يمكن تعريف البيئة على أنها عبارة عن نسيج من التفاعلات المختلفة بين الكائنات الحية ( إنسان، حيوان، نبات) و بين العناصر الطبيعية (الهواء، الحرارة، التربة،...) و يعتبر الوضع البيئي بالمغرب وضعا مقلقا، و ذلك لما يعرفه من مشاكل ترتبط بإرتفاع نسب التلوث المائي و الهوائي. مدينة مرتيل ليست بعيدة عن مثل هذه المشاكل البيئية التي تتجسد في مشكل كبير يسمى الدرع الميت, من بين أسبابه نذكر: و جود وحدات الصناعية على طول وادي مرتيل و خصوصا معمل الكيمياء المعدنية. إنشاء حي الديزا في مصب واد مرتيل. الغياب التام للمناطق الخضراء بضفاف الوادي. إذن ما مدى تأثير واد مرتيل على ساكنة مرتيل ؟؟؟ تضم مدينة مرتيل عدة فئات من السكان, حيث تم تصنيف الساكنة إلى صنفين كان يفصل بينهم جدار طويل هدم مؤخرا. و كأن هذه المنطقة يقطنها شعبين, تسكن الفئة المتوسطة و البرجوازية في الضفة اليسرى، بينما الضفة اليمنى حيث يوجد حي الديزا الذي كان محور هذه الدراسة, نقدم لكم ملخصها. يبلغ عدد سكان الحي الديزا ما يقارب 4000 نسمة أي %10 من سكان مدينة مرتيل، ينتمي معظمهم إلى الطبقات المتوسطة و الضعيفة، وأغلبهم الوافدين من خارج تراب منطقة الشمال بنسبة %90 تقريبا.معظم السكان يمتهنون مهن متوسطة كالتجارة و البناء و الصيد التقليدي، بينما يشتغل البعض الآخر بمعامل المنطقة الصناعية, تعتبر هذه الساكنة عنصرا مهما في الدورة الإنتاجية بالمنطقة الصناعية خاصة بمعامل تصبير السمك و النسيج و الألبسة. يعاني سكان هذا الحي من عدة مشاكل و مخاطر أبرزها خطر الفياضانات خلال فصل الشتاء نظرا لوجودهم على حدود مصب واد مرتيل و كذاإنتشار الروائح الكريهة و الحشرات خلال فصل الصيف بسبب تجمع النفايات القادمة من تطوان و مرتيل. كما يعاني هذا الواد من التلوث نتيجة إستقباله للصرف الصحي السائل لمدينة تطوان، إذ تعتبر هذه المقذوفات سببا مهما في تراجع جودة المياه شاطئ مرتيل.كما تصرف بالواد المياه المستعملة من طرف الوحدات الصناعية التي تحتوي على عناصر كيميائية سامة،إلى جانب مخلفات المجازر العمومية. نجد أن استفحال مشكل التلوث بواد مرتيل راجع إلى عدة عوامل نذكر منها: عوامل طبيعية ،بشرية و إقتصادية. العوامل الطبيعية تتمثل في صعوبة التهيئة لدى الأحياء العليا للمدينة، نظرا لوجود الإنحدارات الحادة و تعدد مجاري المياه و السهول، التي تشكل عرقلة كبيرة أمام السير العادي لشبكة التطهير الموجودة، و غالبا ما تؤدي إلى انفجارها ودمج مياهها بمياه الأمطار في الأحياء المستوية منها حي الديزا. العوامل البشرية تتمثل في النمو الديموغرافي السريع و التوسع العمراني الكبير لهوامش المدينة، هذا مقابل استهلاك المياه و بالتالي تزايد حجم المياه المستعملة. العوامل الإقتصادية تتمثل في النمو المتزايد للأنشطة الإقتصادية, خاصة فيما يتعلق بالقطاع الصناعي الذي و إن كان محدودا فإن معظم الوحدات الصناعية تتمركز على طول المجرى الرئيسي لواد مرتيل بالإضافة إلى المنطقة الصناعية التي تتخلص من نفاياتها على حساب الواد. ومن أجل تحديد معاناة هذه الفئة من الساكنة تم إعتماد تقنية إستطلاع لرأي, جاءت نتائجه على الشكل التالي: -معظم السكان يعانون من صعوبة في التنقل خاصة في فصل الشتاء حيت تختلط مياه البحر بمياه الواد. - غياب تام للمرافق الأساسية ( شبكة الماء الصالح للشرب, شبكة التطهير, ترصيف, مستوصف،... ) - مشاكل صحية حادة بسبب انتشار الحشرات و الروائح الكريهة. - إنتشار البناء العشوائي. - غياب الأمن. - تعدد الشكايات للمسؤولين. - غياب أي خطوات فعلية اتجاه حل هذا المشكل. -.... من أجل حل مشكل التلوث بمدينة تطوان و نواحي طرحت مجموعة فيوليا للبيئة بالمغرب عن طريق شركة أمانديس التابعة لها مشروع لوقف إنتشار التلوث, حيث تطلب هذا المشروع تعبئة استثمارها الإجمالي يصل إلى 500 مليون درهم. و يبقى الرهان المرتبط بهذا المشروع هو رهان صحي، اقتصادي و بيئي ما دام الأمر يتعلق بإعادة تأهيل الشبكات الموجودة، و بناء محطة معالجة المياه المستعملة (32 م.