تحتضن مدينتا بني ملال وأزيلال المهرجان الوطني للقصة القصيرة، في دورته الثانية، والذي ينظمه اتحاد كتاب المغرب، بتنسيق مع المديرية الجهوية للثقافة في بني ملال، وينطلق المهرجان اليوم الجمعة وغدا السبت. وتأتي الدورة الثانية من المهرجان الوطني الثاني للقصة القصيرة احتفاء بالفن القصصي الوطني، مسلطة الأضواء على سيرورته، ماضيا وحاضرا ومستقبلا، وملتفتة إلى قضاياه النظرية والجمالية النوعية والمستجدة، في أفق الرهان على ضمان تطوير أساليبه، لغة وتخييلا وبناء، خصوصا أن هذا الجنس الأدبي الحيوي عرف خلال العقود الأخيرة طفرة متنامية، ما فتئت تحقق إشعاعا ثقافيا محمودا، سواء داخل المغرب أو خارجه، وهو ما يبرز من خلال دينامية الأنشطة المخصصة له هنا وهناك، وأيضا عبر التراكم النصي المطّرد لمنتجيه والاهتمام المتزايد الذي يلقاه في محفل القراءة والتلقي. وتقترح الأرضية الثقافية لهذا المهرجان، فضلا على جلستين إبداعيتين للقراءات القصصية، بمساهمة كتاب وكاتبات من مختلف الأجيال والحساسيات والمرجعيات، تخصصين لقراءة آخر الإنتاجات القصصية للمبدعين المغاربة، تنظيم لقاء تكريم ووفاء، يفرد للأديب المغربي القاص مبارك ربيع، الذي تتشرف هذه الدورة بحمل اسمه، باعتباره واحدا من أيقونات هذا الجنس ورموزه اللامعة، ممن حققوا استمرارية لافتة في العطاء والتجدد. ولعل محكياته ومجاميعه القصصية: (سيدنا قدر /1980، دم ودخان/1981، رحلة الحب والحصاد/1983، البلوري المكسور/ 1996، من غرب لشرق/2002، صار غدا /2009، دليل شاخص على تفانيه الصوفي) وعشقه اللا محدود للقصة القصيرة، التي لا يعدها باحة استراحة بين روايتين، بل واحة أدبية مستقلة يفيء إليها بحثا عن ماء السرد وظلاله الوارفة... كما تقترح هذه الدورة ندوتين، الأولى «شعرية المكان في القصة المغربية القصيرة»، بمشاركة باحثين ونقاد مغاربة مرموقين، وتسعى إلى إبراز قيمة المكان، بمختلف تجلياته، في بناء المتن القصصي المغربي، إذ أضحى هذا المقوم كيانا هندسيا مرئيا وملموسا بشكل واقعي، له القدرة على تجاوز الحدود الفيزيقية، أو ما يمكن أن يعكس ملامح المكان المألوفة، فهو متعلق بجوهر العمل القصصي وما يستحضره من صور لذكريات واسترجاعات مكانية وسيكولوجية واعية أو لاواعية، أو هو، على حد تعبير غاستون باشلار، «تلك الصورة الفنية التي تذكّرنا أو تنبش في أعماقنا ذكريات وأضغاث رؤى». وسيتم البحث عن «شعرية» هذا المكون بوصفه كيانا ماديا ورمزيا يبرز الشخوص وينمي الحدث ويدعم السرد وكل الموتيفات والعناصر البنائية الداخلة في عملية تصييغ النص القصصي. الندوة الثانية «أسماء في الذاكرة القصصية»، وهي لحظة استعادة لأربعة أسماء إبداعية رحلت عنا في السنوات الأخيرة، مخلفة منجزا قصصيا ثرا ومهما، فتَوجَّبت، من باب الاعتراف والامتنان، العودة إلى تراثها لإيلائه ما يستحق من دراسة وبحث نقديين، كفيلين بجعل عطاءاتها مستمرة عبر الأجيال ومتقدة في الذاكرة الثقافية المغربية. وهكذا، سيتم الالتفات إلى الأضمومات القصصية التي جادت بها أقلام كل من أحمد عبد السلام البقالي، محمد بيدي، البشير جمكار والمختار ميمون الغرباني.