تقع جماعة دارالشاوي في الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة طنجة على بعد 40 كيلومترا وقد شكلت منذ بداية القرن العشرين مركزا حيويا رائدا ، إذ كانت تتوفرعلى تجهيزات ومرافق اجتماعية ، منها مدرسة للتكوين خرجت عددا من الأطر، وداخلية ومركز صحي ، ومركز فلاحي كان له إشعاع على الصعيد الجهوي، كما كانت تتوفر على مساحات من الأراضي الفلاحية الخصبة، ومنها سهول (مرج اقمر) التي تحولت في بداية التسعينات إلى حقينة سد 9 أبريل الذي أنشئ بالمنطقة من أجل معالجة مشكل العطش بطنجة التي كانت تعاني خلال هذه الفترة من الأزمة المائية بسبب الجفاف، مما فرض عليها التزود بماء الجرف الأصفر بواسطة خزانات البواخر . فمع هذا التاريخ ستدخل دار الشاوي مرحلة العد العكسي ، إذ سيقتطع السد مساحات واسعة من أجود أراضيها ، كما سيتتم تحويل الطريق الرئيسي خارج القرية التي كانت تشهد رواجا تجاريا قويا بفعل تمركز عدد من المحلات التجارية والمطاعم التي كانت تستقطب الزبناء من المسافر ين. فانطلاقا من هذه المحطة ستكتسي دار الشاوي طابعا آخر يشي بالجمود والاحتضار المستمر ، ويتجسد ذلك في تقلص عدد سكانها بنسبة 50/ ، حيث انتقل العدد من 10 آلاف نسمة سنة 1990 إلى أقل من 50 ألف نسمة فقط ، بسبب نفاذ إمكانيات العيش والاستقرار، وتعطل أنواع النشاط الاقتصادي، وتزايد نسبة البطالة الناتجة عن نزع الأراضي الفلاحية ، وقد انعكس ذلك أيضا على مستوى فعالية مركز الجماعة الذي تدهورت المؤسسات التابعة له ودخلت في طور الاحتضار والانقراض، والمثال المركز الفلاحي، والمدرسة القديمة ، والمكتب البريدي ، والمركز الصحي، إذ تحولت هذه المرافق إلى مجرد أطلال.. وكان الأثر السيئ هو الذي لحق بالدواوير التابعة للجماعة والتي يقدرعددها ب11 مدشرا تبعد عن المركز بعدة كيلومترات كلها مناطق غابوية وتضاريس وعرة يسكنها الوحش، فمعظم هذه المناطق تعيش حالة العزلة التامة وبالدرجة الأولى دواوير(القلعة ، دار الصف، بنيحكيم، خندق السنان) فهي مناطق شبه مهجورة بعد انتزاع أراضي ساكنتها ، كما تشكو من غياب المسالك والطرق، وهي لا تتوفر أيضا ولو على مرفق عمومي واحد ومنها ( المدارس ، والطرق، والإنارة ... ، والمركز الصحي..) فسكان هذه المناطق لا زالت الأقدام والدواب هي وسيلتهم في التنقل، كما أن التعليم بالنسبة لهم هو الكتاتيب، والصحة هي التداوي بالوسائل التقليدية ، والمرضى والحوامل في حالة الخطر يحملون فوق النعوش من أجل نقلهم إلى المركز، أو إلى طنجة . وللعلم فإن منطقة القلعة وابن احكيم كانتا في شهر شتنبر 2010 مسرحا لظهور مرض قاتل للأبقار أدى إلى نفوق عدد من الرؤوس بكيفية مفاجئة، وقد وجدت الجهات المسؤولة ومنها المصالح البيطرية -التي بذلت مجهودا من أجل تشخيص المرض - وجدت صعوبة في التنقل والتواصل مع الساكنة بسبب انعدام المسالك وبعد المسافة . والمثير هو أن هذا النزوح عن المنطقة لا يشمل فقط الملاكين وأصحاب الأراضي التي خضعت لقرار نزع الملكية، ولكن يشمل أيضا العوائل والأسر الفقيرة التي كانت تعيش مع أصحاب العقارات ، فقد وجدت نفسها مكرهة على الرحيل بعد أن جفت منابع الرزق. وحول هذا الواقع يصرح لنا السيد محمد سعيد الزلال رئيس الجماعة " لقد تضررت جماعة دار الشاوي و جماعة المنزلة من مشروع السد إذ لا تستفيدان ولو بنسبة أقل من 1/ منه ، وعلى العكس فقد حكم عليهما بالعزلة بعد أن أخذت أراضيهما ، وهو ما يفرض أن تكون هناك التفاتة خاصة لساكنة المنطقة