في أول خطوة من نوعها، وبعد قرون من عدم الاهتمام، قررت الدولة إحياء لقاءات سيدي شيكر بين أهل التصوف والمنتسبين إليه، في مبادرة أولى لتجميع مشايخ ومسؤولي الطرق الصوفية بالمغرب وخلق حوار في ما بينهم وتنسيق الجهود المشتركة لبعث التراث الصوفي المغربي. فقد أعلن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، في ندوة صحافية بمقر وزارته أمس الجمعة، عن انعقاد الدورة الوطنية الأولى ل»لقاءات سيدي شيكر الوطنية للمنتسبين إلى التصوف»، وقال إن الغرض من هذه اللقاءات، التي ستنعقد كل عامين على الصعيدين الوطني والدولي، هو خلق لقاء بين الطرق والزوايا الصوفية ومحاولة التقريب في ما بينها، وبخصوص تمثيلية الطرق الصوفية قال التوفيق: «حاولنا أن نمثل جميع الزوايا والطرق الصوفية التي لها حضور»، وردا على سؤال حول المنهجية التي ستتبعها الوزارة في تمثيل الطرق الصوفية التي تعيش انقسامات كبيرة، لأسباب عائلية أو لأسباب أخرى، مثل القادرية والحراقية، قال وزير الأوقاف إن هناك بالفعل صراعا حول «المشروعية» في بعض الطرق الصوفية، وإن الوزارة قررت أن تطلب من مشايخ الطرق الصوفية التي تعرف نزاعات الاتفاق في ما بينهم واختيار ممثل لهم، مضيفا: «لكننا لا نتدخل في مثل هذه المشاكل». واستبعد التوفيق أن يكون وراء هذه المبادرة دافع سياسي معين، موضحا أنه لا يمكن التفريق بين ما هو سياسي وما هو غير سياسي في أي عمل كان، وأردف قوله: «كل ما يبعد الشر عن البلاد سياسة، وكل ما يجلب الخير للبلاد سياسة»، ووصف الدورة الأولى من لقاءات سيدي شيكر بأنها «اجتماع تحنن وروحانية وصلة رحم وبداية تنظيم هذا التراث». وكشف التوفيق أن موقع سيدي شيكر، المتواجد قرب آسفي، سيشهد ترميمات وتنقيبات أثرية، والعناية بالمقبرة التاريخية وإقامة بنية للاستقبال وإقامة منشآت تعليمية وعلمية وفنية واستغلال أرض الأوقاف المجاورة للمكان من أجل الزراعة والإنفاق على الموقع. واختارت الدولة عقد هذه اللقاءات بين رجال التصوف في سيدي شاكر نظرا لارتباط هذا الموقع تاريخيا بالاجتماعات التي كان المنتسبون إلى التصوف يعقدونها به، وكانت تلك الاجتماعات تعقد في الغالب في شهر رمضان حول رباط تاريخي يسميه المؤرخون»رباط شاكر». وجاء إحياء تلك اللقاءات بإذن من الملك محمد السادس الذي قرر أن تكون في صيغتين، صيغة وطنية يتم تنظيمها خلال رمضان كل عامين لمدة ثلاثة أيام، وصيغة عالمية تنظم كل عامين في فصل الربيع، ويحضرها جميع المنتسبين إلى الطرق الصوفية في المغرب وفي مختلف أنحاء العالم.