يقولون إنهم يشعرون بالحكرة لأنهم الدوار الوحيد المحروم من الماء بالجماعة القروية «إننا نشعر بالحكرة لأننا الدوار الوحيد وسط الجماعة الذي لم يستفد من ربطه بالماء، رغم حفر البئر وتركها مغطاة، إنهم ينتقمون منا لأننا لم نصوت عليهم في الانتخابات الجماعية الأخيرة»، إنها العبارة التي قالها أوحاشت محمد ورددها كثير من ساكنة دوار آيت مولال بجماعة كطاية باقليم بني ملال لتلخيص معاناتهم اليومية مع الماء الصالح للشرب. على بعد خمسة كيلومترات من مدينة قصبة تادلة يوجد دوار آيت مولال، الذي ينتمي لتراب جماعة كطاية المكونة من تسعة دواوير كبرى، قبل أشهر تطوع أبناء الدوار وأسسوا جمعية لتنمية الدوار ورفع العزلة عنه، كان من أهم أهداف الجمعية، يقول عبد الرحمان واهيم، 58 سنة، « رفع العزلة عن الدوار ومعاناتنا مع الماء الصالح للشرب، لأن كل الدواوير بالجماعة تستفيد من الماء الصالح للشرب إلا دوار آيت مولال، تقدمنا بشكايات لرئيس المجلس لكن وعوده لم تتحقق رغم مرور أشهر على حفر البئر التي فوجئنا بعدم ربط منازلنا بمائها وتركنا نموت عطشا». يؤكد سكان دورا آيت مولال أنه يضم حوالي 70 أسرة تعاني عطشا شديدا، ويضطر أفراد هذه الأسر لقضاء الساعات في انتظار أن يشغل أحد المحسنين البئر الوحيدة بالدوار، ليحدث حولها الهرج والمرج والتسابق للظفر بنصيب من الماء، لا فرق بين الأطفال والشيوخ والنساء هنا، الكل يتسابق في مشهد يشبه منظر دوار من سنوات الجفاف الشديدة التي يعز فيها الظفر بشربة ماء، رغم أن ثقبا مائيا كان ينتظر أن يزود الدوار بمياه الشرب حفر وسط الدوار وكلف 12 مليون سنتيم، ظل مغلقا منذ أشهر. الوضع الذي يعيشه الدوار وضع استثنائي، حيث يقول المعطي الحقاوي إن ساكنة الدوار تقدمت بعدة شكايات منذ سنة 2000، وقد وصلنا لوضع أكثر من الحكرة لأنهم حفروا البئر وتركونا ننظر إليه دون فائدة». منظر الحمير المحملة بالحاويات والمرابطة أمام منزل واهيم في انتظار تشغيل محرك البئر أصبح مألوفا في الدوار، الحسن النوري الذي قطع مسافة ثلاثة كيلومترات رفقة هريمو ميمون من أجل الظفر بنصيب من الماء قال «أفكر في الهجرة من الدوار، فبعد قطع تلك المسافة نجد المحرك متوقفا وقد سبقنا ساكنة الدوار، أما تخوفنا ونحن نقطع الطريق يوميا فهو أن يصيب محرك البئر عطب بسبب الضغط الكبير عليه فهو بئر فلاحي في الأصل وليس بئرا مخصصا لتزويد الناس بالماء الصالح للشرب». مصدر «الحكرة» كما يقول ساكنة دوار آيت مولال سببه ما يعاينه ساكنة الدوار من الأوراش المفتوحة في باقي دواوير الجماعة، ففي الوقت الذي ربطت فيه كل الدواوير بالماء الصالح للشرب، تخلت الجماعة عن تجهيز البئر وتزويد السكان بالماء، وفي الوقت الذي يستفيد منه دوار «آيت الوالي» الذي ينتمي إليه رئيس المجلس من طريق ثالثة، يعاني سكان دوار آيت مولال من الحصار، «فقنطرة وادي «زمكيل» المهدمة تعزل الدوار عن المدرسة وعن السوق الأسبوعي، في الوقت الذي لا تعاني فيه باقي دواوير الجماعة من العزلة « يقول عبد الرحمان واهيم. الثقب المائي الذي يبلغ عمقه 190 مترا، ويتوفر على مياه غزيرة، كان أمل السكان في التزود بالماء وإنهاء معاناتهم اليومية، توقفت الأشغال به مباشرة بعد حفره حيث تمت تغطيته، البئر كلفت 12 مليون سنتيم من ميزانية الجماعة قبل حوالي سنة، وشهدت صعوبات وعراقيل حسب سكان الدوار حملت رئيس الجمعية التي أسسها السكان على أن يدفع شيكا كضمانة إلى المقاول إلى حين إنهاء الأشغال بالبئر، لكن أعضاء المجلس الجماعي كان لهم رأي آخر، يقول محمد أوحاشت إن «أعضاء داخل المجلس طالبونا بإقالة رئيس الجمعية للاستفادة من مياه الشرب»، وهو ما يؤكده العديد من سكان الدوار، ليعلنوا رفضهم مطالب المجلس وتشبثهم برئيس جمعيتهم وبالتالي استمرار معاناتهم في التزود بمياه الشرب. واعتبرت مصادر من الجمعية أن دوار آيت مولال يعاني من التقسيم الانتخابي الذي حكم عليهم بالتواجد في دائرة واحدة مع دوار الكامون الذي يضم أزيد من 160 أسرة، مقابل 70 أسرة بآيت مولال، وهو ما يجعل ظفرهم بمقعد داخل الجماعة وإسماع صوتهم مستحيلا، وكان لرفضهم التنازل عن ترشيح مرشح من الدوار، سببا كافيا لحرمان الساكنة من الماء الصالح للشرب. رئيس الجماعة القروية كطاية محمد العايدي أكد في تصريح ل«المساء» أن «الجماعة حفرت الثقب المائي ولا تجد الإمكانات المادية لإتمام مشروع تزويد السكان بالماء وقد طالبناهم بالبحث عن تمويل للعملية ونحن مستعدون للمساهمة فيها»، وعن اتهامات الدوار للمجلس، قال الرئيس، «لو كنا نعلم أنهم سيقولون هذا الكلام لما قمنا بحفر الثقب المائي، بالإضافة إلى أنهم مجموعة منازل قليلة ستكلف الميزانية الكثير وهي ضعيفة أصلا»، ونفى محمد العايدي «اشتراط إقالة رئيس الجمعية لربط الدوار بالماء». ويعول سكان آيت مولال اليوم على تدخل الولاية ومصالحها لرفع «الحصار المضروب علينا للتزود بالماء الصالح للشرب، خصوصا أن أحاديث راجت حول تخصيص المجلس الإقليمي لدعم لربط الدوار بالماء ذهبت أدراج الرياح»، وكان مطلب اللقاء بالوالي آخر خطوة تقدم بها السكان وتلقوا وعودا خلالها بحل المشكل في بداية الشهر الجاري، فيما يتواصل بالدوار منظر الرحلة اليومية في اتجاه البئر للتسابق من أجل الظفر بنصيب من الماء.