بمجرد أن يسدل الليل ستاره على مدينة أيت ملول حتى تعبق طرقات وشوارع المدينة بروائح كريهة تزكم الأنوف، تنصهر خلالها كل المخلفات والرواسب السامة التي تلفظها كل الشركات الكائنة بالحي الصناعي، خصوصا معامل تصبير الأسماك، هذه المخلفات تمر عبر قنوات الصرف الصحي العمومية، قبل أن تصل إلى محطة الضخ الموجودة في الجانب الأيمن لقنطرة واد سوس مرورا بمحطة سوس قبل أن تنتهي في محطة التصفية بحي المزار. إن آلالاف من مستعملي قنطرة واد سوس، وبمجرد أن تصل بهم سياراتهم إلى هاته النقطة السوداء، حتى يشرعوا في إغلاق نوافذ السيارات، فيما يضع آخرون، من المارة ومستعملي الدراجات، أيديهم على أنوفهم مرغمين إلى حين تجاوز هاته المحطة التي أضحت وصمة عار على المدينة التي بات الجميع يلقبها بمدينة «الخنز». «إن قدرنا أن نستنشق هاته الروائح الكريهة طوال حياتنا بهاته المدينة، لقد أصبحت الروائح بمثابة الموجه الرئيسي لمعرفة أنك وسط مدينة ايت ملول»، هكذا علق مجموعة من ساكنة أيت ملول أثناء حديثهم ل«المساء»، فبمجرد أن يسدل الليل ستاره على مدينة أيت ملول حتى تعبق طرقات وشوارع المدينة بروائح كريهة تزكم الأنوف، تنصهر خلالها كل المخلفات والرواسب السامة التي تلفظها كل الشركات الكائنة بالحي الصناعي، خصوصا معامل تصبير الأسماك، هذه المخلفات تمر عبر قنوات الصرف الصحي العمومية، قبل أن تصل إلى محطة الضخ الموجودة في الجانب الأيمن لقنطرة واد سوس مرورا بمحطة سوس قبل أن تنتهي في محطة التصفية بحي المزار. إن آلالاف من مستعملي قنطرة واد سوس، وبمجرد أن تصل بهم سياراتهم إلى هاته النقطة السوداء، حتى يشرعوا في إغلاق نوافذ السيارات، فيما يضع آخرون من المارة ومستعملي الدراجات، أيديهم على أنوفهم مرغمين إلى حين تجاوز هاته المحطة التي أضحت وصمة عار على المدينة التي بات الجميع يلقبها بمدينة «الخنز». يقول عزيز معراس، منسق تنسيقية أيت ملول للدفاع عن البيئة ل«المساء»، إن شركات تصبير الأسماك هي المسؤول الرئيسي عن انبعاث هاته الروائح، ذلك أن المخلفات والمواد الصلبة تمر عبر قنوات الصرف الصحي العمومية، حيث يتم تصريفها بمحطة الضخ الموجودة بجانب القنطرة الرئيسية الوحيدة التي تربط بين شمال المملكة وجنوبها، وهو ما يضر بصحة كل العابرين لهاته القنطرة، فالجميع هنا يضطر إلى استنشاق نصيبه من هاته الروائح النتنة التي تزكم الأنوف، إن المجالس السابقة المتعاقبة - يقول المصدر السابق- تتحمل المسؤولية كاملة عما تعرفه المدينة من انتشار للتلوث، وذلك نتيجة تساهلها في منح تراخيص العمل لفائدة هاته المصانع رغم عدم احترامها للمعايير البيئية المعمول بها في هذا الإطار، على اعتبار أن جل شركات تصبير الأسماك التي حطت بالحي الصناعي لا تتقيد بدفتر التحملات والمعايير البيئية في ما يخص تصريف المخلفات، حيث استفادت، آنذاك، من وضعية عامة تمثلت في فراغ الساحة من جمعيات فاعلة في المجال البيئي، كما أن الشروط الموضوعة خلال عقد التسعينيات لم تنضج بعد لفرز جمعيات ناشطة كما هو الحال اليوم، حيث ظهرت في الساحة تنسيقية الدفاع عن البيئة تضم خليطا من الجمعيات المهتمة بالمجال البيئي، وضعت في صلب اهتماماتها الوقوف ضد كل مشروع ضار وملوث. ويضيف معراس، أن