رضى زروق عاشت مدينة تطوان من الرابع والعشرين من شهر مارس الماضي، إلى غاية الواحد والثلاثين منه، على إيقاع الدورة الثامنة عشرة لمهرجان السينما المتوسطية. المهرجان اختلف هذا العام عن دوراته السابقة، فقبل انطلاقه بأسابيع، أثار المستشار الجماعي الأمين بوخبزة (حزب العدالة والتنمية) جدلا كبيرا عندما وجه انتقادا صريحا لسياسة المهرجان، كما دق مدير المهرجان أحمد حسني ناقوس الخطر عندما أقر بوجود أزمة مالية تهدد مستقبل هذا الحدث السينمائي السنوي، وانتقد بعدها الجماعة الحضرية لمدينة تطوان، متهما إياها بعدم تطبيقها لمقتضيات العقد الذي يجمعها بمؤسسة المهرجان، والقاضي بمساهمتها في ميزانيته بشكل سنوي. حفل افتتاح مهرجان السينما المتوسطية كان باردا هذه السنة، شأنه في ذلك شأن الطقس الذي شهدته المدينة طوال الأسبوع، إذ لم يسجل أي حضور للوزراء والمسؤولين الذين تقضي الأعراف بحضورهم إلى مثل هذه المناسبات، فتغيب وزير الاتصال مصطفى الخلفي، ووزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي، ومحمد نبيل بن عبد الله، وزير السكنى ورئيس المؤسسة المنظمة للمهرجان. المهرجان انطلق على إيقاع التظاهر والاحتجاج، إذ تسمر عشرات المعطلين والمحتجين، المنتمين إلى حركة 20 فبراير والجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب-فرع تطوان وجمعية «تمودة للمجازين» بتطوان، أمام سينما «أفينيدا» رغم الأمطار الغزيرة، لترديد شعارات تهاجم المهرجان وتتهمه بتبذير المال العام. ومنذ انطلاق المهرجان، ظهر أن هناك ارتباك وارتجال في التنظيم والتنسيق، إذ عانى المتفرجون بسينما «أفينيدا» أحيانا من أخطاء تقنية، وأحيانا أخرى من أخطاء تنظيمية، كما كان الشأن بالنسبة إلى الأمسية الاختتامية التي شهدت فوضى عارمة، تضرر منها صحافيون لم يجدوا لأنفسهم مكانا مخصصا لهم داخل القاعة، رغم عملهم على تغطية المهرجان على امتداد 8 أيام. الفوضى التنظيمية لم تمس الصحافيين فقط، بل وصلت إلى حد منع ممثل مغربي كبير، من حجم محمد بسطاوي، من ولوج القاعة السينمائية من الباب المخصص لكبار الضيوف والمكرمين ووالي الجهة والوزراء، الذين غابوا بالمناسبة عن حفل الاختتام، وطُلب منه الدخول من الباب الجانبي المخصص لباقي الفنانين، علما أنه حضر إلى مدينة تطوان كممثل لعب دور البطولة في فيلم «أياد خشنة» وناب عن مخرج الفيلم محمد العسلي. الأمور كادت أن تتطور إلى الأسوأ في اليوم الختامي، خاصة عندما توجه بسطاوي غاضبا نحو باب السينما قصد المغادرة، قبل أن يعدل عن قراره بإلحاح من زميله محمد مجد، الذي خصص له حفل تكريم في نفس الليلة. منع بسطاوي من دخول القاعة السينمائية، قابله استقبال حافل للنجم المصري كريم عبد العزيز، الذي وجد صعوبة في ولوج المكان، بسبب تدافع معجبيه والمصورين والصحافيين. وبعيدا عن الخلل الموجود في التنظيم، الذي بات شيئا مألوفا في أغلب المهرجانات السينمائية والموسيقية المنظمة في بلادنا، تابع عشاق الفن السابع، طيلة الأسبوع الماضي، طبقا سينمائيا متنوعا، اكتشف خلاله أعمالا موفقة لمخرجين يجهلهم المغاربة. وهكذا اكتشف الحضور أفلام جميلة من إيطاليا واليونان والصرب ومصر ورومانيا وتونس، فضلا عن الأعمال المغربية، التي حظيت بمتابعة كبيرة جدا، خلال الدورة الثامنة عشرة للمهرجان، سواء تلك التي شاركت في المسابقات الرسمية أو تلك التي عرضت خارج هذا الإطار، كفيلم «الأندلس مونامور» لمحمد نظيف. الحضور المغربي كان لافتا خلال حفل توزيع الجوائز، إذ حصدت الأعمال المحلية نصف الجوائز المخصصة للفيلم الطويل، بتتويج «موت للبيع» لفوزي بنسعيدي بالجائزة الكبرى للمهرجان، وحصول فيلم «أياد خشنة» للمخرج محمد العسلي، على جائزتين: الأولى خاصة بجائزة الجمهور، والثانية تخص جائزة أحسن دور نسائي، التي فازت بها الممثلة هدى الريحاني. المغرب كان حاضرا أيضا من خلال الفيلم القصير، بجائزة الابتكار، التي عادت إلى المخرجة هدى بنيامينة، عن فيلمها «الطريق إلى الجنة»، وكذا من خلال الفيلم الوثائقي، في شخص الممثل نبيل عيوش عن شريطه «أرضي».
أقوى لحظات المهرجان : السبت 24 مارس: احتجاج لمعطلي المدينة في حفل الافتتاح وغياب تام للوزراء وكبار المسؤولين عن حفل الافتتاح. تكريم المخرج المغربي محمد إسماعيل وعرض فيلمه الأخير «الزمان العاكر». الأحد 25 مارس: تنظيم ندوة حول موضوع «رقمنة السينما» بحضور خبراء سينمائيين مغاربة ودوليين. انطلاق المسابقة الرسمية للمهرجان بعرض فيلم إيطالي وحضور جماهيري كبير للفيلم المغربي «أياد خشنة». الاثنين 26 مارس: استقبال شاحب للسينمائيين السوريين المدعوين إلى المهرجان عشية عرض فيلم «صندوق الحياة». الثلاثاء 27 مارس: عطب فني يؤجل عرض الفيلم المغربي «الرجال الأحرار» لمخرجه إسماعيل فروخي، وتعويضه في آخر لحظة بالفيلم المصري «كف القمر». الفيلم المثير للجدل والممنوع في مصر «الخروج من القاهرة» يعرض بحضور جمهور غفير. الأربعاء 28 مارس: انطلاق مسابقة الفيلم القصير بعرض الفيلم المغربي «هي» و4 أفلام أجنبية جيدة المستوى. الخميس 29 مارس: جمهور كبير العدد يشاهد فيلم «موت للبيع» لفوزي بنسعيدي، اضطر المنظمين إلى فتح الطابق العلوي لسينما «أفينيدا». الجمعة 30 مارس: عرض الفيلم الجزائري المثير للجدل «نورمال» لمرزاق علواش. السبت 31 مارس: تتويج «موت للبيع» لفوزي بنسعيدي بالجائزة الكبرى لمهرجان تطوان.