ما زالت ساكنة العديد من البوادي والقرى بالجهة الشرقية عامة وبإقليم تاوريرت خاصة منها دائرة العيونالشرقية تكابد وتعاني مع الجفاف والعطش والبحث عن قطرة ماء تسد بها رمقها وتبلل بها جفاف أجسادها، وتبقي على حياة أغنامها وأبقارها وبهائمها إن كانت ما تزال تحافظ على بعض الحيوانات في عز هذا الحر والقيظ، رغم الحديث المتكرر عن المجهودات لفكّ العزلة عنها ورغم تلقيهم عدة وعود من السلطات المحلية والمنتخبة بتزويدهم بالماء عن طريق حفر آبار بالمنطقة إلا أن ذلك بقي مجرد كلام في الهواء، حسب ما صرحوا به في إحدى الوقفات الاحتجاجية التي سبق أن نفذوها، أبريل الماضي، من أجل الالتفات لأوضاعهم. ويعاني سكان دوار سيدي موسى وأولاد خلوف بتراب جماعة مشرع حمادي دائرة العيونالشرقية من صعوبة الحصول على الماء الصالح للشرب، في ظل مسالك وعرة وتضاريس جبلية مستحيلة العبور وانعدام طريق معبدة تربط دوارهم بباقي الدواوير وبالطريق المعبدة المؤدية إلى سيدي ميمون، تمكنهم من طلب المساعدة والاستنجاد. «مازال مشكل التزود بالماء قائما منذ سنوات وما زال سكان بعض الجماعات يعانون مع العطش وينتظرون مستقبلا أن يصلهم الماء انطلاقا من سد مشرع حمادي بعد أن مدت القنوات وأقيمت المحطات»، يقول أحد السكان المتضررين، ثم يشير إلى أن البئر الوحيدة المتواجدة بالمنطقة بدوار أولاد سعيد تبعد عنهم بأكثر من أربعة كيلومترات، مما يضطرهم لقطع هذه المسافة، حيث تفوق مدة الرحلة بين الدوار والبئر ثلاث ساعات ذهابا وثلاث ساعات إيابا في ظروف صعبة بالنظر إلى وجود مسالك طرقية متردية خاصة في موسم تهاطل الأمطار، حيث تنقطع الطرق جراء السيول وفيضان الأودية . إن الحل الذي اتخذه هؤلاء السكان المحرومون للتخفيف من المعاناة والإبقاء على الحدّ الأدنى من الحياة بالمنطقة والحفاظ على قطعان الأغنام والماعز والأبقار هو شراء المياه من الشاحنات الصهريجية بثمن 200 درهم للصهريج يضمن حوالي أسبوعا من المتطلبات، فيما يقصد العديد منهم البئر القريب للتزود بالماء الصالح للشرب وملء الصفيحات لتوريد البهائم. يعيش عشرات الأسر من مختلف الدواوير بجماعة مشرع حمادي، في عزلة شبه تامة بسبب النقص الكبير في وسائل النقل، من وإلى مدينة العيونالشرقية أو جماعة مشرع حمادي، خصوصا وأن المنطقة معروفة بتضاريسها الجبلية ووعورة مسالكها، كما أن بعض تلاميذ الابتدائي مجبرون على قطع مسافة سبعة كيلومترات سيرا على الأقدام إلى حجراتهم الدراسية، فيما ينقطعون عن الدراسة أيام تساقط الأمطار، كما أن معاناة السكان تتضاعف في حال أصيب أحدهم بمرض أو بالنسبة للنساء الحوامل، حيث يجدون صعوبة كبيرة في نقل المرضى إلى المركز الصحي لمدينة العيونالشرقية في ظل غياب وسائل النقل، وامتناع عدد كبير من أصحاب السيارات عن الولوج إلى هذه الدواوير المنعزلة بسبب وعورة المسالك الجبلية واهتراء مقاطع كبيرة من الطريق، إضافة إلى افتقار جماعة مشرع حمادي إلى مركز صحي في المستوى وإعدادية ومجموعة من المرافق الاجتماعية والاقتصادية الحيوية.