بمناسبة اليوم العالمي للبيئة الذي احتفل به يوم الجمعة ما قبل الماضي تم إنجاز فيلم جديد حول واقع الكرة الأرضية حاليا يحمل عنوان «HOME» و تم عرضه في نفس اليوم في 126 بلد على شاشة التلفزيون أو ببعض القاعات السينمائية أو بالهواء الطلق على الشاشات العملاقة. المصور الفرنسي «يان أرتوس بيرتران» هو الذي قام بإنجاز و إخراج هذا الفيلم الذي تبلغ مدة عرض نسخته الأصلية 120 دقيقة و الذي صوره بواسطة طائرة مروحية مرت فوق 54 بلد من بينها المغرب، وتطلبت مدة إنجازه حوالي ثلاث سنوات من الأسفار و اللقاءات و ساهم في إنجازه أيضا المخرج الفرنسي المشهور «ليك بيسون» و قام بإنتاجه كليا رجل الأعمال الفرنسي فرانسوا هينري بينولت الذي صرف من ماله الخاص 10 ملايين أورو مخصصة للإنتاج و مليونين أورو لتوزيعه و عرضه بالمجان في مختلف أنحاء العالم بعد ترجمته إلى 40 لغة. الفيلم وثائقي و بيئي و تحسيسي مثل سابقه « حقيقة محرجة» الذي قام ببطولته و نشطه في سنة 2006 « آل غور» نائب الرئيس الأمريكي كلينتون، هو فيلم يجمع بين ما هو واقعي و كارثي بخلفية إنذارية لا تخلو من أمل في إمكانية إنقاذ الكرة الأرضية من الكارثة قبل فوات الأوان، هذا الأوان الذي اقترب من النفاد. يستعرض هذا الفيلم الجديد بواسطة الصور و التعليق المبسط الواقع البيئي الحالي المزري للكرة الأرضية و ينذر بقدوم كارثة في المستقبل القريب، كارثة آتية بكل تأكيد حسب المعطيات العلمية. يحكي في البداية بطريقة بيداغوجية عن الحياة التي ظهرت منذ أربعة ملايير من السنوات و عن الإنسان الذي ظهر منذ 200 ألف سنة، يحكي كيف كان واقع الكرة الأرضية بأرضها و هوائها و بحارها و أنهارها و مختلف كائناتها النباتية و الحيوانية، البحرية و البرية من مختلف الأحجام قبل و بعد ظهور الإنسان. الفيلم يقارن بطريقة غير مباشرة بين الماضي و الحاضر هذا الحاضر المقلق و المنذر بالخطر من جراء تصرفات الإنسان التي أحدثت خللا في التوازن البيئي العالمي، تصرفات مطبوعة بالأنانية و التهور في الاستغلال البشع و الأعمى لكل خيرات الأرض و البحر و استنزافها ب(لهطة) و همجية و بأحدث الوسائل، أنانية و تهور أيضا في تلويث الماء و الهواء بمواد صناعية سامة أدى البعض منها إلى ارتفاع غير مسبوق في درجة الحرارة بالكرة الأرضية و ما نتج عنها من تقلبات و كوارث مناخية أثرت سلبا على كل الكائنات الحية، أنانية و تهور كذلك في تغييب العدالة بين بني البشر وفي استغلال خيرات الكرة الأرضية مما يجعل 20 في المائة فقط من سكانها يستهلكون 80 في المائة من خيراتها. الفيلم يقدم عدة أرقام مذهلة و مخيفة من بينها مثلا أن 5000 شخص يموتون كل يوم بسبب الماء غير الصالح للشرب، و أن 13 مليون هكتار من الغابات تختفي سنويا، و أن 75 في المائة من خيرات البحر تم استنزافها و غيرها من الأرقام التي توضح أن الإنسان يقود الكرة الأرضية نحو الكارثة. الفيلم يعاتب ضمنيا كل البلدان المعنية بالإساءة إلى البيئة و ينوه ببعض البلدان التي بذلت مجهودا ملموسا في التشجير و تعويض الغابات المنقرضة و في استعمال الطاقات المتجددة و تطويرها بدل الاعتماد على النفط الذي لن يعمر طويلا. وقد بدأ التحسيس بأهمية البيئة و مخاطر المستقبل يعطي ثماره فعلا، و يلاحظ ذلك مثلا في نتائج الانتخابات الأوروبية الأخيرة التي جرت غداة عرض هذا الفيلم ، إذ لوحظ أن الأحزاب الأوروبية الخضراء حققت نتائج متقدمة نسبيا مقارنة مع السنوات الماضية مما يدل على أن الناخبين أصبحوا يضعون ثقتهم في منتخبين مقتنعين بأهمية البيئة و عازمين على وضع حد للتدهور البيئي الكارثي. القناة الفرنسية الثانية قدمت برنامجا خاصا بعد تقديم هذا الفيلم شارك فيه متخصصون في مختلف المجالات البيئية من بينهم السيدة (مود فونطونوا) البحارة و سفيرة المحيطات لدى منظمة اليونسكو التي أبت إلا أن تخص المغرب في حديثها بنقطة بيئية سوداء من خلال قولها بأنها زارت منذ أسبوعين أحد الشواطئ بالقرب من الدارالبيضاء و لاحظت أنه ملوث بالأكياس و القنينات البلاستيكية و أن بعض الأشخاص يتشمسون فيه دون أن يهتموا بذلك، و أضافت بأنها قامت بمساءلة حوالي 1000 طفل مغربي و استغربت و تأسفت لجهلهم عندما أجابوها كلهم على حد قولها بأن هذه الأكياس و القنينات البلاستيكية لا تتحرك من الشاطئ و لا تنتقل إلى بحار و محيطات عالمية أخرى، و جعلت من ذلك سببا كي تلح على ضرورة الاهتمام بالتربية البيئية عند الأطفال.السيدة (مود فونطونوا) كانت أقل استغرابا لأطفال بلدها (فرنسا) حينما صرحت بأنها طرحت نفس السؤال عليهم فلاحظت أن 50 في المائة منهم يعلمون أن التلوث الموجود في أي شاطئ يمكنه أن ينتقل إلى شواطئ أخرى بفعل الرياح و التيارات البحرية.