حصلت «المساء» على وثائق تقدم رواية أخرى في قضية "انتحار واغتصاب" طفلة العرائش أمينة الفيلالي. وتفيد الوثائق المذكورة أن أمينة الفيلالي نفت أثناء الاستماع إليها أن يكون زوجها مصطفى الفلاق اختطفها أو افتض بكارتها بالعنف، مشددة على أنها هي التي كانت تتصل به هاتفيا وأنها مارست معه الجنس عن طيب خاطر في انتظار أن تتزوج به. كشفت محاضر الاستماع إلى الأطراف المعنية بقضية الطفلة /الزوجة أمينة الفلالي، التي أثار انتحارها ردود فعل قوية في المغرب في الأسابيع الأخيرة، حول تفاصيل مثيرة عن البدايات الأولى لعلاقة أمينة بمغتصبها مصطفى الفلاق، الذي أصبح في وقت لاحق زوجها، قبل أن تقدم على الانتحار. أمينة نفت أن يكون مصطفى اختطفها أو مارس عليها الجنس بالقوة وأكدت أنها كانت تتصل به هاتفيا وأنها كانت تمارس الجنس معه عن طيب خاطر، وقالت إن هدفها هو أن «يعقد قرانهما». وبينت المحاضر ذاتها أيضا تقاربا كبيرا في التصريحات التي أدلت بها أمينة مع الأقوال التي أدلى بها مصطفى الفلاق في محضر الاستماع إليه بعد أقل من أسبوع على الحادث، الذي تسميه الأم «اغتصابا» وتنفي عنه أمينة صفة الاغتصاب، وهو ما يوضح التناقض القائم بين تصريحات أمينة وأقوال والدتها. رواية أمينة أكدت أمينة في محضر الاستماع إليها أن أول لقاء لها مع مصطفى يعود إلى 5 أشهر تقريبا من لحظة محاولتها وضع حد لحياتها. بدأت الحكاية، حسب أمينة، كانت عندما مر مصطفى بالقرب من منزل أسرتها الكائن بدوار قريمدة، حيث أبدى لها رغبته في الكلام معها، فقبلت تبادل أطراف الحديث معه على الفور وعبر لها عن رغبته في ربط علاقة معها. وبعد تردد، وافقت على الأمر وسلمها رقم هاتفه لكي يبقيا دائما على تواصل. وتحدث الفلاق، من جهته، عن اللقاء الأول في محضر الاستماع إليه قائلا: «بينما كنت مارا من وسط دوار قريمدة، الذي يبعد عن منزلنا بحوالي كيلومتر ونصف، أثارت انتباهي فتاة لم يسبق لي أن رأيتها». لحظتها قرر الفلاق، وفق تصريحاته، التوجه نحوها وعبر لها عن إعجابه ثم سلمها رقم هاتفه. وبعد ذلك، أصبحت أمينة تتصل به باستمرار من المخدع الهاتفي الموجود بالدوار إلى أن توطدت علاقتهما. توالت لقاءات أمينة ومصطفى بعد ذلك. أمينة زكت أقوال مصطفى بخصوص الأسلوب الذي كانا يعتمدانه من أجل تحديد مواعيد لقاءاتهما. اعترفت بأنها كانت تتصل به بنفسها لتضرب معه موعدا في الغابة المجاورة للدوار، بعيدا عن أعين أهلها وبقية السكان. بعد مرور شهر، توطدت علاقتهما و«أصبحا مرتبطين أكثر ببعضهما البعض»، على حد قول أمينة، خصوصا أن الفلاق كان يؤكد لها أنه مصمم على الارتباط بها. وبعد نحو شهرين من أول لقاء، وذات مساء جمعة، التقت أمينة بمصطفى بالغابة المجاورة فتبادلا القبل، وبعدها اقترح عليها التوجه برفقته إلى مكان خال من السكان والمارة بمقربة من منزل في ملكية والده وسط الغابة، وبعدها أزالا ملابسهما ومارس مصطفى الجنس على أمينة برضاها. وبعد إشباع «رغبتنا الجنسية»، حسب وصف أمينة، أثارت قطرات من الدم على