تعرف مختلف المناطق التابعة لإقليمشيشاوة، المعروفة بمناخها الجاف، مشاكل بسبب غياب الماء الصالح للشرب أو تلوثه. وليس سكان شيشاوة أحسن حالا من باقي المدن والقرى، التي تعاني من ندرة المياه، بل إن درجة المعاناة فيها أكثر مرارة، بسبب الحرارة المفرطة في المنطقة. ولا يشرب بعض سكان شيشاوة -المركز مياه الصنبور والسبب، حسب عبد اللطيف، وهو موظف في شيشاوة ويقطن بمراكش، إنه «لم يشرب ماء المدينة لمدة سنتين، لأنه غير صالح للشرب»، لذلك فهو يفضّل اقتناء قنينات الماء، مثله مثل مجموعة من السكان الذين صرّحوا ل»المساء» بأن «ماء شيشاوة غير صالح للشرب»، في الوقت الذي اتصلت «المساء» بالمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ولم يجب أحد على اتصالها، حيث ظل الهاتف يرن دون مجيب. مواجهات دامية من أجل الماء يتذكر سكان دوار ادر أيت إسماعيل في ممتوكة -إقليمشيشاوة- الشجار الذي وقع مؤخرا بسبب الماء الصالح للشرب، والذي انتهى بإصابات وطعنات بالسلاح الأبيض في حق مؤذن الدوار المذكور وابنه حيث نقلا إلى المستشفى الإقليمي «محمد السادس» في حالة وصفت ب»الخطيرة»، كما أصيبت عدة نسوة ونُقلن أيضا إلى المستشفى، مما يعكس حجم المعاناة مع المياه ودرجة الحاجة إليها. وأكدت بعض الفعاليات الجمعوية في المنطقة أن غياب مراقبة الآبار التي حُفرت وفيها مياه صالحة للشرب يزيد من صعوبة الأمر، كما أن هناك آبارا حُفِرت ولكن ما يزال سكانها ينتظرون ربط منازلهم بها، في الوقت الذي جفّت بعض العيون في الإقليم، خاصة العين الوحيدة التي توجد في سيدي المختار، والتي كانت تستعمل للشرب وتسقي العشرات من البساتين، حيث كانت المتنفسَ الوحيد للساكنة، إلا أن يد الإهمال طالتها بعد استنزاف فرشتها المائية.. والضريبة يدفعها اليوم سكان المنطقة الذين يعانون بسبب غياب الماء. معاناة مع العطش رغم إلحاح الساكنة في دوار أولاد بوكراع، في جماعة سيدي المختار، فما يزال السكان يعانون الويلات مع العطش، رغم اعتماد شاحنة تابعة لوزارة الفلاحة من طرف السلطات تنقل الماء يوميا من منطقة سيدي المختار، البعيدة بحوالي ثلاثة كيلومترات، إلى الدوار، لكن تظل المعاناة مستمرة. يقول عبد السلام، أحد سكان المنطقة «إن صراع الساكنة حول بئر لم يكتمل إنجازه من طرف مقاول زاد من تعقيد الأمور، فالساكنة غير متفقة في ما بينها نتيجة صراعات واهية». وأضاف «نحن نعيش في عذاب جراء البحث عن قطرة ماء، فرغم قدوم الشاحنة المزودة بالماء بشكل يومي فإن القنينات والبراميل الصغيرة لا تكفينا، وخصوصا بالنسبة إلى المواشي».. تنسحب المعاناة نفسها على ساكنة «عزبان لعبيدات»، الذين يستعملون الدواب، حيث يضطرون إلى قطع العديد من الكيلومترات من أجل البحث عن الماء من سقاية توجد في دوار «لعبيدات»، أما في دوار «لكوايات» فإن ارتفاع ثمن المتر المكعب من الماء يزيد من غضب الساكنة، كما صرح أحد المواطنين، حيث ثم تفويت الماء الصالح للشرب من طرف المكتب الوطني للماء لشخص في الدوار بمبلغ بسيط إلا أن الشخص ضاعف