تلمس «عْلِي» حجر وسط ركام الأحجار المؤثثة للغابة. اختار الحجر الذي تمكنت منها إحدى يديه, وفي لحظة خاطفة بعد أن استجمع قواه، لطم وجه صهره «بوعلام» الذي لم يكن له الوقت ليعي ماذا جرى له، ليرمي بيديه في اتجاه وجه «عمرو» ويخدش جبينه بأظافره في محاولة للدفاع عن نفسه، قبل أن ينقلب على قفاه ويدخل في غيبوبة عميقة لن يستفيق منها بتاريخ 23 نونبر وحوالي الساعة 11 و15 دقيقة ليلا تم إخبار مصالح الأمن بوجدة من طرف وكيل نائب الملك بوجود شخص بحي القدس بمحاذاة غابة سيدي امعافة ملطخا بالدماء نتيجة شجار وقع بينه وبين شخص آخر يوجد بمكان خلاء، وأن الأمر يتطلب سرعة التدخل لخطورة الموقف. وبناء على هذه المعطيات انتقلت، إلى مسرح الجريمة، عناصر الشرطة القضائية بوجدة رفقة عناصر من الدائرة المداومة وبعين المكان تم تسليم «عْلِي» الشخص الذي قام بالفعل الإجرامي بعد أن ألقى عليه القبض الحارس الليلي للحي المذكور، وعوينت على الجاني وهو من مواليد سنة 1964، حالة السكر المفرط وثيابه كانت ملطخة بالدماء وكذا أطرافه وإصابات بجروح خفيفة في جبينه وركبته. وبعدها تم الانتقال إلى المكان الذي توجد به سيارة من نوع فياط أونو وأمامها تمت معاينة شخص المسمى قيد حياته بوعلام والساكن بوجدة وهو ملقى على ظهره ومصاب بجروح بليغة في الرأس وملطخ بالدماء عن آخره، حيث تبين من الوهلة الأولى أنه فارق الحياة وبالقرب من الجثة تمت معاينة عدة أحجار ملطخة بالدماء تفيد استعمال الجاني لها في الاعتداء، وبمحاذاة مكان الجريمة تم العثور على عدة قنينات فارغة من الجعة والنبيذ الأحمر. سهرة ثلاثية غريبة كان «علي» ينظر إلى قنينة الجعة التي مازالت مملوءة وكان يود أن يشربها بعد معركة دامت طويلا كانت أسلحتها الحجارة. كان ينظر إلى الجعة مرة وإلى الجثة أخرى. تذكر صاحب الجثة عندما ضربا الموعد مساء نفس اليوم عند متجر الخمور قبالة «السوق المغطى» و«تْقَضَّاوْ» ما لذ وطاب من أنواع «البيرة» و»الروج» وكمية من «الكطعة» تتمثل في جبن و»طون» وزيتون، ملآ به صندوق سيارة «الفياط أونو»، وقصدا الغابة بعيدا عن الضوضاء طالبين سكون الفضاء محتمين بالشجر في انتظار النديم الثالث الذي وعدهم بالالتحاق بهما بعد أن يُرتِّب أموره بالحي الصناعي حيث يشتغل كحارس . كان «بوعلام» أكبرهما سنا ويتجاوز الخمسين سنة، كان يلعب دور المُوجِّه والفارض نفسه بقوة القوة وبقوة الفعل حيث كان صهرهما وأب زوجتيهما. كانا يهابانه لا لقوته الجسدية ولكن لقوة ماله الذي كان يزيد الزوجتين قوة وحكما وأمرا... الليلة خمر وبعدها أمر بدأت الكأس تدور والدماء تفور. ورغم برودة الليلة أخذت حرارة الأجساد ترتفع.. انقضى نصف الليل واحمرت المُقل وتلعثم الكَلِم وتبعثرت الجُمل ودخل الخلان في شَدِّ الكلام بعد قرب انقضاء المدام... «إوا انْت، يا سِّي عْلِي مازال ماهْداكْشْ الله تكمل لي الصداق انْتاع البَنْت؟» تفاجأ «علي» بحديث صهره «بوعلام» عن مؤخر صداق زوجته بل أحرجه كلامه ورأى فيه نوعا من التحدي خصوصا أن صهره