الصحافة هي ملحمة العالم الحر، فحيث توجد ديمقراطية عظيمة، توجد، بالضرورة، صحافة عظيمة، وحيث توجد صحافة عظيمة، توجد، أيضا، تقاليد راسخة في ثقافة القراءة، فالقراء الجيدون يصنعون الصحيفة الجيدة، كما تقول القاعدة الذهبية في مجال الصحافة... من هنا نفهم معنى أن تحتكر صحافة الدول الديمقراطية كل الأرقام القياسية، فنجد صحيفة مثل «نيويورك تايمز»، الأمريكية، عمرها قرن ونصف، و«ديلي ميرور»، البريطانية، توزع مليون نسخة في اليوم... فالعالم الحر سمح للصحافة ولوسائل الإعلام، عموما، بالانتقال من كونها إحدى وسائل إخبار الرأي العام إلى الوسيلة الرئيسية لصناعة الرأي العام، ليتم تتويجها «صاحبة للجلالة» على كل أنواع السلط أو «سلطة السلط»... أظهرت الدراسات مرارًا وتكرارًا بأن «الحرة» كانت غير قادرة على الوصول إلى المشاهدين العرب في استطلاع أجري بجامعة ميرلاند وزوجنبي الدولية، حيث كشف أن نسبة مشاهدة «الحرة» في أغلبية البلدان الإسلامية، ضمنها مصر والمغرب والأردن والمملكة العربية السعودية ولبنان، كانت في حدود 2 بالمائة في 2008. وأصبحت 0.5 بالمائة في 2009. وفي منطقة القاهرة الكبرى كشف استطلاع أجري بين مستعملي الأقمار الصناعية أن 64 بالمائة قالوا إن «الحرة» ليست مصدرًا جديرًا بالثقة، فيما قال 86 بالمائة و67 بالمائة إن «الجزيرة» و«سي إن إن» على التوالي هما أوثق مصادر الأخبار، إلا أن فريقًا مكلفا من «بي بي جي» كشف أن 29 بالمائة من مستخدمي الأقمار الصناعية البالغين قد استمعوا إلى «الحرة» في وقت ما خلال أسبوع واحد في أبريل 2005. التناقض الواضح قد يكمن في نسبة المشاهدة لبرامج الأخبار والبرامج الترفيهية. «الحرة» لا تصل إلى جمهور كبير. لكنها تحصل على 26 مليون مشاهد أسبوعيا. خبير الشرق الأوسط من جامعة ميرلاند ومؤسسة بروكنجز في العاصمة واشنطن قال: «لايعني ذلك أنهم لا يشاهدون «الحرة»، هم يغيرون القنوات، لكنهم يعودون إليها أثناء الأخبار. وهناك تقييم أكثر إيجابية ل«الحرة» تم في شكل استطلاع أجري من مارس وماي 2008 بيّن أن معدل مشاهدة «الحرة» في العراق أكثر بقليل من «الجزيرة».وأشار ألفين سينايدر مدير تنفيذي سابق من وكالة الأنباء الأمريكية، مستشهدًا بهذه الأرقام، إلى أن «الحرة» هي المحطة المفضلة في العراق وتبث من 5 محطات أرضية تغطي المدن الرئيسية. انتقدت «الحرة» أكثر من مرة بسبب مذيعي الأخبار وتغطيتها. إذ في مناسبات عديدة، تحدثت قناة «الحرة» عن قضايا لم تسمح بها الحكومة الأمريكية. على سبيل المثال، أعلن أحد مذيعي المحطة في عيد الفصح لجمهور المحطة المسلم في المقام الأول أن «يسوع عاد اليوم إلى الحياة» في ديسمبر 2006، أيضا، غطت «الحرة» المؤتمر الذي نفى محرقة الهولوكوست. وبثت القناة خطابا غير منقح لمدة ساعة طويلة من أمين عام حزب الله حسن نصر الله. كما عينت موظفين لبنانيين بمؤهلات منخفضة. وذكرت «أخبار سي بي إس» أنه كان من المفترض بأن المراسل الذي غطى مؤتمر المحرقة أن يطرد بعد ذلك التقرير. وفي 2004، عندما قتلت غارة جوية إسرائيلية الشيخ أحمد ياسين، واصلت «الحرة» عرض برنامج للطبخ لم توقفه لمناقشة آخر الأخبار، وفي برنامج «60 دقيقة» وصحيفة «بروببليكا» قيل: «يبدو أن هناك القليل من الرقابة يوميا». ونقلت الصحيفة عن وليام رو، السفير الأمريكي السابق في اليمن ودولة الإمارات العربية المتحدة قوله «لا يوجد هناك مشرفون كبار يعرفون ما هو على البث الفعلي». وتم تصوير «الحرة» في «الشرق الأوسط» بشكل سلبي إلى حد كبير. ووفقا لتقرير لخدمة أبحاث الكونغرس بعنوان «شبكة تلفزيون الشرق الأوسط: نظرة عامة»، فإن «الحرة» تلقت ردود فعل متباينة من النقاد العرب. ومن بين الانتقادات كانت الخيول، التي تعرضها «الحرة» في فترة الإعلان جنبا إلى جنب مع اسم المحطة كرمز يعني ضمنا أن المشاهدين العرب ليست لديهم بدائل، في إشارة إلى أن وسائل الإعلام تسيطر عليها الدولة. ووفقا لمارتن جوستين، وهو مراسل ل«كولومبيا جورناليسم ريفيو» ويعمل أيضا مراسلا في «الشرق الأوسط» في القاهرة، فإن أكثر الأشياء المنتقدة في «الحرة» هي أن الكثير من العرب لا يعرفون أنها موجودة وكثير من أولئك الذين يجدونها يعتقدون أنها أداة من أدوات الجيش الأمريكي. وهذا الافتراض هو سابق لأوانه. ولكنه معقول بالنظر إلى أنها وجدت لتحسين صورة أمريكا في العالم العربي عقب غزو العراق، والاتجاه الشامل لوسائل الإعلام العربية تجاه «الحرة» بما في ذلك قناة «الجزيرة» وموقع «إسلام أون لاين»، هو رفض «الحرة» ووصفها بأنها «منحرفة ومتعالية ومتغطرسة أطلقت لتلميع صورة الولاياتالمتحدة في المنطقة. وفي منتدى الإعلام العربي في دبي يوم 12 ماي 2010 ذكر جو كوناسن بأنه نفسه، ورئيس المعهد العربي الأمريكي جيمس زغبي، ومدير قناة «الجزيرة» الإنجليزية صالح نجم وغيرهم، اتفقوا على أن «الولاياتالمتحدة عرضت «الحرة» بشكل خاطئ للغاية».كما لاحظ كوناسن أنه «بدلا من تصحيح أو إلغاء نموذج الدعاية المعيبة التي تستعملها القناة، فإن المجلس الذي يشرف على «الحرة» سيطلب المزيد من المال».