جاكيط مصطفى كانا يفترشانه انتباههما. وذكرت أمينة في محضر الاستماع إليها أنها قضت معه ليلة أخرى، وفي اليوم الموالي، توجهت إلى مدينة العرائش عند أختها مفضلة عدم التوجه إلى منزل أسرتها، خوفا من والدها الذي كان يعنفها على أبسط الأمور. يقدم مصطفى الفلاق رواية مماثلة لأقوال أمينة إذ قال إنه التقى بأمينة في الغابة المجاورة لدوار قريمدة، وبعد «تبادل الحديث وبعض القبل» توجها معا إلى منزل في عمق الغابة يوجد في ملكية أسرة الفلاق من «أجل الاستمتاع ببعض الوقت بعيدا عن أنظار المارة» وهناك قام «بممارسة الجنس عليها برضاها». واعترف الفلاق بأنه «قام بافتضاض بكارة أمينة برضاها وبعدما عبرت له عن رغبتها في ذلك»، وفي المقابل، نفى أن يكون قام باختطافها أو حجزها أو اغتصابها بالقوة. الرواية الأخرى تعود بدايات مأساة أمينة الفيلالي، وفق أمها، إلى نحو 3 أشهر من إقدامها على الانتحار. فقد فوجئت الأم بعد عودتها من يوم عمل شاق بمنزل أحد سكان المنطقة بعدم وجود ابنتها في المنزل، رغم أن عقارب الساعة كانت تشير إلى العاشرة ليلا. انتظرت الأم عودة ابنتها مدة نصف ساعة قبل أن يتسلل الشك والخوف إليها، لتخرج للبحث عنها في محيط المنزل وبعدها في الدوار كله، دون أن يظهر لها أي أثر. انتظرت عودتها في الصباح، لكنها لم تعد. وعلى الفور، قررت التوجه إلى العرائش ظنا منها أن أمينة قد تكون توجهت إلى منزل أحد أقاربها في هذه المدينة، غير أن مساعيها ذهبت مرة أخرى أدراج الرياح. قضت أمينة ليلتين خارج بيت الأسرة. وفي صباح يوم الأحد الموالي، عادت إلى المنزل في «حالة يرثى لها»، حسب رواية الأم الزهرة المعلم. أمطرت الأم ابنتها بسيل من الأسئلة، أجابت عنها أمينة قائلة: «في حوالي الساعة 9 من مساء يوم الجمعة، وبينما كنت في طريقي إلى الدكان وعند اقترابي من الطريق الرئيسية، اعترض شخص يدعى مصطفى الفلاق، الذي يقطن على بعد كيلومتر ونصف من منزلنا، طريقي، وقام باغتصابي تحت التهديد بالسلاح الأبيض». أمينة أكدت لوالدتها أنها ظلت برفقته طيلة يومين أشبع خلالهما رغبته الجنسية، ثم صرح لها بأنه مستعد للزواج منها قبل أن يطلب منها العودة إلى المنزل. وعندما أخبرت أمينة والدتها بما حدث لها، قامت بوضع شكاية يوم 17 يونيو من سنة 2011 من أجل انتهاك عرض قاصر بالقوة وحجزها تحت التهديد بالضرب بالسلاح الأبيض، تقول فيها إنه بتاريخ 10 يونيو من السنة الماضية، بينما كانت أمينة في طريقها إلى الدكان وعندما اقتربت من الطريق الرئيسية، تفاجأت بالمشتكى به، أي مصطفى الفلاق، ينقض عليها من وجهها وأخذها تحت التهديد بالضرب بالسلاح الأبيض إلى الغابة المجاورة وقام باغتصابها وأهانها بكلام السوء وقام باحتجازها في الغابة ليومين، قبل أن يدعها لحال سبيلها بعد يومين من الاحتجاز والاغتصاب وفق إفادات والدة أمينة. توجهت الأم بعد ذلك إلى منزل الفلاق. حيث أبدى استعداده للزواج من أمينة، لكن والديه أبديا رفضهما القاطع لهذا الزواج. غير أن أحمد الفلاق، والد مصطفى، مغتصب أمينة وزوجها