المبلغ لمرات على الساكنة، زيادة على تحملهم مشاق إضافية لجلبه عبر الدواب، يضيف المصدر ذاته. صراعات سياسية تحرم السكان من الماء تتكفل ثلاث جهات بحفر الآبار التي توجد في جماعة «هْديل»، وهي آبار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والجماعات المحلية والحوض المائي وأخيرا آبار المنظمات غير الحكومية، مثل منظمة «ميدا».. ورغم كل ذلك ما تزال معظم الدواوير «تعيش العطش»، حيث تعيش دواوير (أولاد رحو ولعزيب ولحسينات) على وقع العطش نتيجة صراعات سياسية، حسب التصريحات التي أدلى بها السكان ل»المساء»، إذ إن نسبة المياه «غير كافية فيها»، كما أن هناك دواوير فيها آبار لم تُحفَر، وهي تابعة للحوض المائي، مثل دوار لمكيمل. وصرح مواطن من عين المكان بأنه يتم في بعض الأحيان إحداث ثقوب استكشافية دون الوصول لإلى الماء، مثل ما وقع في دوار لوحيدات، كما أن هناك آبارا «مالحة» بفي دوار أولاد الحاج وأولاد رحو، الشيء الذي يجعل معانة السكان تزداد أكثر مع هذه المادة. وأضافت المصادر ذاتها أنه في دواوير أولاد رحو ولعزيب والشعاب ثم اعتماد دفتر تحملات وصفوه ب»غير المنطقي»، حيث طالبوا بحفر الآبار ب«البريمة» وبمبلغ يناهز 27 مليون سنتيم، وهو الشيء الذي حرَم الساكنة من الاستفادة. سكان في شيشاوة يحتجون على تفويت آبار لمكتب الماء نظمت مجموعة من سكان جماعة «إروهالن» في إقليمشيشاوة وقفة احتجاجية أمام مقر الجماعة من أجل إسماع أصواتهم للمسؤولين، لأنهم يرفضون تفويت الآبار للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، فحسب تصريحاتهم، فهم «جد متضررين من هذا التفويت»، لأنهم «غير قادرين» على أداء التكاليف في هذه المناطق القروية والجبلية، في ظل غياب فرص للشغل وانتشار البطالة في صفوف السكان واعتمادهم على الفلاحة المعيشية. وفي الوقت نفسه، قالوا إن هناك اختلالات في التفويت الخاص بالآبار، حيث اعتبرت بعض الجهات في المنطقة آبارا في ملكيتهم فلاحية وأخرى تم التأشير عليها لتفويتها للمكتب، مطالبين بحقهم في الآبار والعيون الطبيعية وباستشارتهم قبل أي تفويت. حفر آبار بدون تراخيص توجد في تراب جماعة كماسة القروية، التابعة لنفوذ عمالة شيشاوة، ثروة مائية كبيرة، وخصوصا بين دواوير العواد والحصية التي تحولت إلى ضيعات فلاحية بمختلف المساحات، وقام بعض أصحاب هذه الضيعات بحفر أكثر من بئر واستغلالها، مما قد يتسبب في نقص في المياه الجوفية في المستقبل بسبب ما وصفه بعض السكان ب»الاستغلال المفرط للمياه». وأضافت المصادر ذاتها أن هذه الضيعات تسببت في نقص حاد للمياه لبعض الآبار التي تستغلها الساكنة في عدد من الدواوير التي أصبح سكانها يربطون منازلهم بعدادات الماء، مثل دواري أيت عبد الله والعواد. وقال بعض المواطنين إن نسبة كبيرة من فلاحي تراب جماعة كماسة يقومون بحفر الآبار بدون تراخيص وبشكل عشوائي، بالليل والنهار.. وليست منطقة سيدي المختار أحسن حالا من كماسة، حيث تعيش الوضع نفسه، إذ حُفِرت آبار بدون تراخيص وفي مناطق شبه حضرية.