كان سيكون اجتماعا روتينيا يتداول في حصيلة وزراء الحزب، ويدرس الترتيبات المناسبة لالتحاق الحزب العمالي بصفوف الاتحاد الاشتراكي، لكن الرسالة التي تلقاها الكاتب الأول عبد الواحد الراضي بشكل مفاجئ بداية زوال أمس كانت قادرة على قلب كل الموازين، وخلق الارتباك داخل الاجتماع الأسبوعي للمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي بعد مقاطعتهم الاجتماعات أسابيع متواصلة ، قرر محمد الأشعري والعربي عجول وعلي بوعبيد الجهر بغضبهم المكتوم من خلال توجيه رسالة للراضي وأعضاء المكتب السياسي يعلنون فيها تجميد عضويتهم داخل المكتب السياسي بسبب استفحال » خلاف عميق بيننا حول رؤيتنا للعمل السياسي والحزبي«، إذ » لم يعد مقبولا أخلاقيا وسياسيا الاستمرار في حضور اجتماعات هذه الهيئة«، حسب العبارات التي تضمنتها الرسالة التي تتوفر " الأحداث المغربية " على نسخة منها وتتحدث الرسالة عن أن القيادة الاتحادية لم » تترجم بأمانة الارادة المعبر عنها في المؤتمر«، ولذلك فهي تفضل الاحتفاظ بمسافة في الوقت الحالي، إلى حين انعقاد المؤتمر الاستثنائي الذي شدد الثلاثة على أن التحضير له ينبغي أن يتم في أقرب الآجال غضبة القياديين الثلاثة تجد بعض جذورها في قراءتها للواقع السياسي للبلاد، حيث اعتبر الأشعري وعجول وبوعبيد أن التوافقات التي تمت خلال التعديل الحكومي الأخير ( منحت لشكر حقيبة وزارية ) ومحطة انتخاب رئيس مجليس النواب ( بوأت الراضي الموقع البروتوكولي الثالث بالبلاد ) والترتيبات التي اتخذت لتنفيذه، أضفت مزيدا من الالتباس على الوضع السياسي، ورسخت القناعة السائدة لدى الرأي العام الوطني بأن » خريطتنا السياسية لايحكمها أي منطق قائم على التمايز والاستقلالية « وحاولت الجريدة الحصول على توضيحات إضافية من الثلاثة، خاصة لفهم المقصود من حديثهم عن »تشويه أسلوب التوافق« الذي يوظف »لخدمة أهداف شخصية أو حزبية«، لكن يبدو أنهم اتفقوا على عدم التعليق والاكتفاء بما تضمنته رسالتهم للمكتب السياسي وعلمت الجريدة أن عبد الواحد الراضي شرع منذ مساء الاثنين ومباشرة بعد انتهاء أشغال الاجتماع في ربط الاتصال بزملائه الثلاثة من أجل التوصل لتسوية ودية تقنع الغاضبين بالعودة لممارسة مسؤولياتهم داخل المكتب السياسي، إستجابة لقرار المكتب بهذا الشأن، ولاطفاء نيران هذه الأزمة الجديدة التي يؤكد قياديون داخل الحزب أنها لم تكن مفاجئة للكثيرين بالنظر إلى أنه كانت لديها مقدمات أبرزها تعمد الكثيرين مقاطعة أشغال الاجتماع لوقت طويل دون أن ينتبه الراضي إلى أن الأمر مرتبط بمواقف وليس بانشغالات طارئة وبحسب قيادي اتحادي فان الراضي وهو يتلو رسالة الثلاثي الذين آثروا التغيب لحظة الاعلان عن "ترسيم" مقاطعتهم للاجتماعات إنما كان يعلن عن خطوة بدت منتظرة بالنسبة للكثيرين ومفاجئة فقط لمن أساء تقدير رسائل مرموزة وقراءة الأجواء المكهربة وغير المريحة التي تمر خلالها اجتماعات المكتب السياسي خلال الفترة الأخيرةهل سيفلح الراضي في اقناع عجول والأشعري وبوعبيد بالعودة لمقاعدهم داخل جهاز المكتب السياسي قبل حلول الاجتماع الموالي الاثنين القادم ؟ لايتردد قيادي اتحادي في القول » لقد أصبحنا خبراء في تدبير الأزمات الداخلية، سيعود هؤلاء لامحالة بعد أن تتم ترضيتهم بشكل من الأشكال، لكن الأهم هو استخلاص الدروس المناسبة من هذه الحادثة، والالتفات إلى أعضاء آخرين يشاطرون هؤلاء ذات التحليل، لكن مايمنعهم حتى الآن من اتخاذ قرار التجميد أو الاستقالة هو رفضهم لسياسة المقعد الفارغ«المكتب السياسي يرفض رسالة التجميدالرسالة التي بعث بها كل من محمد الأشعري والعربي عجول وعلي بوعبيد أعضاء المكتب السياسي للإتحاد الإشتراكي، كان لها وقع المفاجأة، حيث عبر عدد من أعضاء المكتب السياسي أنهم فوجؤوا بالرسالة، اعتبارا لعدم وجود مؤشرات تسبقها ، حيث كان الأعضاء المستقيلون يمارسون مهامهم بشكل عادي، وشاركوا في اجتماعات لها ارتباط بتفعيل مقررات المؤتمر الوطني. وحسب بلاغ المكتب السياسي، فإن رسالة الإخبار بعدم حضور اجتماعات المكتب السياسي إلى حين انعقاد المؤتمر رفضت ، وعبر البيان عن تشبثه بمساهمة الموقعين على الإستقالة.