لم يفلح الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي في ثني ثلاثة أعضاء من المكتب السياسي للحزب عن التراجع عن مبادرتهم الخاصة بوقف اشتغالهم من داخل جهاز القيادة، خلال اللقاء الذي جمع عبد الواحد الراضي بالغاضبين الثلاثة محمد الأشعري والعربي عجول وعلي بوعبيد صبيحة أمس الثلاثاء.وعبر القياديون الاتحاديون عن تمسكهم بمبادرتهم غير الموجهة ضد أحد، والتي لاترمي لتأزيم الحزب، وهو الموقف الذي رد عليه الراضي بابداء تأسفه، وفق ما كشف عنه الثلاثة خلال لقاء صحفي عقدوه زوال أول أمس الثلاثاء بمنزل أحدهم، ساعات قليلة بعد انتهاء اجتماعهم بالراضي. وشددوا على أنهم لا يحضرون لانشقاق من أي نوع، غير مستبعدين في نفس الاتجاه تشكيل تيار داخل الحزب، بحسب ما سيسمح به » الاصلاح الذي سنشارك فيه« بتعبير الأشعريويعتزم الأشعري وعجول وبوعبيد طرح أهم مضامين مبادرتهم للنقاش خلال الندوة التنظيمية التي برمج الاتحاد الاشتراكي عقدها في ماي الجاري، كما يخططون لعرضها في شكل وثائق للتداول أمام أنظار المجلس الوطني والهيئات المحلية، وكذا فتحها في وجه الاتحاديين الذي غادروا الحزب، وباقي الفعاليات السياسية الوطنية.، خاصة وأنهم لاحظوا أنه تم استقبال المبادرة بشكل ايجابي لحد الآن في أوساط المناضلين. وانتقد الرفاق الثلاثة بحدة الوضع الذي آل إليه حزب الاتحاد الاشتراكي، حيث » لم تعد القرارات السياسية الكبرى يتداول فيها بين كامل أعضاء المكتب السياسي«، وعبروا عن خيبة أملهم من عدم تجاوب الحزب ما ما أسموه ب » الصفعات التي تلقاها في الانتخابات التشريعية ل 2007والجماعية ل 2009، والتي تجعل من غير المعقول الاستمرار على ذات المنوال كما لو لم تكن هناك انتخابات، ودون القيام بنقد ذاتي ومساءلة صريحة «، وفي هذا السياق يعتبرون أن » مشروع الاتحاد الاشتراكي لم تعد له نفس القوة والوضوح ولايتمتع بثقة المواطنين كالسابق«. لكن ليس الوضع الداخلي للبيت الاتحادي وحده ما يقلق الغاضبين الثلاثة، إذ إنهم يعتبرون أن الوضع العام في البلاد متأزم سياسيا، والمشروع الديمقراطي يعيش تعثرا لدرجة لايمكن أن يظلوا تجاهها ساكتين«، وتدفعهم للقيام بهذه الخرجة في هذا التوقيت بالذات، من أجل التعبير عن » انشغالهم بمصير المكتسبات الديمقراطية في البلاد، والتنبيه للاختلالات التي يعيشها المشروع السياسي برمته«، والدعوة للقطع مع زمن التوافقات التي لم تعد تعني في الوقت الحالي أي شيء، حيث إنهم يعتبرون أنه ينبغي طرح مطلب الاصلاحات خارج طاولة التوافقات، ويرفضون أن يتم التداول في مضامينها داخل نوادي سياسية مغلقة. ويحرص الثلاثة على توضيح أن هذه المواقف كانوا يعبرون عنها داخل اجتماعات المكتب السياسي، لكنهم فشلوا في جعل أفكارهم متقاسمة من طرف زملائهم في القيادة، وقرروا الخروج للعلن بعد أن فاضت كأسهم بسبب حدثين سياسيين بارزين: أولهما التعديل الحكومي الذي لم يستند لأي نقاش ولامنطق سياسي، بل تم الاكتفاء بطرح أسماء ومناصب وانتهت العملية عند هذا الحد ( هذا التعديل قاد ادريس لشكر للاستوزار )، وثانيهما ترشيح الأغلبية للراضي لرئاسة مجلس النواب دون أن يكون هناك معطى وطني كبير يستلزم ذلك، أو أن يضيف انتخاب الراضي قيمة سياسية مضافة للاتحاد الاشتراكي وللبلاد. ولأن الغاضبين الثلاثة ليسوا راديكاليين ولايحثون عن انتفاضة، بل أناس "ظريفين" يرغبون في الحوار« بتعبير الأشعري، فانهم لايستعجلون انعقاد مؤتمر استثنائي، لكنهم يرحبون بالشروع في التحضير له منذ الآن على نار هادئة، لكن ليس بنفس الأشخاص، لأنهم يرفضون بشكل مطلق اعادة انتاج زمن الوثيقة الواحدة والزعيم الأوحد.