قام عدد من شيوخ الطرق الصوفية الذين استحسنوا فكرة أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، بإنشاء هيئة كونية للمنتسبين إلى التصوف للتفكير والتنسيق والتشاور تجمع أهل التصوف في العالم، بسحب الاستمارة المتعلقة بالموضوع، وملئها كي يتم إرسالها قبل شهر رمضان المقبل تأكيدا على موافقتهم للمبادرة التي أعلن عنها أحمد التوفيق. وأوضح شيخ الطريقة التيجانية في ساحل العاج في حديث مع «المساء» أن مبادرة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية «فتحت أفقا جديدا في التواصل الكوني فيما بين الصوفيين فيما بينهم من جهة، وفيما بينهم وبين العالمين من جهة ثانية»، من جهته قال متين صديقي، شيخ الطريقة النقشبندية في الولاياتالمتحدةالأمريكية في تصريح ل«المساء» إن الإعلان عن الهيئة التي اقترح التوفيق أن يكون المغرب مقرا لها بعيدا عن الجانب الحكومي، «فتحت أفقا رحبا للعمل والتفكير في تطوير عالم وعلم الصوفية»، مشيرا إلى أن نقشبنديي الولاياتالمتحدةالأمريكية انطلقوا في تحديد أولويات العمل الصوفي في الولاياتالمتحدة أولا «كي ننطلق إلى فضاء صوفي كوني رحب». قبل رمضان المقبل سيتم استدعاء الموافقين على المشروع إلى المغرب وطرح الفكرة من جديد والتداول في تفاصيلها من حيث التنظيم والأهداف والوسائل والبرامج، حسب ما أكده أحمد التوفيق، ليلة أول أمس الأحد، خلال اختتام أشغال اللقاء الثاني من لقاءات سيدي شيكر العالمية لمنتسبي التصوف، وأوضح التوفيق أنه سيمضي في تكريم المؤسسات الصوفية تفاديا لأي محاولة لاستعمالها «في غير وجهتها من تربية النفوس على التقوى وإطماعها في رحمة الله مما يثمره الاجتهاد على نصحها مما لذلك من رشد وكمال لا حصر لآثاره على العباد». واعتبر الوزير خلال كلمته التي أعلن فيها عن مشروع الهيئة الكونية للمنتسبين للتصوف أن المؤسسات الصوفية «هي في مهب رياح العصر العاتية وعرضة لتغيرات قد تطال الجوهر ولا تتوقف عند الأعراض لأسباب داخلية وخارجية»، وفي محاولة إزالة أي لبس عن المبادرة وكل التأويلات التي يمكن أن تثار حولها قال الوزير مخاطبا حوالي 1500 مشارك إن هذه الهيئة «لن تكون إلا بالصيغة التي يتفق عليها مؤسسوها المترشحون للتأسيس الممثلون لمختلف الطرق المحبذة لهذه الفكرة وليس من الضروري أن تكون كل الطرق محبذة لها». ولم يخف متتبعون أن تثير مبادرة وزير الأوقاف حفيظة الجانب الجزائري، الذي شارك بعض المنتسبين للطريقتين القادرية البودشيشية والبوزيدية بالجزائر في ملتقى سيدي شيكر. وذهب التوفيق، الذي كان بارزا خلال الملتقى العالمي من خلال تحركاته ومداخلاته، إلى القول «إذا كانت الطرق الصوفية معامل ومدارس لتخريج الأفراد الذين لا يظلمون أنفسهم ولا يظلمون الناس، الذين يتخلون ويتحلون فإن كل الهيئات الخادمة للناس بأشكالها المجتمعية والسياسية الحالية والتي لا غنى عنها ولا بديل لها تحتاج إلى بضاعة هذه المعامل وثمرة تربية تلك المدارس»، ومن ثمة فإن الصوفية «لا يمكن أن يظلوا في الزوايا بالمعنى السياسي، أي في هوامش المجتمع، لأنهم مواطنون وشهود ناصحون، فإذا دخلوا في أي بناء كان صحيحا سليما بسلامة اللبنات التي يمثلونها فيتعرف عليهم الناس بالتميز بالصدق والإخلاص ويتعرفون على أسباب تميزهم بالتخرج من مدرسة التصوف، ويمكن أن يصدق ذلك على صغار الفاعلين المندرجين في كل الخدمات كما يمكن أن يصدق على أصحاب المسؤوليات الكبرى في المجتمع». وأشار الوزير المنتسب إلى الطريقة القادرية البودشيشية التي يتزعمها الشيخ حمزة بن العباس بودشيش إلى دعوة صدرت عن بعض الشيوخ أخيرا تدعو إلى ضرورة انخراط الصوفية في القضايا المطروحة على بلدان المسلمين، ودعوة أخرى تدعوهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.