لنفترض أن إسرائيل (أو الولاياتالمتحدة) تهاجم المنشآت النووية في إيران. وسواء نجح الهجوم أم لا، سترى إيران في هذا الهجوم خطوة شاذة، حربية، تستدعي ردا عسكريا واقتصاديا سياسيا. هناك عدة إمكانيات لرد إيراني في المجال العسكري: إطلاق صواريخ على إسرائيل وعلى أهداف أمريكية، مهاجمة إسرائيل بسلاح الجو (باحتمالات متدنية)، أو استخدام سلاح البحرية ضد أهداف في الولاياتالمتحدة وفي إسرائيل. كما يمكن لإيران أن تستخدم ضد إسرائيل حزب الله أو حماس، المبادرة إلى عمليات في العراق ضد أهداف أمريكية، وأهداف للحكومة العراقية المحلية وكذا أعمال إرهابية في أرجاء العالم ضد أهداف يهودية، إسرائيلية وأمريكية. إمكانية أخرى هي اليوم في عداد الاحتمال المتدني، تتمثل في إطلاق الصواريخ من الأراضي السورية. كما يمكن لإيران أن تتخذ ردا في المجال الاقتصادي السياسي وحده أو أن يتداخل هذا مع عملية عسكرية. مثل هذا الرد يمكن أن يكون ضرب السفن التي تمر في مضائق هرمز أو مكان رسوها. يمكنها أن تقلل حجم تصدير النفط والغاز، الأمر الذي سيؤدي إلى رفع أسعارها في العالم. والرد الأشد الذي يمكن لإيران أن تتخذه هو إغلاق مضائق هرمز في وجه النفط. في هذه المضائق يمر نحو 40 في المائة من الطلب العالمي على النفط. أثر إغلاقها سيكون متعلقا على مدى الزمن الذي يمتد فيه الإغلاق. مهما يكن من أمر إذا ما ردت إيران فإن كل المنطقة ستكون في حالة حرب. حسب بحوث أجرتها مؤخرا محافل البحث التي تعمل مع مجلس الأمن القومي في الولاياتالمتحدة، فإن من يعتزم مهاجمة المنشآت النووية في إيران يحتاج إلى أن يكون لديه رد على كل إمكانيات الرد الإيراني. أما من ليست لديه هذه الإمكانيات - إسرائيل مثلا- فمحظور عليه أن يهاجم. في تقويم الوضع الذي أجري في الولاياتالمتحدة قبل سنين، تقررت عدة أهداف: ضمن أهداف أخرى، كان منع إيران من الوصول إلى هيمنة إقليمية (والتي يمكن أن تحققها حتى دون استخدام القوة العسكرية)؛ منع سقوط النظام في العراق؛ منع تدخل إيراني عام في العراق؛ لحماية أصدقائها في المنطقة، ولاسيما السعودية وإسرائيل، والتأكد من أن النفط يواصل التدفق من الخليج الفارسي وفقا للطلب العالمي. من هنا، الاستنتاج الوحيد الممكن هو أنه إذا كان هناك هجوم فإنه سيتم من قبل الولاياتالمتحدة التي سيتعين عليها أن تعد ردا مسبقا لإمكانيات الرد الإيراني. الرد الإيراني الأخطر هو إغلاق مضائق تيران. في هذه الحالة، فإن مراحل عمل الجيش الأمريكي كفيل بأن يكون: 1 - مهاجمة الأسطول الإيراني، القواعد والوسائل التي تستخدم لإغلاق مضائق هرمز؛ 2 - مهاجمة منظومات مضادات الطائرات، مراكز التحكم والرقابة، مهاجمة سلاح الجو الإيراني ومنظومة الصواريخ (مع التشديد على الصواريخ بعيدة المدى)؛ 3 - مهاجمة المنشآت النووية (الفرضية هي أن هذه المنشآت «لا تهرب»). هذه خطة مركبة جدا، تحمل معانيَ قاسية لإيران وبقدر هام للعالم أيضا. ثمة من يدعي بأن تسريبها جاء لإقناع إيران بجدية الولاياتالمتحدة. ربما هكذا، إذا ما أعلنت الولاياتالمتحدة أن في نيتها مهاجمة إيران، ستفضل هذه قبول التعاون الدولي في الموضوع النووي للأغراض السلمية. مهاجمة إيران لمنعها من نيل السلاح النووي ليست مرفوضة مبدئيا، ولكنها ليست موضوعا لإسرائيل. عن ال «هآرتس»