وطالب البيان الكاتب الأول للحزب بالإتصال بأعضاء المكتب السياسي الثلاثة وإبلاغهم رفض قيادة الحزب لمضمون الطلب ، وإصراراهم على حضور الأعضاء في اجتماعات المكتب السياسي ، للمساهمة في ما أسماه بلاغ المكتب السياسيب « إعادة بناء اتحاد قوي وتصليب الأداة الحزبية والعمل على تجسيد مقررات المإتمر الوطني ، وعلى رأسها إعادة بناء اتحاد قوي بكل مناضلاتهومناضليه ، وتوحيد عائلة اليسار على طريق التقدم والإصلاح الذي دشن الحزب ديناميته».محمد الأشعري إبن مدينة زرهون،و خريج كلية الحقوق بالرباط عام 1975، عمل في البداية مديراً لمكتب جريدة (الاتحاد الاشتراكي) بالرباط، خبرته ومستواه الثقافي أهلاه، ليتولى رئاسة اتحاد كتاب المغرب خلال ثلاث ولايات، وكذلك مديراً لمجلة (آفاق) التي يصدرها اتحاد كتاب المغرب. شغل الأشعري عضو المكتب السياسي لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية منصب وزيرا للثقافة ووظائف حكومية أخرى ما بين 1998 و2007، وإلى جانب كتابته للشعر، يكتب القصة والرواية.من أعماله الشعرية، صهيل الخيل الجريحة، يومية النار والسفر وله بعض الأعمال الرّوائية منها رواية جنوب الرّوح.لم يتمكن من الفوز بمقعد انتخابي في سنة 2007 بمكناس، كانت له انتقادات حادة بعد انتخابات السابع من شتنبر، وكان من المدافعين على ضرورة توجه الاتحاد نحو إصلاح البيت الداخلي، ساهم بشكل كبير داخل اللجنة السياسية، للمؤتمر الوطني الثامن، وكذلك داخل لجنة البيان العام للمؤتمر الوطني الثامن.العربي عجول العربي عجول عضو المكتب السياسي للإتحاد الإشتراكي، شغل مهام كاتب للدولة لدى الوزير الأول مكلفا بالبريد والتقنيات الإعلامي ، كما سبق له أن مثل دائرة تزنيت بالبرلمان بعد فوزه في انتخابات 27شتنبر 2002كان من بين الوزراء الذين خرجوا من حكومة التناوب التوافقي دون ان يحدثو أية ضجة، يوصف بأنه من حكماء الحزب، وشخصية كاريزمية تحظى باحترام كبير داخل البيت الاتحادي، وخاصة بقواعد الاتحاد الاشتراكي في أوروبا، ساهم إبان الأزمة السياسية والتنظيمية للاتحاد لما بعد 2007 في التحضير للمؤتمر الوطني الثامن، كما حرص على أخذ مسافة من كل المرشحين لسباق الكتابة الأولى.كان العربي عجول من بين القيادات التي تمثل الاتحاد الاشتراكي في علاقاته مع باقي حلفائه خاصة من أحزاب اليسار، وخاصة الغاضبين على الاتحاد كالحزب العمالي والحزب الاشتراكي، ويحسب له أنه من القيادات الاتحادية التي استطاعت استقطاب جيل جديد من الأطر اللتقنية الشابة إلي الحزب..علي بوعبيد يتمتع علي بوعبيد بشعبية واسعة داخل الاتحاد الاشتراكي، شعبية يستمدها من جرأته في النقد داخل البيت الاتحادي، وكذا من حرصه على الاستمرار في نهج والده عبد الرحيم بوعبيد الذي عرف عنه التشبت بالمواقف بدل المواقع، انسجاما مع ما تمليه خيارات أية مرحلة سياسية.وهو أحد وجوه الجيل الجديد داخل الإتحاد الاشتراكي، 43 سنة ، باحث متخصص في سياسات الإدارة الترابية ، رئيس ثم مندوب عام لموسسة عبد الرحيم بوعبيد للدراسات و الأبحاث.بعد السابع من شتنبر، ساهم علي بوعبيد إلى جانب عدد من أعضاء المجلس الوطني وأطر الحزب في إعلان نداء لإنقاذ الاتحاد الاشتراكي، كما كان من دعاة عودة الاتحاد الاشتراكي إلى المعارضة ، واستمر في هذا الموقف حتى بعد المؤتمر الوطني الثامن ، تمكن خلال هذا من حجز ورقة المرور إلى المكتب السياسي، إلى جانب جيله من الشباب من أمثال عبد الحميد جماهري، حسن طارق، وثريا مجدولين.