أطلق المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، النار في جميع الاتجاهات ذات الصلة بسلطة القضاء والحقوق، مؤكدا أن ما تعيشه منظومة العدالة برمتها لا يمكن القبول به، وأن "واقع السييبة" مرفوض على عهده. وانتقد الوزير، أول أمس الأربعاء، أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، ما اعتبره "تطاولا لبعض المواطنين على هيبة الدولة، والاعتداء على القوات العمومية كما لو كانت قوات غازية"، مشيرا إلى أن علاقة موظفي العدل بالمسؤولين القضائيين باتت "مختلة". ودعا إلى الإسراع بتنزيل مقتضيات الدستور بشأن السلطة القضائية، وإعداد القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون التنظيمي للنظام الأساسي للقضاة. ويرى الرميد أن ذلك، إلى جانب إصلاح منظومة العدالة، سيساعد على تسريع البت في العدد المتزايد للقضايا الرائجة أمام المحاكم، التي بلغت خلال العام الماضي 3 ملايين و372 ألفا و54 قضية، في حين لم يبلغ عدد القضايا المحكومة سوى مليونين و456 ألفا و469 قضية، أي بنسبة 72.85 في المائة، وتخلف أمام محاكم الموضوع ما مجموعه 915 ألفا و305 قضايا، بنسبة 27.15 في المائة من القضايا الرائجة، فضلا عن أن 20 في المائة من تلك الأحكام تبقى من غير تنفيذ، خاصة الموجهة ضد الإدارات العمومية وشركات التامين. ورد وزير العدل عدم ترشيد الاعتقال الاحتياطي الذي سجل السنة الماضية 28 ألفا و500 معتقل، و65 ألفا و200 نزيل بالسجون، إلى معوقات السياسة الجنائية، داعيا مؤسسة النيابة العامة إلى إعادة النظر في طريقة تكييفها للملفات المعروضة عليها، ب"التفعيل الأمثل لمبدأ الملاءمة، وعدم تغليب التطبيق الآلي للنصوص القانونية، وعدم اعتبار الأمر بالاعتقال الاحتياطي عنوان حكم بالإدانة، كما هو رائج". وأكد الرميد، الذي تنقل رفقة "صقور" وزارته إلى مقر البرلمان مشيا على الأقدام، عدم فهمه "توالي إضرابات قطاع العدل، وخلافات بعض القضاة والمحامين، وإعطاء قضية أمينة الفيلالي أكثر مما تحتمل". وخاطب الرميد نواب اللجنة قائلا "مواقفي واضحة، وإذا كان فهمي قاصرا عن إدراك ما يصوب إليه عوام الناس في المجتمع ، فسأذهب إلى حال سبيلي"، مضيفا "أنتم سلطة التشريع، إذا كنتم تريدون تعديل أو إلغاء الفصل 475 المثار مع قضية الفيلالي ،فأنا معكم". ودافع الرميد عن تحسين رواتب القضاة وإحداث صندوق تغطية أتعاب المحامين المشاركين في نظام المساعدة القضائية بقيمة 50 مليون درهم، وعن حرصه على ضمان الحق في العدالة للمواطنين، وقال "لا تتسامح مع المحامين المتلاعبين والقضاة المرتشين والمواطنين المعتدين". وشدد الوزير على أنه سيكون صارما في محاربة الفساد في القضاء، حين أكد "لن نتسامح مع تلاعب المحامين في الودائع والشيكات، والموثقين، وسنكون مضطرين لإحالة الشكايات على النيابة العامة". ومنى الرميد نفسه بعدم اضطراره إلى تحريك مسطرة المتابعة والتأديب في حق أي قاض على عهده، ما لم يكن مجبرا على ذلك، مشددا على أن الإغراءات المالية في القضاء موجودة، وأن الرشوة تفسد القضاء، وتكون وبالا على الراشي والمرتشي. ونبه المسؤول القضائي الأول إلى أن قطاعه ما زال يعاني معضلة الإضرابات رغم إخراج القانون الأساسي الخاص بموظفي هيئة كتابة الضبط وتفعيله، متأسفا على "تسبب الإضرابات المتوالية لكتابة الضبط، خلال 2011، في إهدار 46 يوم عمل، ما ساهم في التأثير على سير المحاكم". وناشد الرميد لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب التصويت على مشروع الميزانية الفرعية لوزارته، التي تشكل 1.89 في المائة من الميزانية العامة للدولة.