التي تمر بظروف صعبة .. والمشكل الآن بعد إقامة السد الذي لا ننكر أهميته، هو أن دار الشاوي لا يمكن أن تستقبل منطقة صناعية من أجل توفيرمناصب الشغل وإنعاش اقتصاد المنطقة، لكن لماذا لا يتم طرح مشاريع سياحية غير ملوثة ، خاصة وأن المنطقة غنية بالماورد الطبيعية الملائمة للسياحة الجبلية التي تستهوي الزائرين، ويلاحظ ذلك في الهجرة المعاكسة نحو المنطقة التي يقوم بها بعض الموسرين والأجانب الذين يبحثون عن أجواء الهدوء الخالية من التلوث، حيث يقدم هؤلاء على اقتناء العقارات في الأماكن التي يختارونها من أجل إقامة السكن الخاص بالاستراحة . لكن هؤلاء بدورهم يشكون من غياب التحفيزات لجلب المشاريع السياحية للمنطقة ، ومنها غياب البنيات التحتية ، وانعدام الطرق والمسالك، بالإضافة إلى التعقيدات المرتبطة بتملك العقار ، إذ أن 80/ من العقار تابع لأملاك أراضي الجموع كما أن مواريد الجماعة جد محدودة ، وهي تنحصر في تحويلات الضريبة على القيمة المضاف، ومواريد بيع المنتوج الغابوي، فحتى رخص الصيد في في مياه السد لا تستفيد منها الجماعة، بعد قيام الحوض المائي لوكوس بمنح مجموعة من الرخص مدتها 10 سنوات دون علم من الجماعة، وفي صدد البحث عن فرص جديدة لفك العزلة، قامت لجنة مختلطة بزيارة إلى المنطقة من أجل توفيرالعقار ،حيث تم تعيين 30 هكتارا من الأراضي بهدف تصفيتها وإعدادها للاستثمار واستقبال المشاريع التنموية، وهي مهمة تشرف عليها وزارة الفلاحة بواسطة مكتب للدراسات متواجد بالرباط، وتعترض المشروع صعوبات التواصل النتاجة عن غياب الطرق والمسالك. كما تتوفر الجماعة على تصميم للنمو يسمح بمنح تراخيص البناء اعتمادا على ضابطة للتعمير في غياب تصميم التهيئة الذي لا زال في طور الدراسة" . وحول إمكانيات الجماعة وبرنامج العمل المقررمن طرف المجلس، يتضح أن الجماعة الفتية بالرغم من ضعف ميزانيتها التي لا تتعدى 2.8 مليون سنتيم ، برسم ميزانية 2011 ، يخصص منها 85/ لأجور اليد العاملة والموظفين، فإن المجلس يحاول التغلب على الإكراهات الموجودة والتحرك في كل الاتجاهات ، من أجل إنعاش المنطقة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبالرجوع على وضعية المرافق والبنيات التحتية داخل الجماعة ينكشف حجم الفارق بين الواقع المر المطبوع بالخصاص وبين الطموحات العريضة للساكنة على كافة المستويات. إن التغطية بشبكة الماء الشروب لا تشمل إلا المركز، لكن يتوفر برنامج وطني يشمل تغطية بعض الدواوير الموجودة ، إلا أن أشغال الإنجاز تعترضها بعض الصعوبات بسبب غياب الطرق والمسالك، ومن جانب آخر توجد اتفاقية لشق الطرق على مسافة 12 كيلومترا نحو الدواوير، موقعة بين الجهة ومجلس العمالة من المقرر إنجازها سنة 2012 . وفيما يخص مشكل التطهير الذي تعاني منه الجماعة ، والذي ينعكس سلبا على مياه السد وعلى المحيط، فقد تم توقيع اتفاقية سنة 2007 تتضمن اعتمادا (متوفرا ) بقيمة 2 مليون درهم تم الحصول عليه من وزارة الداخلية، ويهم المشروع إعادة تأهيل وتوسيع الشبكة داخل مركز دار الشاوي. وبالنسبة لمطلب إنشاء محطة للتطهير والمعالجة من أجل منع تسرب المياه العادمة لمركز دار الشاوي إلى سد 9 ابرل ، فلقد تأخر المشروع الذي لا زال قيد الدراسة ، وفي هذا الصدد تم اختيار مواقع بديلة توجد داخل نفوذ جماعات تابعة لإقليم تطوان . وللعلم فإن دار الشاوي كانت تتوفر على محطة جاهزة للتطهير أنشئت منذ سنوات على جانب النهر إلا أنها لم تشغل قط سواء قبل إنشاء السد