أضحت العديد من أحياء ومناطق مدينة القنيطرة تعيش على وقع القلق والريبة جراء تلوث جوي مخيف بدأت بوادره الأولى تظهر منذ شهور، قبل أن يزداد الوضع سوءا منذ مطلع هذه السنة. وقد دق الفاعلون البيئيون ناقوس الخطر وراسلوا مجموعة من المصالح المختصة والهيآت المُنتخَبة قصد التدخل، خاصة، بعد استفحال انتشار غبار أسود مجهول المصدر، أصبح يعم كل أطراف المدينة، خصوصاً منها تلك المتاخمة لمجرى نهر سبو، حيث يمكن ملاحظته بالعين المجردة على جنبات النوافذ وعلى الغسيل المنشور على أسطح وشرفات البنايات وفوق السيارات. وفي بادرت جمعية الغرب للمحافظة على البيئة، وبتنسيق تام مع فدرالية الجمعيات في القنيطرة، فور توصلها بشكايات المواطنين، بالاتصال بعبد العزيز الرباح، رئيس المجلس البلدي للمدينة ووزير التجهيز والنقل في الحكومة الحالية، قصد معرفة مصدر التلوث وإيجاد حل له، حيث قلل المسؤولون من مخاطره وكشفوا أن مصدره هو أحد الأوراش المتواجدة في نواحي القنيطرة، الذي يقوم بإحراق العجلات المطاطية وأعطوا تطمينات للفاعلين البيئيين بأن السلطات المحلية ستقوم بالإجراءات الضرورية لوضع حد لهذه الظاهرة المزعجة، وهو ما لم يحصل إلى حد الآن، خاصة أن تحقيقات الجمعية أثبتت أن الأمر لا يتعلق بأوراش إحراق العجلات المطاطية وأن مصدر هذا الغبار الملوث للجو ما يزال مجهولا، وفق ما جاء على لسان المصطفى الزراولي، رئيس الجمعية المذكورة. وفي بيان توصلت «المساء» بنسخة منه، أكدت الجمعية البيئية أن التلوث ما يزال يطرح نفسه بحدة وأن الظاهرة قد استفحلت وازدادت سوءاً مع غياب الرياح والأمطار واستقرار الجو في الفترة الأخيرة، حيث لم يعد هناك مفر لإخفاء فعل المسؤول عن هذا التلوث، مستنكرة عدم تحرك أي من الجهات المسؤولة لتوضيح الظاهرة وسلبياتها للرأي العام المحلي. وأبدت الجمعية تخوفها من المخاطر التي أضحت تهدد صحة المواطنين وبيئتهم، لاسيما أن أبحاثها وتحرياتها خلصت إلى وجود احتمال كبير لأن يكون الغبار الأسود ذا مصدر كاربوني وأن عملية طرحه في الهواء تتم أساساً في الليل، مما يضفي على العملية طابع إخفاء ضرر مُتعمَّد على الساكنة ويبرهن على سوء النية لدى الملوث، حسب تعبير البيان نفسه. وأعربت جمعية الغرب للمحافظة على البيئة عن أسفها الشديد لعدم قدرة السلطات المعنية، ورغم مرور أكثر من ثمانية أشهر على هذا التلوث، الذي وصفته بالمخيف، من تحديد مصدره الحقيقي، وبالتالي اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية صحة المواطنين، داعية في هذا الإطار إلى تشكيل لجنة مؤهلة علمياً قادرة على تشخيص الوضع وتحديد المصدر واقتراح الحلول الكفيلة بالتصدي لهذا الخطر البيئي.