على المجلس البلدي ومصالح (الرمسا) تحمل مسؤولياتهم القانونية أمام الانعاكسات الخطيرة على صحة الساكنة من خلال المواد الملوثة التي تفرزها مصانع الحي الصناعي، ذلك أن المجلس البلدي ملزم بسحب رخصة ممارسة النشاط الصناعي من كل شركة لم تتقيد بدفتر التحملات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مصالح (الرمسا) التي يجب أن تتدخل بحزم قصد القيام بواجبها لفرض خلق محطات المعالجة الداخلية للنفايات، مع ضرورة خلق لجان مشتركة للتتبع والمراقبة بعيدا عن أي ضغوطات من جهات أخرى. كما أن مصالح وزارة الصحة بدورها مدعوة إلى رفع تقارير في هذا الإطار إلى الجهات الوصية. وبدون تضافر جهود جميع المعنيين تبقى ساكنة المدينة تعاني من آثار تلوث مدمر إلى أجل غير مسمى، خاصة في ظل وجود مصانع تخلف نفايات جد سامة، تشتغل في مجالات كالصباغة والبلاستيك ومعمل تكرير الزيوت المستعملة الذي ناضلنا كتنسيقية في الحد من نشاطه، يعلق المصدر السابق. مشاريع تسير بسرعة السلحفاة من جانبه، قال ناشط جمعوي بالمدينة إنه وفي السنوات القليلة الماضية، ومع خطاب الدولة الرسمي بوجوب المحافظة على البيئة، وضع المجلس البلدي شروطا ومعايير مقننة قبل منح تراخيص العمل للمصانع الجديدة، حيث فرض المجلس، وبتنسيق مع السلطات الإقليمية، على معامل التصبير ضرورة إحداث محطات للمعالجة القبلية قبل تصريف المخلفات السامة عبر قنوات الصرف الصحي، لقد أضحت مشاريع محطات التصفية الداخلية- يؤكد مصدرنا- هاجس السلطات الإقليمية، حيث ما فتئت تعقد اجتماعات مكثفة مع أعضاء اللجنة المختلطة بهدف تتبع مراحل إنشاء هاته المحطات، ورغم تكلفتها الباهظة فقد وفقت شركتان لتصبير السمك في إنشاء محطتين داخليتين لمعالجة النفايات، بعد أن وقعتا على عقد شراكة مع الوكالة المستقلة متعددة الاختصاصات (الرمسا) واستفادتا من مساهمة مالية تصل إلى 20 في المائة من قيمة التكلفة المالية الإجمالية للمشروع، مدرجة في إطار برنامج تشجيعي سابق لفائدة الشركات الصناعية، غير أن أغلب معامل التصبير التي حصلت على تراخيص في السنوات السابقة لم تنخرط في هذا البرنامج، حيث لازالت فكرة إنشاء محطة داخلية لمعالجة النفايات السامة مغيبة من قاموس أرباب هاته المصانع لمجموعة من الاعتبارات، يبقى أهمها التكلفة الباهظة لهاته المشاريع، وبالتالي تصريح ضمني بعدم رغبتهم في التفاعل مع الميثاق الوطني للبيئة، كما يعتبر أمرا بديهيا بالنسبة لمسؤولي هاته الوحدات، مادام أن جلهم يقطن في مناطق بعيدة عن مصادر التلوث بمدينة أكادير. غير أنه يقول المصدر السابق، بات الالتزام بالمعاير الدولية في إنتاج وتصبير الأسماك ضرورة ملحة في المدى القريب، على اعتبار أن مجموعة من الدول المستوردة لمنتوج الأسماك المصبرة، كفرنسا وروسيا وأمريكا وغيرها، تؤكد في تعاملاتها التجارية على احترام المعامل للمعايير البيئية، قبل القيام بإجراءات التعاقد وتوقيع الاتفاقيات مع الشركات المعنية، كما هو الحال بالنسبة إلى لجنة أمريكية حلت مؤخرا بإحدى المنشآت الصناعية بايت ملول قصد الاطلاع على السير العام لعمل الشركة المذكورة، وتؤكد مصادرنا أن أرباب المصانع أضحوا واعين بضرورة مواكبتهم لمتطلبات السوق العالمية في ما يخص الاعتناء