بلغ حجم الميزانية التي خصصتها الدولة لقطاع الجيش لسنة 2009، ما مجموعه 34.625 مليار درهم، بزيادة تفوق 10 في المائة ميزانية السنة الماضي، وستخصص لتحديث وحدات الجيش المغربي وأسطوله الحربي وأسلحته. وحسب عبد الرحمان السباعي، الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني، فإن الميزانية المخصصة للجيش تمثل 16 في المائة من حجم الميزانية العامة للدولة، مؤكدا أن الاتجاه يمضي في إطار تحسين وضعية عناصر الجيش بكل أسلاكه، ودعم وتطوير العتاد والأسطول العسكري المغربي. هذا التوجه المعلن من قبل الدولة بشأن استمرار دعم قطاع الجيش، حسب محمد الغماري، الخبير في الشؤون العسكرية، يؤكد استمرار صدارته لاهتمامات الدولة. فميزانية السنة الحالية –يضيف- هي ميزانية قوية ومهمة تخصصها الدولة مقابل ضمان دعمه للسلطة. وأردف قائلا: «لا أظن أن الجيش سيقوم في الوقت الراهن بأي عملية عسكرية على المستوى الدولي، وكذا في قضاياه الترابية، خاصة قضية الصحراء وسبتة ومليلية السليبتين، ولكن نشاطه ينصب بالأساس على دعم التغييرات الداخلية للبلاد، وكذا إظهار تضامنه الدولي في إطار ما يسمى بالحرب ضد الإرهاب». واعتبر الغماري تخصيص ميزانية قوية للجيش «مؤشرا قويا على استمرار إعطائه الأولوية على باقي القطاعات الأخرى، وأنه الجهاز المحترم من قبل السلطة». إلى ذلك، خطا عدد من النواب البرلمانيين خطوة تعد الأولى من نوعها، خلال الاجتماع الأخير للجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية، والذي عرض فيه الوزير عبد الرحمان السباعي الميزانيات الفرعية لقطاع الجيش. وانطلق النقاش بأسئلة حول أوضاع الجيش وانزلاقات بعض عناصره وتأثير ذلك على سمعة القطاع على المستويين الداخلي والخارجي. وفتحت سمية بنخلدون، نائبة عن حزب العدالة والتنمية، باب النقاش بطرحها مجموعة من القضايا المتعلقة بأوضاع الجيش وهفواته. وحذا حذو برلمانية العدالة والتنمية عدد من النواب الآخرين، الذين واجهوا الوزير السباعي بعدد من التجاوزات التي تقوم بها بعض العناصر المحسوبة على الجيش، فكان رده ضرورة تقديم حالات معينة بدل الحديث عن العموميات. واستنادا إلى بعض العناصر، فإن الحديث عن ميزانية الجيش ومناقشتها، يبقى أمرا بعيد المنال، وهو ما دفع النواب البرلمانيين إلى تعويضه بالحديث والنقاش في قضايا الجيش الأخرى. وفي هذا السياق، قال محمد عداد، رئيس لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية إن «الحديث عن ميزانية الجيش ومناقشتها يدخل في صلب صلاحيات اللجنة التي يشرف عليها». وأضاف في تصريح ل«المساء» أن «توسيع حجم الميزانية المخصصة للجيش هذه السنة يدخل في إطار إعادة تنظيم القوات المسلحة الملكية بجميع أسلاكها، وكذا تطوير تجهيزات القطاع العسكري». وقال في هذا الإطار: «لا يخفى على أحد أن استراتيجية المغرب في الدفاع الوطني تواكب التهديدات الدولية الحالية، خاصة وأن جيراننا يتسلحون باستمرار، ونحن أيضا يجب أن نواكب هذه المتغيرات». وبخصوص الجانب الاجتماعي لعناصر الجيش، قال عداد: «الميزانية الحالية خصصت مبلغا مهما لتحسين الوضعية الاجتماعية والصحية لعناصر الجيش بمختلف أسلاكه، حيث ستطبق زيادات مهمة، خاصة بالنسبة إلى الجنود وضباط الصف». وبمقتضى الميزانية الحالية، تم تخصيص 15 مليار درهم لإعادة النظر في رواتب الموظفين والأعوان والجنود والضباط، وهي الزيادة التي أعلن عنها منذ سنة 2002، غير أنها لم تر النور، فضلا عن تخصيص 9.5 ملايير درهم لاقتناء المعدات والعتاد، و10 ملايير درهم لبناء قواعد عسكرية وإصلاح ثكنات ومدارس عسكرية وتحديث البنايات العسكرية وإقامة مدرسة عليا للاستراتيجية الحربية لتكوين كبار ضباط الجيش. وعلى الرغم من أن عددا من البرلمانيين طرحوا مشاكل الجيش خلال اجتماع لجنة الخارجية، فإن مناقشة الميزانية تبقى أمرا بعيد المنال، حيث تمرر بالإجماع، شأنها شأن ميزانية القصور. وفي هذا السياق، قال محمد الغماري، الخبير في الشؤون العسكرية، إن ميزانية الجيش «مثلها مثل ميزانية القصور لا تراقب، إنما تثار كأرقام تمرر ويصادق عليها بالإجماع دون مناقشة»، وأشار إلى أنه «حتى اللجنة المكلفة بشؤون الجيش داخل البرلمان يصعب عليها مناقشة هذه الميزانية، وكذا تقديم أي معلومات أو أرقام إضافية، خارج ما يعلن عنه رسميا». وهذا الأمر، يؤكد، «يطرح مشكلة حقيقية تجعل قطاع الجيش محصنا بقوة على الرغم من الانتقادات الكثيرة الموجهة إليه».