في ظل التحديات المناخية المتزايدة التي يشهدها المغرب، والمتمثلة في تواتر موجات الجفاف الحادة والتغيرات المناخية المتطرفة، تستعد جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب، بشراكة مع عدد من الفاعلين المؤسساتيين، لتنظيم الأسبوع الوطني للماء 2025 تحت شعار "في وجه التقلبات المناخية تستمر الطوارئ المائية ضمانا لاستدامة المياه وخدماتها". تهدف هذه التظاهرة البيئية إلى تعبئة المواطنين وتعزيز وعيهم بضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لحماية الموارد المائية في وقت يواجه فيه المغرب تحديات غير مسبوقة بفعل تناقص المخزون المائي واستمرار العجز السنوي في المياه السطحية والجوفية. ستنطلق الدورة السادسة للأسبوع الوطني للماء يوم السبت 22 مارس المقبل، بندوة وطنية بمركز المحمدية للتربية البيئية، ستشهد توقيع اتفاقية شراكة بين الجمعية ووكالة الحوض المائي لأبي رقراق، بهدف تعزيز التعاون في مجال تدبير الموارد المائية. كما ستعرف هذه الدورة تنظيم سلسلة من الندوات الجهوية في مدن تطوان، مراكش، فاس، أكادير، وكلميم، إلى جانب أنشطة ميدانية تشمل زيارات استكشافية لمسارات المياه، بما في ذلك السدود، محطات المعالجة، محطات تصفية مياه الصرف الصحي، والأراضي الرطبة، من أجل تمكين المشاركين من فهم أعمق لدورة المياه وتحديات الحفاظ عليها. يحيي المغاربة اليوم هذا الحدث في سياق مناخي يتسم بتوالي فترات الجفاف الممتدة، مترافقة مع نوبات أمطار وحرارة شديدة، ما يجعل الحاجة إلى اعتماد سياسات مائية أكثر صرامة ضرورة ملحة. وتؤكد الهيئة العلمية التابعة لمجموعة الخبراء الحكوميين حول التغيرات المناخية (GIEC) أن العالم يتجه نحو زيادة حدة وتواتر الظواهر المناخية القصوى، مما يضع المغرب أمام مسؤولية كبيرة لحماية أمنه المائي. وتشكل الزراعة والسياحة، اللتان تعتمدان بشكل كبير على المياه، عمودًا فقريًا للاقتصاد الوطني، ما يبرز الحاجة إلى إدارة مستدامة لهذا المورد الحيوي عبر تسريع مشاريع التكيف وتعزيز آليات التخزين وإعادة التدوير والاستخدام الفعّال. تدعو هذه المبادرة إلى تجاوز حالة التراخي وتكثيف الجهود لضمان الاستدامة المائية، من خلال تنفيذ إصلاحات هيكلية تساهم في إشراك جميع الفاعلين، سواء من المواطنين أو المؤسسات، في إدارة الموارد المائية بفعالية. ويبرز ضمن محاور هذا الحدث إطلاق "بوصلة رواد التغيير للماء BAC EAU"، وهي منصة رقمية مفتوحة تهدف إلى توجيه الأفراد نحو سلوكيات مسؤولة في استهلاك المياه، عبر ثلاث مراحل رئيسية: الفهم، التقييم، والعمل. وتتيح هذه البوصلة تقييم الأثر المائي لكل فرد داخل بيئته، سواء في منزله أو مؤسسته التعليمية أو محيطه الجغرافي، مما يعزز الوعي بأهمية اتخاذ قرارات يومية مستدامة تسهم في تقليل استهلاك المياه وتحسين إدارتها. وتسعى الجمعية وشركاؤها من خلال هذا الأسبوع إلى خلق حوار وطني حول السياسات المائية وتعزيز التعاون بين مختلف الجهات الفاعلة، سواء الحكومية أو المدنية، لضمان الأمن المائي للأجيال القادمة. فالرهان اليوم لم يعد يقتصر على البحث عن حلول مرحلية، بل يتطلب وضع استراتيجيات طويلة الأمد تضمن ترشيد استهلاك المياه، تطوير مصادر غير تقليدية، وتعزيز البحث العلمي والابتكار في هذا المجال. أمام هذه التحديات، تظل حماية الموارد المائية مسؤولية جماعية، تتطلب مشاركة فعلية من الجميع لضمان مستقبل مستدام لهذا المورد الحيوي.