بمصانعهم بتوفير جميع المستلزمات الضرورية، فالدول المستوردة واعية في هذا الإطار بضرورة توفير أسس استمرار الإنتاج بدون أي إكراهات ومشاكل مستقبلية قد تؤدي إلى توقف الشركة المصدرة وتجميد نشاطها الصناعي. رئيس المجلس البلدي الحسين اضرضور، لم يخف بدوره التراكمات السلبية للمشكل البيئي عموما بالمدينة خلال العقود السابقة، فقد أكد في تصريحه أن مداخيل الحي الصناعي تعتبر من أهم الموارد المالية لميزانية الجماعة، ناهيك عن الآلاف من مناصب الشغل التي توفرها هاته المصانع. إذن، لابد من الربط بين ما هو اجتماعي واقتصادي ومحاولة إيجاد حلول توافقية في ما يخص مشكلة التلوث، فالمجلس يجد نفسه أمام إكراهات متعددة، وكما يعلم الجميع فقد تم الترخيص لهاته المعامل في فترات سابقة دون التقيد بشروط دفتر التحملات في ما يخص الحفاظ على البيئة، غير أن ذلك كله لا يبرر مصادرة حق الساكنة في العيش وسط بيئة سليمة، ويضيف اضرضور أن المجلس وبتوافق مع السلطة الإقليمية ألزم جميع المصانع، خاصة معامل التصبير، بضرورة خلق محطات داخلية لمعالجة النفايات قبل تصريفها، كما أن المعامل الجديدة، بجميع أصنافها، أضحت ملزمة بتقديم دراسة مسبقة لمعرفة مدى تأثير إنتاجها على البيئة، وقد تم في هذا الصدد منع أحد معامل تكرير الزيوت من الاشتغال لمخالفته دفتر التحملات بعد ثبوت أضراره الواضحة على البيئة، ويستطرد أضرضور قائلا إن مدينة ايت ملول أصبحت اليوم القبلة المفضلة لجل المستثمرين وأرباب الشركات لموقعها الاستراتيجي، وهو ما جعل شركات التصبير بانزا بضواحي أكادير تجتاح الحي الصناعي. فبمجرد ما تم إعلان منطقة انزا قبلة سياحية، اعتبارا للمؤهلات الغنية التي تتوفر عليها، غيرت العشرات من المعامل وجهتها نحو مدينة ايت ملول، فيما تم تحويل مصنع إنتاج الإسمنت إلى ضواحي ايت باها بجماعة ايمي مقورن حوالي 30 كيلومترا عن مدينة ايت ملول، ونحن كمنتخبين، يقول أضرضور، وضعنا على عاتقنا عدم الترخيص لأي مصنع لم يقم بدراسة التأثيرات البيئية المتعارف عليها، مسترسلا «إننا كمنتخبين واعون بواجبنا في حماية صحة الساكنة من مخاطر التلوث، ونعمل سويا لتفادي تكرار التجارب السابقة. محطة التصفية «المزار» يؤكد مصدر بالوكالة المستقلة المتعددة الخدمات، أن معامل التصبير بالحي الصناعي بأيت ملول تتسبب في متاعب متعددة لعمال الوكالة، حيث يتم بذل جهود مضاعفة بهدف التقليص من حدة انبعاث الروائح الكريهة، على اعتبار أن آليات الضخ الموجود بقنطرة واد سوس تجد صعوبة بالغة في عزل المواد العضوية المتسربة مع المياه العادمة مما يصعب من عملية تصفيتها، هذا إلى جانب أشغال الصيانة المستمرة للقنوات نتيجة تعرضها للأعطاب والتشققات بسبب تدفق المواد العضوية، وهو ما يؤثر سلبا على ظروف عمل المستخدمين، ويؤكد مصدر «المساء» أن البنية التحتية الخاصة بالصرف الصحي للمدنية، تآكل معظمها بسبب الملوحة الشديدة التي تتدفق بداخل هاته القنوات مما يصيبها بالتشقق بين الفينة والأخرى، إن محطة الضخ الموضوعة بحي المزار، والتي استنزفت أزيد من 20 مليارا تبقى عديمة الفائدة، على اعتبار أن المياه العادمة لا يتم استعمالها مجددا في سقي بعض المنتوجات الزراعية، كما هو معمول به عادة في بعض