كشفت رسالة كان الراحل محمد الحبيب الفرقاني، الذي توفي أول أمس، قد بعث بها إلى أعضاء المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي قبل وفاته، عن جوانب من الأزمة السياسية التي لا يزال الحزب يتخبط فيها حتى اليوم، كما أظهر ذلك تأجيل المؤتمر الوطني الثامن الذي لم يستطع الاتحاديون إخراجه من النفق بسبب خلافات داخلية بين قيادييه وأجنحته. وشخص الفرقاني، في رسالته التي تحمل تاريخ 12 مارس 2001، قبيل انعقاد المؤتمر الوطني السادس، أعطاب الحزب الداخلية وبدت كما لو أنها كتبت عشية المؤتمر الوطني الثامن، الذي رحل بتزامن مع رحيل الفرقاني رئيس لجنته التحضيرية محمد بنيحيى في باريس التي كان قد نقل إليها للعلاج. وتحدث الفرقاني في الرسالة التي حصلت «المساء» على نسخة منها من خلال محمد لومة، أحد أصدقاء الفقيد، وتكشف عن بعض مضامينها، عن الزبونية والحلقية داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والوضعية الداخلية المفككة للحزب و«الأجهزة الغارقة في التحلل والصراعات». وحدد منحنيين تراجعيين للحزب، الأول في عام 1975 إثر المؤتمر الاستثنائي، والثاني عام 1998 مع حكومة التناوب الذي وصفه الراحل في رسالته بأنه «موقف الاستسلام والتبعية والاندماج». ودعا الفرقاني في رسالته إلى تأجيل المؤتمر وقال: «لا لمؤتمر برأي واحد ورجل واحدة»، و«لا لمؤتمر على مقاس أهل الحكم يلقي بالاتحاد في دهليز التبعية ويرمي به في هوة التفتت والضياع». وفي الرسالة يتحدث الفرقاني عن ست حقائق وأخطاء وهفوات داخل الاتحاد الاشتراكي، هي سطوة تيار حلقي وتكتل زبوني واحد، واعتماد أرضية منحلة وأجهزة مختلة، وتقرير شاحب مسطح لم يناقش كما يجب، في إشارة إلى التقرير الذي أعده المكتب السياسي قبيل المؤتمر السادس، وتقرير تنظيمي لم يخضع للمناقشة، وإحصاء مفتوح «لاحتطاب الزبناء وتكثير الأتباع»، و«مؤتمر على حافة منزلق تراجعي خطير». ويقترح الفرقاني، لإخراج الحزب من أزمته وإنقاذ المؤتمر، تأجيل موعد هذا الأخير وإبعاد رجال الحكومة الاتحاديين عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر، والفصل بين المسؤوليات الحزبية والمسؤوليات الحكومية، وفصل الإعلام الحزبي عن الوزيرين، في إشارة إلى الكتاب العام آنذاك عبد الرحمان اليوسفي، ونائبه محمد اليازغي، وإعادة هيكلة الحزب بنيويا وتنظيميا، قواعد وأجهزة. وعلمت «المساء» أن عبد الرحمان اليوسفي، الوزير الأول الاتحادي الأسبق، اتصل بعائلة الراحل من اليونان وأكد حضوره للجنازة يومه السبت بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء، حيث سيدفن الراحل، بدل المحمدية حيث تقيم عائلته. وقال مصدر مقرب من أسرة الفقيد إن تأجيل دفنه إلى اليوم بدل أمس الجمعة سببه إكمال الترتيبات لتنظيم جنازة تليق بالفقيد، بعد تدخل الديوان الملكي الذي أبلغ الأسرة تكفل القصر بجميع تكاليف العلاج والجنازة.