغل بشكل عادي»، معتبرا أنه «بقدر وجود من يسير نحو الأمام فهناك أيضا من يرجع إلى الخلف». وأوضح وزير العدل والحريات أنه «لا توجد دولة ديمقراطية واحدة يمارس فيها الإضراب ويتقاضى فيها المضربون أجورهم بشكل كامل. كما أن المواطن المغربي عليه أن يحاسب الحكومة إذا أدت درهما واحدا لمن لم يشتغل أو لم يقدم عملا للمجتمع مقابل ذلك الأجر». وسجل الرميد، في تصريح للصحافة حول سير ملفات الفساد المعروضة على القضاء، أن «الأمور تسير كأي قضية أمام المحكمة، ونحن نحرص على أن تتوفر حقوق الدفاع لكل من تقوده الأقدار إلى القضاء. ولكن في نفس الوقت أن تكون الكلمة الأخيرة كلمة عادلة ومنصفة للمواطن الذي يمثل أمام القضاء، سواء بتهمة الفساد أو غيره، ولحقوق المجتمع التي ينبغي أن تضمن». من جهته، أكد رشيد الفيلالي مكناسي، عن ترانسبارنسي المغرب، أن «الفساد في المغرب فساد نظامي، لأنه متشعب في مختلف مرافق الدولة والمجتمع، ويصعب مكافحته بحملات تطهيرية تكون في غالب الأحيان انتقامية أو انتقائية، والقضاء له دور رئيسي في محاربة الفساد داخل المجتمع من خلال تفسير القانون وتطبيق العقوبات». وأكد الفيلالي على نجاعة واستقلال النيابة العامة، باعتبارها جزءا من القضاء، والتي يجب أن تتمتع بالاستقلالية، بالرغم من ارتباطها بالإدارة، وألا تخضع للتعليمات السياسية. كما نبه إلى ضرورة تأهيل ومراقبة الشرطة القضائية وباقي الأجهزة الأمنية السرية والعلنية من طرف سلطة قضائية مستقلة. وأكد الفيلالي أنه بالرغم من أن المحاكم المالية تتمتع بصفة القضاء، ولها نيابتها العامة وقضاؤها الجالس، فإن المتابعات لا تحدث، وهو الأمر الذي يجعل الرأي العام لا يثق في عزيمة الدولة في التقيد بالقانون وإطلاق المتابعات، معتبرا أن موضوع محاربة الفساد يُطرح بحدة عندما تصبح أيادي العدالة مكتوفة لمواجهته، لأنه عندما يرتبط الاستقلال بعدم المحاسبة يصبح المصدر الرئيسي للزبونية والفساد. وأشار الفيلالي إلى أن القانون الجنائي المغربي لا يميز بين الابتزاز والفساد، ويضع الراشي والمرتشي في نفس الكفة، بينما تشير بعض الدراسات التي أوردها الفيلالي إلى أن ظاهرة الفساد في المغرب تأتي إما في المرتبة الأولى أو الثانية كعائق أساسي للاستثمار، كما أن أكثر من 70 بالمائة من المواطنين الذين كانوا في علاقة مع القضاء صرحوا بأنه طُلب منهم أو اضطروا إلى دفع الرشوة. إلى ذلك تقدم، عبد السلام بودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، بمجموعة من المقترحات والتوصيات لدعم استقلالية القضاء، نذكر منها مراجعة قوانين التنظيم القضائي وإجراءات التقاضي، والسهر على انسجامها مع الضمانات الدستورية لاستقلالية القضاء، وتعزيز الاستقلالية المالية. كما أوصى بودرار بالإسراع بإحداث مرصد الإجرام لتعميق المعرفة بظاهرة الفساد، وتجميع الأحكام وتدوينها الاجتهادات القضائية المتعلقة بجرائم الفساد، وإحداث شرطة قضائية ونيابة عامة متخصصة، مع توجيه قضاء التحقيق نحو اعتماد محاضر الضباط الشرطة القضائية المتخصصة، والتنصيص على مبدأ الاستفادة والاستعانة بالخبرات المختصة.