أكدت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية فشلت في اتخاذ تدابير استباقية للتصدي لفيروس الحصبة، رغم تحذير منظمة الصحة العالمية في سنة 2023. وقد أدى هذا التقصير إلى انتشار الفيروس وفقدان أرواح طفولة بريئة بالعشرات، حيث سجلت 25 ألف إصابة و120 وفاة. في سابقة خطيرة، عاد فيروس الحصبة أو "بوحمرون" إلى الانتشار بشكل حاد في عدد من مناطق المغرب، متسببا في فقدان العشرات من أرواح الأطفال الذين يقل عمرهم عن 12 سنة. وسجلت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أرقاما مخيفة تتجاوز 25 ألف إصابة و120 وفاة منذ يناير 2024، مع تسجيل حوالي 19 ألفا و515 حالة إصابة منذ أكتوبر 2023، بمعدل 52.2 حالة لكل 100,000 نسمة. وأشارت الشبكة إلى أن هذه العودة المفاجئة تأتي بعد فترة كان المغرب يسجل فيها أقل من 5 حالات سنويا، وعلى وشك القضاء على الحصبة سنة 2019. هذا الوضع سيكون له أثر سلبي كبير على المنظومة الصحية الوطنية المثقلة أصلا بالاختلالات، وسيؤدي إلى تراجع النتائج المحققة في مجال التمنيع، بالإضافة إلى صعوبة تحقيق أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030، ومن بينها القضاء النهائي على الحصبة كمؤشر لنجاح برامج التطعيم الشامل. وأضافت الشبكة أن تحذيرات منظمة الصحة العالمية سنة 2023 كانت واضحة بشأن الحصبة كمرض شديد العدوى ينتقل عبر الهواء ويسببه فيروس قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تصل إلى الوفاة. وقد دعت المنظمة حينها إلى مجهودات استثنائية لتفادي كارثة صحية، محذرة من أن انخفاض معدلات التلقيح في العديد من الدول، ومنها المغرب، سيؤدي إلى ارتفاع عدد الإصابات والوفيات. ورغم هذه التحذيرات وارتفاع عدد الوفيات، أكدت الشبكة أن الحكومة لم تتحرك للإعلان عن حالة طوارئ صحية ولم تفعل عمل اللجنة المشتركة بين وزارة الصحة، مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض، الداخلية، والتعليم، لتنسيق إستراتيجية وطنية لمواجهة الحالة الوبائية. وأشارت إلى القرار المشترك رقم 1814 المؤرخ في 24 نونبر 2014، الذي يهدف إلى إنشاء لجان وطنية وجهوية وإقليمية لمواجهة الأوبئة، لكنها اعتبرت أن هذه الإجراءات ظلت حبرا على ورق. كما لفتت الشبكة إلى غياب معطيات دقيقة لدى وزارة الصحة بشأن خريطة التمنيع والأسر التي لم يستفد أبناؤها من استكمال تلقيحهم، على الرغم من وجود أدوات رقمية حديثة. ودعت الشبكة إلى فرض تقديم دفتر التلقيح مع وثائق التسجيل المدرسي، لتسريع حصول الأطفال على الجرعات اللازمة. وأكدت على أهمية تلقيح 95 بالمائة من الأطفال غير الملقحين، مع منع المصابين بالحصبة من الذهاب إلى المدارس إلى حين شفائهم، كإجراء أساسي للحد من انتشار المرض. في ظل هذا الوضع، عبرت الشبكة عن قلقها من ضعف تدبير الأزمة الوبائية وغياب رؤية استباقية وشفافة لمواجهة تفشي الحصبة، خاصة في المؤسسات التعليمية، دور الأطفال، السجون، والمناطق العشوائية المكتظة. وذكرت أن الأطفال غير الملقحين أو المنقوص تلقيحهم هم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، وهو ما أدى إلى فقدان أرواح بريئة نتيجة ضعف برامج الرعاية الصحية الأولية، وحملات التلقيح، والصحة المتنقلة في البوادي وهوامش المدن التي تعاني من غياب بنية تحتية صحية. كما أبرزت الشبكة أنه رغم التقدم الذي حققته البلاد في العقدين الأخيرين في الحد من وفيات الأطفال دون سن الخامسة، فإن العودة إلى أمراض الفقر، مثل الحصبة، باتت تهدد صحة الأطفال نتيجة سوء التغذية والفقر. وأكدت أن سوء التغذية يعزز مضاعفات الحصبة، ما يزيد من احتمالات الوفاة. وشددت الشبكة على أهمية تعزيز دور الإعلام الوطني في نشر الوعي بمخاطر الحصبة وأهمية التلقيح، مع التصدي للمعلومات المضللة والأخبار الكاذبة التي تساهم في عزوف الأسر عن تلقيح أطفالها. في ختام تصريحها، دعت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة جميع الجهات المعنية إلى التعبئة الشاملة، لإيجاد حلول ناجعة لإنقاذ أرواح الأطفال وتحسين المنظومة الصحية الوطنية.