اعتبر الأستاذ عبد اللطيف الحاتمي، عضو الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، أن انتشار الرشوة بالمغرب مرده إلى غياب التربية السليمة على مقومات وخصال المواطنة الحقة، معتبرا أن البداية السليمة للسير نحو القضاء على هذه الآفة تنطلق من التربية على المواطنة، هذه الأخيرة التي لا يمكن أن تفعل إلا باعتماد المدرسة سبيلا في ذلك. وأكد الحاتمي أمس، خلال كلمة ألقاها في الندوة الصحافية التي عقدتها الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة بالمغرب ترانسبارنسي المغرب بالرباط، إحياء لليوم الوطني الثامن لمحاربة الرشوة، أن هذه الأخيرة التي أصبحت حاليا وكأنها أمر عادي في السلوك اليومي المغربي، بما خلفته من صراعات قائمة بين المواطنة والأخلاق، لا يمكن القضاء عليها إلا بالرجوع إلى القانون، احتراما وتطبيقا. إلا أنه لم يخف صعوبة القضاء على هذه الآفة الخطيرة على خلفية أن الرشوة سلوك يتم بين شخصين هما الراشي والمرتشي، وأن كلا منهما يسعى إلى التستر على الآخر. ودعا الحاتمي في الكلمة ذاتها إلى التفكير في وسائل أخرى بهدف القضاء النهائي على هذه الآفة، بما في ذلك تفعيل وحسن تدبير اتفاقية الشراكة التي عقدتها أخيرا جمعية ترانسبرنسي المغرب مع وزارة التربية الوطنية بتاريخ 10 دجنبر ,2003 معتبرا أن إلغاء محكمة العدل الخاصة هو في حد ذاته عمل لن يحد من انتشار هذه الظاهرة المرضية. وفي السياق نفسه، أكدت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، اعتمادا على تحقيقات أجرتها، أن الرشوة تطال كل القطاعات بالمغرب (البناء والأشغال العمومية والجماعات المحلية والصحة والمالية والعدالة والتربية والنقل والمؤسسات العمومية والخاصة...)، وتؤثر سلبا على مختلف دواليب وأجهزة الدولة والاقتصاد والمجتمع، وبالتالي فإن الجمعية تعتبر أن القضاء على هذا المد غدا لازما وضرورة بالنظر إلى عواقبه وانعكاساته الخطيرة على تنمية البلاد. وأكد بشير الراشدي، رئيس الجمعية، في الكلمة التي ألقاها أن مختلف مشاريع محاربة الرشوة تصطدم بالباب المسدود عند مرحلة التطبيق العملي، معتبرا أن الانتقال إلى الفعل يتطلب إرادة سياسية قوية، والتزاما صارما من أجل وضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب، وتحييد التدخلات السياسية في شؤون وقضايا الرشوة. واعتبرت ترانسبرنسي المغرب أنه دون التمسك بدولة القانون فإن أية سياسة مستدامة لمحاربة الرشوة سوف لن تحظى بدعم الجميع لها، وأنه دون ضمان إطار قانون للمتابعات والعقاب، فإن كل خطابات الوعظ لن تحظى هي الأخرى بأية مصداقية. ورأت أن الإفلات من العقاب يساهم بلا شك في تعميم انتشار ظاهرة الرشوة والفساد، وفي تقويض أسس مجتمعنا. وحملت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة السلطة القضائية مسؤولية القيام بدور لا يمكن لغيرها القيام به، مؤكدة أن هذا الدور لا يمكن القيام به بقضاء استثنائي تخضع مساطره لمراقبة السلطة السياسية، داعية إلى إلغاء محكمة العدل الخاصة لعدة أسباب منها مثلا كونها تابعة مباشرة للسلطة السياسية وتمنح ضمانات قليلة للمتقاضين، بما في ذلك تقييد الضمانات الممنوحة للمتهم على مستوى التحقيق. عبد الرحمان الخالدي