بعد ذلك، نفى أن تكون أمينة أقامت مع ابنه في منزل الأسرة. وقال في محضر الاستماع إليه: «أمينة لم يسبق لها أن كانت بمنزلي رفقة ابني»، علما أن ابنه لم يكن موجودا في المنزل لحظة تلقيه استدعاء للحضور لدى السلطات الأمنية من أجل الاستماع إليه في القضية. وفي المقابل، أكد أحمد الفلاق رفضه القاطع لارتباط ابنه مصطفى بأمينة. إذ أقر حضور والدة أمينة إلى منزله لإعلامه بحادث اغتصاب ابنتها من قبل ابنه وتأكيدها ضرورة تزويجهما، لكنه أكد لها بأنه لن يقبل بهذا الزواج وأن ابنتها لن تدخل منزله وأن عليها أن ترفع شكاية ضد ابنه إذا كان فعلا قام باغتصاب ابنتها. بعدها، توجهت الأم إلى مستشفى لالة مريم بالعرائش واستخرجت منه شهادة تبين أن ابنتها لم تعد عذراء، ثم رفعت شكاية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة. وذكرت والدة أمينة أن الفلاق كان يهدد ابنتها، بعد علمه بموضوع الشكاية، بالانتقام إذا لم تتنازل عن شكايتها، قبل أن تعترف بأن ابنتها غادرت بعيد أيام من رفع دعوى قضائية ضد مغتصبها منزل العائلة والتحقت بالفلاق ورجحت أن تكون سكنت معه في بيت أسرته أو في الغابة المجاورة لخميس الساحل. وبعد أيام من التواري عن الأنظار، تقدم الفلاق إلى المصالح الأمنية وأكد في محضر الاستماع إليه أنه أخبر والديه بما قام به وقال إنهما يباركان زواجهما، فقرر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة، يوم 8 شتنبر 2011، وضع المشتكى به تحت الحراسة النظرية من أجل تقديمه إلى العدالة فور انتهاء التحقيق وجاهزية القضية للبت فيها من قبل القضاء. في تلك الأثناء، قام لحسن الفيلالي، والد الطفلة أمينة، بتقديم طلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية بالعرائش، يهدف من خلاله الحصول على الإذن بتزويج ابنته القاصر من خطيبها مصطفى الفلاق، وذلك لرغبتهما الأكيدة في الزواج ولما فيه من المصلحة والعفاف والإحصان، حسب ما ورد في نص الطلب، وهو ما تأتى له بالفعل، حيث تم تزويج أمينة بمصطفى وتطورت الأمور على نحو مثير إلى حين انتحارها. بمجرد نشر خبر الانتحار في الإعلام، اتصل مصطفى الرميد هاتفيا يوم 13 مارس بالوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بطنجة بخصوص قضية انتحار قاصر، فجاء جواب هذا الأخير كتابيا في اليوم الموالي، يبين فيه أن الضابطة القضائية بالعرائش انتقلت إلى المستشفى الإقليمي من أجل التدخل في شأن محاولة انتحار، وعند وصولها إلى عين المكان وجدت أمينة بقسم الإنعاش تحت العناية الطبية وكانت في حالة مستقرة، فصرحت للضابطة القضائية بأنها حاولت الانتحار بعد تناولها لقرص كامل من مبيد الفئران، الذي اقتنته من السوق الأسبوعي لخميس الساحل، وذلك من أجل وضع حد لحياتها لكونها تعرضت لاعتداءات متكررة من طرف زوجها. بعد يومين من الحادث، توفيت أمينة وأمرت النيابة العامة بإجراء بحث في الموضوع لإجراء تشريح طبي على جثة الهالكة لمعرفة ظروف وملابسات الوفاة، ولا تزال القضية تعد بفصول أكثر إثارة.