المناطق المجاورة نظرا للملوحة الزائدة بها، وبناء على ذلك - يستطرد المصدر ذاته - فإن المياه العادمة تذهب إلى ملاعب الكولف القريبة من منطقة اغروض بضواحي بنسركاو اكادير، فيما الكميات الأوفر منها يتم رميها مع الأسف الشديد في مياه البحر. ويضيف المصدر نفسه أن الوكالة المستقلة أضحت متهمة بالتواطؤ مع أرباب شركات التصبير في نظر العامة من الناس، وهو أمر لا أساس له من الصحة، فالعديد من المواطنين يوجهون أصابع الاتهام عن انتشار الروائح الكريهة لمصالح (الرمسا)، في وقت تبذل فيه الأخيرة جهودا مضاعفة للحد من التلوث عموما، «فمصالحنا تلزم في هذا الإطار جميع الوحدات الصناعية الجديدة، بضرورة احترام دفتر التحملات والالتزام بالمعايير البيئية المتعارف عليها، ويبقى توقيع عقدة الاشتراك للاستفادة من خدمات الربط بالماء الصالح للشرب داخل الوحدة الصناعية، ورقة ضغط تشهرها مصالح (الرمسا) في حالة عدم استجابة أي محطة صناعية جديدة لبنود دفتر التحملات» يؤكد المصدر السابق. تكلفة التقليص من الروائح تقول مصادر «المساء» إنه وإلى جانب الدراسات التي قامت بها مصالح (الرمسا) مع عمالة الإقليم، ومديرية البيئة، وجمعية المستثمرين، والتي تم الاتفاق خلالها على إجبارية خلق محطة للمعالجة خاصة بكل معمل قبل طرح النفايات في مجاري الصرف الصحي، فإنه سبق أيضا (للرمسا) أن قامت بجلب خبراء أجانب في إطار التعاون الفرنسي المغربي لدراسة الإشكالية قصد إيجاد حلول ممكنة لمشكل انبعاث الروائح، حيث تم في هذا الصدد القيام بتجربتين لتقليص حدة الروائح أفرزت تحقيق بعض النتائج المؤقتة رغم أنها جد باهظة، إذ وصلت قيمتها المالية إلى حوالي 160 مليون سنتيم، وهي تكلفة تقليص كميات الغازات الملوثة لمدة أربعة أيام فقط أي بمعدل 40 مليونا في اليوم الواحد، وتكمن هاته الطريقة في عملية تلقيح الأنابيب التي تحوي النفايات بمواد كيميائية مضادة للروائح النتنة، وعادة ما يتم العمل بهاته الطريقة في المناسبات والزيارات الرسمية، خاصة أثناء الزيارات الملكية، على اعتبار أن قنطرة واد سوس التي توجد بها محطة الضخ، تعتبر ممرا رئيسيا من وإلى مدينة أكادير. جهود المجتمع المدني أثار مشروع إحداث محطة كهربائية تشتغل بالفيول بحي تمرسيط صيف السنة الجارية حالة استثناء، حيث توحدت جهود كل المكونات السياسية وأصبحت قضية المحطة. موضوعا أساسيا ومادة دسمة للنقاش بين مكونات المجتمع المدني، قبل أن يتخذ المجلس البلدي خلال دورة يوليوز المنصرم قرارا بوقف أشغال المحطة. يقول رشيد العيرج، الناطق الرسمي باسم تنسيقية أيت ملول للدفاع عن البيئة، إن بعض أحزاب المعارضة حاولت جاهدة استغلال قضية المحطة الكهربائية لإظهار قوتها خاصة بعد انضمامها للمشاركة في وقفات سابقة نظمتها تنسيقية الدفاع عن البيئة، غير أننا حاولنا جاهدين أن تبقى الأمور في إطار جمعوي محض بعيدا عن التطاحن السياسي بين الأغلبية والمعارضة ورفضنا كتنسيقية استغلال وقفاتنا لتصفية الحسابات السياسية. واسترسل العيرج قائلا إن التنسيقية استطاعت أن تؤطر ما يزيد عن 2000 شخص من ساكنة المدينة خرجوا للتظاهر ضد هاته المحطة، يجمعهم هدف واحد وهو الدفاع عن بيئتهم، شعارهم في ذلك «لا لتواجد محطة لتوليد الكهرباء بأيت