م/سنة) و قناة الصرف البحري. تطلبت هذه الورشة تدبيرا محكما و لهذا تم وضع برنامج على عدة اشطر تطلع إلى إنشاء ما يلي: - إنجاز ست وحدات للتطهير. - وضع محطات للضخ. - بناء عدة قنوات خصوصا قناة الصرف البحري (سيتم وضعها عبر عدة مراحل متتالية لتطلبها وسائل بحرية جد دقيقة و كذا تقنية و بشرية جد هامة). الوضع المأساوي الذي وصل إليه مصب واد مرتيل هو مسؤولية مجموعة من الجهات ككتابة الدولة في الماء، وزارة الإسكان و التعمير، وكالة حوض اللوكوس و وزارة التجهيز كما تتحمل المسؤولية في هذه الكارثة البيئية على الصعيد المحلي كل من مندوبية المياه و الغابات، الوكالة الحضرية للأشغال العمومية. وقد حاول المجلس البلدي منذ سنة 1998 سير بخطى تابثة للوصول إلى حلول ناجعة. لهذا تم وضع المخطط المديري للتطهير سنة 2002 من بين برامجه إيجاد حلول لمشاكل حي الديزا. فبدأ هذا المخطط يعرف النور و تم تسريع وثيرة التطبيق إلا أن مرحلة الإنجاز تعرضت لمعيقات عديدة من ناحية التدبير المالي. حيث قدرت التكلفة المطلوبة لإنجاز هذا المشروع ب 3 مليار درهم, الشيء الذي فاق قدرات المجلس البلدي. و هكذا يبقى الدرع ميتا في الحي و يوصل مخلفاته إلى الساحل. و في إطار البحث عن حلول تبقى التوعية هي الخطوة الأولى و ذلك بتبني هذه القضية من طرف جمعيات نشيطة تدافع على ساكنة هذه المنطقة. خصوصا بعد خروج مجموعة من القوانين البيئية التي صادق عليها المغرب و التي تفرض غرامات مالية على المصانع و المؤسسات ذات السلوكات اللامسؤولة تجاه نفاياتها. كما أن إعطاء حرية التدبير و البحث عن شراكات خارجية يمكن أن يؤدي إلى إيجاد حلول أنجع لمثل هذه المشاكل البيئية. يشكل حماية واد مرتيل في إطار إنعاش التنمية المستدامة لمدينة مرتيل رهانا حقيقيا بإعتبار أن المحافظة على الموارد و على التوازنات البيئية شرطا ضروريا للتنمية،و ذلك بالنظر إلى المستويات الخضراء التي تعرضت لها البيئة بهذا المجال و الأخطار العديدة التي ترتبت عنها. من بين المقترحات التي خرجت بها الدراسة للحد من تأثير واد مرتيل على ساكنة مرتيل, نذكر: من أجل ضمان تدبير عقلاني للموارد المائية بحي الديزا: برمجة أنشطة تربوية حول البيئة ترتكز على موضوع الماء في فضاءات متعددة. - توسيع شبكة تطهير المياه المستعملة لتغطية منطقة الديزا و الأحياء العشوائية المحيطة بها. - معالجة و مراقبة فعلية للحشرات "الباعوض" باستعمال أساليب ناجعة للقضاء عليها. من أجل إعداد ضفتي واد مرتيل: تهيئة الواد كمنتزه حضري تتخلله حياة بيئية طبيعية و سليمة (طيور- أسماك). - إنشاء شاطئ جنوب واد مرتيل بجميع مرافقه الترفيهية. من أجل التحسيس بالوقاية و تدبير المخاطر: - إعادة تأهيل وظيفة مياه التساقطات التي تقوم بها الأودية و الخنادق بالخصوص واد مرتيل الذي يشكل خطرا حقيقي على السكان خلال فصل الشتاء. - تهيئة مجالات خضراء في المناطق المهددة ( واد مرتيل ). من أجل ضمان تدبير عقلاني للنفايات الصلبة: إنشاء نظام حقيقي للتطهير لتغطية منطقة الديزا. - تطوير القدرات و المهارات لدي الساكنة في ميدان تدبير النفايات. و حتى تتحقق هذه المقترحات لابد من تظافر جهود كل من المجتمع المدني و المجلس البلدي. http://www.facebook.com/home.php?#!/group.php?gid=381858681688&ref=mf