يعلم جيدا وضعيته الاجتماعية. «خلينا يا صاحبي، يا سي بوعلام، نْكَمْلُو الليلة بِخِيرْ ومن بَعْدْ يْدير الله تاويل» يجيب علي متلافيا النظر إلى عيني صهره الذي ألح في «استخلاص» ما بذمة «علي». لم يكن لعلي من خيار سوى التهرب بالوعد والوعيد مآزرا بنديمه زوج شقيقة زوجته ضد صهره...» هاذ الليلة نتاع الشْرابْ، خَلِّي حتّى لْغَدَّا ويكون جْوابْ..» «ألاّ. بغيت تَرَدْ عْلِيَ دْرُوك...» جريمة بشعة مجانية تلمس «عْلِي» حجرة ملساء وسط ركام الأحجار المؤثثة للغابة. اختار الحجرة التي تمكنت منها إحدى يديه وفي لحظة خاطفة بعد أن استجمع قواه، لطم وجه صهره «بوعلام» الذي لم يكن له الوقت ليعي ماذا جرى له، ليرمي بيديه في اتجاه وجه «عمرو» ويخدش جبينه بأظافره في محاولة للدفاع عن نفسه، قبل أن ينقلب على قفاه ويدخل في غيبوبة عميقة لن يستفيق منها. كانت أطرافه تتحرك ببطء وأنينه يخفت وكان على النديمين أن يُسكتا فاهَ المطّالب بالصداق في ليلة خمرية حمراء أدى ثمنها الصهر في سهرة ما كانت أن تكون... جَمَعا ما جمعا من حجر وأمطرا صهرها ضربا على مستوى الوجه والفم كمَنْ يريد أن يقول له «لن تتكلم عن الصداق ولن نستحمل أوامرك منذ الآن وإلى الأبد». لم يكن الجانيان يعلمان أن ضرباتهما الأخيرة لم تكن لتفيد «بوعلام» حيث كان قد فارق الحياة. افترق «الصاحبان» وتاه «عْلي» في أحد الأحياء القريبة من مكان الجريمة ملطخا بالدماء فيما تمكن «عمرو» من الالتحاق ب«مقرّ عمله» بالحي الصناعي ليلج ملجأه في محاولة منه للعثور على قليل من الراحة... القبض على الجاني الثاني والصهر الثاني من خلال التحريات الأولية مع الجاني الرئيسي «عْلي» اتضح أن هناك شخصا ثالثا ساهم بدوره في عملية الاعتداء على الهالك، وبدلالة منه تم الاهتداء إلى مكان تواجده كحارس ليلي بالحي الصناعي. كان عمرو يقاوم النوم ودوخة السكرة بملجئه بالحي الصناعي محاولا القيام بدوره الليلي وكان قد نسي ما وقع بل تراءى له أنه في حلم واستمر في السب والشتم متلفظا بعبارات متثاقلة لم يكن يسمعها ويفهمها إلا هو. وقفت عند مدخل الملجأ سيارة الشرطة ونزل منها عنصرا الأمن وسألاه: «واش انْتَ هُو عْلِي انْسيِبْ بوعلام واسْليِف «علي»؟» أجاب بالإيجاب دون أن يعي سبب حضورهما ولا مغزى سؤالهما. كان عمرو يجر وراءه 40 سنة مثقلة بسهرات الليالي في اللف والدوران بين الأزقة والشوارع ولا يعرف للنهار ضوءا، وكان هو الآخر صهر الضحية وزوج إحدى بناته. وُضعت القيود في يديه وأُلقي به في «اسطافيط» حين تفاجأ بوجود نديمه وصهره «علي» فسأله «وانْتَ، اشنو رَاكْ ادِّيرْ هْنا؟» أجابه ضابط الشرطة «حَتَّى لَصْباحْ وتَعْرَفْ عْلاشْ.». وأغلق الباب بقوة وصعد إلى السيارة التي أقلعت بقوة ارتمى لها جسدا «علي» و»عمرو» المنهكين بفعل الخمر والسهرة . وهكذا وفي لحظة شيطانية حمراء بل سوداء فقد الصهر حياته والنديمان حريتهما بارتكابهما جريمة شنيعة وفقدت بنتان أباهما وفقدتا زوجيهما الذين تمت إحالتهما على العدالة بمحكمة الاستئناف بوجدة