ملول» وسيرا على نهجها في التصدي لكل المشاريع الملوثة، خاضت التنسيقية صراعا مريرا من أجل توقيف هذا المشروع الذي كان من شأن إنجازه الزيادة في حدة التلوث البيئي الذي تعرفه المدينة في مختلف المجالات، على اعتبار أن هاته الوحدة الصناعية من شأنها أن تمثل خطرا بيئيا كبيرا على ساكنة الأحياء المجاورة، نظرا للآثار السلبية لهذا المشروع الذي سيمتد على طول مغناطيسيي يقدر بعشرات الكيلومترات، خاصة إذا علما أن الطاقة المستعملة في تشغيل هاته الوحدة، والمتكونة من الفيول والكازوال ستقدر بآلاف الأطنان، ستتحول كلها إلى أدخنة ومواد ملوثة للجو، كما أن المحركات الأربع أيضا ستنتج ما يزيد عن 72 ميكاواط وهو ما يعادل تلوثا بيئيا لنحو 60 ألف سيارة. مؤسسة سعودية تتدخل شكل تحرك مسؤولي مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود لحماية وتنمية الفطرية، منعطفا جذريا في مسار قضية المحطة الكهربائية، حيث قام مسؤولو المحمية بتقديم شكاية إلى عدد من الجهات المسؤولة، من بينها عامل الإقليم، ورئيس المجلس البلدي، ووزارة الصحة يطالبون من خلالها بوقف إنشاء محطة إنتاج الكهرباء، وقد عبر مسؤولو المحمية عن مخاوفهم من المخاطر التي يمكن إلحاقها بمحطة الطيور في حالة إنشاء هاته المحطة، وقد آخذت الشكاية ذاتها، تتوفر «المساء» على نسخة منها، على المجلس البلدي موافقته المبدئية على إنشاء محطة كهربائية تعمل بالديازيل الثقيل بالقرب من محطة الحباري، بدون أن تأخذ مصالح محمية سيدي ولي العهد لحماية وتنمية البيئة الفطرية بالاعتبار، وكذا اعتماد الدراسة الخاصة بالتأثير على البيئة خاصة بعد التقارير الصحفية التي كشفت عن حقيقة التأثير السلبي لهاته المحطة. هذا، واعتبارا لدور المحطة الرئيسي بالمنطقة، وبحكم وجود المحطة منذ ما يزيد عن 17 سنة بأيت ملول، وحفاظا على ضمان استمرارية هاته المحطة وأداء واجبها تجاه حماية البيئية الفطرية في المغرب، فقد طالبت المؤسسة بالحصول على نسخة من الدراسات المعدة في هذا الإطار، قصد مراجعة ما جاء فيها من توصيات وتحفظات، ومراجعتها من طرف مختصين وخبراء مستقلين، قبل اتخاذ ما نراه مناسبا للحفاظ على مصالح المؤسسة، تقول شكاية مصالح المؤسسة السعودية. طيور الحباري يقول مستشار جماعي مهتم، إن الشكاية التي تقدمت بها المؤسسة السعودية لمحمية طيور الحباري، كان لها وقع إيجابي في مسار نضالات تنسيقية الدفاع عن البيئة، على اعتبار أن الأخيرة كانت قد قدمت تقريرا تقنيا مفصلا لمصالح مؤسسة ولي العهد، أماطت من خلاله اللثام عن التأثيرات السلبية لهاته المحطة ومخاطرها المحدقة بالمحمية على غرار باقي الأحياء المجاورة وكذا بعض المرافق العمومية، كالمؤسسات التعليمية ومعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة القريبة من مكان مشروع المحطة، ويضيف المصدر نفسه، أن وزن المؤسسة السعودية أجبر مجموعة من المصالح المعنية على الرد في زمن قياسي على الشكاية التي تقدمت بها مؤسسة محمية الطيور، وبالتالي يؤكد -المصدر نفسه- فإن إلغاء هذا المشروع جاء نتيجة تدخل المؤسسة السعودية، فلولا وجود المحطة بهذا الموقع القريب من محمية طيور الحباري، لتم الشروع في إنجاز هاته المحطة رغم مراسلات المجلس البلدي