أو بعده، وظلت عرضة للإهمال والتلاشي حتى تحولت إلى أطلال مهجورة ، وتعرضت آلياتها الحديدية للنهب والسرقة والتخربيب. وقد تم التفكير في تغيير الموقع القديم للمحطة بسبب قربه من السد ببضع أمتار فقط. كما تجدر الإشارة إلى أن التهديد المرتبط بالتلوث في المنطقة لا زال قائما ويتمثل في شبكة التطهير التي تصب في مياه السد، وفي نفايات مصنع لتمليح السمك يوجد بالمنطقة . وإذا كان ساكان طنجة لا يتزودون بماء سد 9 أبريل إلا بعد خضوعه للمعالجة التي تتم بواسطة محطة المعالجة الموجودة خارج السد بمنطقة واد الحاشف. فإن ساكنة دار الشاوي يشربون ماء السد بواسطة مضخة رئيسة لتوزيع الماء الدور قبل خضوعه للمعالجة. التعليم بدوره يعاني مشاكل عويصة بالمنطقة، فبالرغم من توفر مدرسة وملحقة إعدادية بالمركز فلا زال البناء المفكك هو سيد الموقف في المدارس المقامة بنسبة عالية ، عما أن بعضا من الدواوير المعزولة عير مغطاة بمدارس، وفي هذا الصدد تتوفر بالجماعة دار للطالبة من إنشاء مجلس الجماعة ، وسيتم الشروع في تشغيلها في غضون السنة المقبلة، وهي الآن جاهزة وتضم 80 سريرا. هذا وتشكو المنطقة من تدني نسبة التمدرس، وارتفاع درجة الهدر المدرسي، وخصوصا في صفوف الفتيات . وفي هذا الصدد تم الاتفاق بين المجلس ونائب وزارة التربية الوطنية بعمالة طنجة أصيلة على خلق مدرسة جماعاتية بالمركز مجهزة بقسم للداخلي في أفق سنة 2011 . ومن جانب آخر تشكو الجماعة من خصاص مهول في المجال الصحي حيث اضطرت الجماعة مؤخرا لبناء مقر مؤقت يأوي الخدمات الصحية المتواضعة التي كان يقدمها المركز الصحي التابع لوزارة الصحة ، بعد أن أصبح هذا الإخير غير صالح للاستعمال في انتظار خضوعه للترميم والإصلاح في إطار مبادرة التنمية البشرية باعتماد مخص لذلك قدره 45 مليون سنت ، والمركز في الأصل يتوفر على طبيب وممرضين ، وقسم للولادة..) لكن يفتقر إلى سيارة الإسعاف، وسيسعى مجلس الجماعة إلى توفيرها في السنة المقبلة .. مرافق أخرى بالجماعة ليست أكثر حظا مما سبق ، ومنها مقر الاتحاد النسوي الذي أصبح مغلقا بسبب انعدام الأطر، وغياب دار الشباب ، والمكتبة ، وتراجع خدمات المركز الفلاحي التي تحولت بنايته القديمة إلى مجرد اطلال. - ومن العوامل التي تسهم في عدم استقرار السكان، بطء البرنامج الخاص بالكهربة القروية، فلا زالت ثلاثة دواوويرغير معنية (كالقلعة ،ودار الصف، وبنيحكيم) مع وجود أزيد من 50 دارا لم تستفد من العملية في الدواوير المشمولة بالاتفاقية، هذا فضلا عن تدني خدمات المكتب الوطني للكهرباء ، وتتمثل في تساقط الأعمدة الكهربائية في كل الدواوير، وبعد إدارته عن الساكنة..) كما يطرح مشكل ضعف الإنارة العمومية ومحدودية التغطية داخل المركز بسبب ضعف الاعتمادات ، وقلة وسائل العمل. وحسب رأي السيد محمد سعيد الزلال، الذي يدلي ببعض المقترحات التي يرى أنها كفيلة بتغيير الوضعية منها تسجيع السياحة الجبلية، خلق صناعات غير ملوثة، ويعلق الأمل أيضا على الاتفاقية الموقعة مع المجلس الإقليمي والجماعات القروية بالإقليم، من أجل تأهيل محيط العالم القروي خلال ما تبقى من الولاية الحالية اعتمادا على الفائض السنوي للمجلس الذي سيخصص كل سنة لهذا الجانب وسيقسم على الجماعات القروية، وقد تكون لدى المجلس الإقليمي الآن رصيد مليار سنت في الحساب المرصود لهذا المشروع . وقد وعد الوالي مِؤخرا أمام مكتب الجلس الإقليمي بتوفير غلاف مالي إضافي يتراوح بين 10 و15 مليار سنت لتأهيل العالم القروي.