ومعهد الزراعة وكذا نضالات تنسيقية الدفاع عن البيئة التي لم تتوصل في هذا الصدد بأي جواب من أي جهة معينة رغم مراسلتها لأزيد من خمسين جهة معنية، وهو ما يجعلنا نستنتج في النهاية أن طيور الحباري أغلى من صحة المواطن الملولي، يعلق المصدر السابق. تنسيقية الدفاع عن البيئة خلال شهر ماي الفارط خرج سكان المدينة بدعوة من تنسيقية الدفاع عن البيئة، وتم تنظيم وقفتين احتجاجيتين أمام كل من مقر المقاطعة الثانية ومعمل ميدليب، وقد ردد المتظاهرون شعارات منددة بخرق مسؤولي المعمل المذكور، للشروط المبرمة التي تم الاتفاق بشأنها خلال دورة فبراير الخاصة بالمجلس البلدي، والتي تم من خلالها التأكيد على وقف الاشتغال بالمعمل إلى غاية حضور لجنة إقليمية مختلطة يعهد إليها القيام بخبرة مضادة، وتقييم الأضرار الناجمة عن المعمل والمؤثرة على صحة الساكنة. وكذا مباشرة المجلس البلدي إجراءات رفع دعوى قضائية في الموضوع، استنادا إلى المحضر الذي رفع إلى السلطات الإقليمية. وقد اعتبرت التنسيقية في هذا الإطار، أن من شأن استمرار المعمل في إنتاج الزيوت المحروقة، إحداث تأثيرات سلبية خطيرة على صحة ساكنة المدينة، خاصة الإصابة ببعض الأمراض المزمنة كالربو، والحساسية، وأمراض الجلد، والسرطان، والسعال المزمن، والصداع. البعوض والروائح الكريهة تعيش ساكنة تمرسيط بمدينة ايت ملول في ظل واقع بيئي خطير، نتيجة انبعاث الروائح النتنة وانتشار الحشرات السامة حول البرك المائية الآسنة المتسربة من محطة تصفية مياه الصرف الصحي الكائنة بجانب وادي سوس، وقال المتضررون في إفاداتهم ل«المساء»، إنهم أضحوا يعانون من مشاكل متنامية ومعاناة حقيقية انعكست على صحتهم، خصوصا أبناءهم الصغار الذين أضحوا عرضة لبعض الأمراض الجلدية الخطيرة وكذا انتشار حالات الإصابة بالحساسية. وأضاف السكان المتضررون بتمرسيط، أن محطة معالجة المياه المستعملة القادمة من جماعة الدراركة بضواحي اكادير تم إنشاؤها بعشوائية في موقع قريب من أحياء تشهد كثافة سكانية كبيرة دون مراعاة الانعكاسات السلبية لتلك المحطة، التي لم يتم إنجازها في مكان مناسب وفق دراسة تقنية مسبقة، وهو ما جعل الكميات المتسربة من المياه تتحول إلى برك آسنة أضحت مرتعا خصبا لمختلف الحشرات الضارة التي تقض مضجع الساكنة، وتزداد وتيرتها عند ارتفاع درجات الحرارة. وفي هذا الإطار أشار عبد الله بوعسرية رئيس جمعية تمرسيط للتنمية والثقافة، أنه تم إشعار مسؤولي المجلس البلدي بخطورة الوضع البيئي الذي يهدد ساكنة المنطقة، غير أن ممثلي المجلس أكدوا أن المشكل المطروح يتجاوزهم كطرف وحيد، وتتطلب معالجته تضافر جهود جميع المتداخلين قصد إيجاد حلول جذرية ونافعة، هذا في وقت تكتفي فيه مصالح الجماعة -يضيف بوعسرية- برمي بعض الأدوية المضادة للحشرات والبكتيريا، غير أنه سرعان ما ينتهي مفعولها بعد أيام معدودات، لتستمر بذلك معاناة الساكنة مع انبعاث الروائح الكريهة إلى أجل غير مسمى، في تناقض صارخ ومقتضيات الميثاق الوطني للبيئة والتنمية. وذكر المصدر نفسه، أن الفرشة المائية أضحت بدورها عرضة للتلوث نتيجة تسرب المياه العادمة إلى باطن الأرض واختلاطها بالمياه الجوفية لتمتزج بآبار السقي، وهو ما يهدد بشكل مباشر صحة المستهلك.