قام عشرات الثوار الليبيين، بآلياتهم المحملة بالبطاريات المضادة للطيران، بالانسحاب يوم أمس الأحد من مدينة البريقة وسط دوي قصف مدفعي كثيف. وقال شهود عيان إن «عشرات الثوار ينسحبون شرقا من بوابة البريقة باتجاه أجدابيا في سيارات مكشوفة تحمل بطاريات مضادة للطيران وتنسحب الواحدة تلو الأخرى». وأكد ثوار في البريقة أن «قرية البشر، التي تبعد 20 كيلومترا غرب البريقة، أصبحت تحت سيطرة القوات الموالية» للزعيم الليبي معمر القذافي، مشيرين إلى أن خط المواجهة أصبح بعد التجمعات السكنية باتجاه الشرق. ومن جهته، قال مصدر في الجيش الليبي، يوم أمس الأحد على شاشات التلفزيون الرسمي، إن القوات المسلحة الليبية الموالية للزعيم معمر القذافي أخلت بلدة البريقة النفطية في شرق البلاد من «العصابات المسلحة». ويأتي هذا التطور في الوقت الذي يتحرك فيه المجتمع الدولي والعربي بشكل جدي لإنهاء هذه الحرب الذي أودت بحياة الكثيرين. وكان أبرز تحرك هو دعوة جامعة الدول العربية إلى فرض حظر جوي على ليبيا. وأفادت بعض المصادر المطلعة في البعثة الليبية لدى الأممالمتحدة، التي انضمت إلى المعارضة، بأن قرار فرض الحظر الجوي على ليبيا سيحال عن طريق لبنان، العضو العربي في مجلس الأمن، ويوزع على الرئاسة والأعضاء من أجل بحثه واتخاذ قرار بهذا الشأن. وفي المقابل، قالت وزارة الخارجية الليبية إن قرار الجامعة العربية لن يغير الوضع القائم على الأرض. وأوضح الكعيم, وكيل وزارة الخارجية الليبية, أن الحكومة الليبية تتطلع إلى وصول موفد الأممالمتحدة ووفد الاتحاد الإفريقي لتقييم الأوضاع على الأرض، قائلا إننا «ننتظر وصول المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة وبعثة تقصي الحقائق التي شكلها الاتحاد الإفريقي. دعونا ننتظر ونرى النتيجة. فإذا كنا ننتهك القانون الدولي، فإننا ساعتها نستحق ما دعت إليه الجامعة العربية. لكنني واثق من أن الجامعة العربية غير مطلعة على الأوضاع». الجامعة العربية تؤيد الحظر الجوي قالت الجامعة العربية، أول أمس السبت، إنها دعت مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة إلى فرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا في قرار سيوفر تأييدا إقليميا قال حلف شمال الأطلسي إنه مطلوب لأي إجراء عسكري. وكانت الجامعة العربية علقت عضوية ليبيا بسبب تعاملها مع الانتفاضة الشعبية ضد حكم الزعيم الليبي معمر القذافي، وقالت إن الجرائم الخطيرة والانتهاكات الكبيرة التي ارتكبتها حكومته ضد شعبه جردتها من الشرعية. وقالت الجامعة العربية، أول أمس السبت، أيضا إنها قررت فتح قنوات اتصال وتعاون مع المجلس المعارض في ليبيا، والذي مقره بنغازي والذي يسيطر على معظم أنحاء الشرق الليبي في انتفاضة شعبية تستهدف إنهاء حكم القذافي المستمر منذ 41 عاما. وقال عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، إن الاتصالات الجارية مع المجلس الوطني الليبي ستتضمن التعامل معه والاعتراف به. وأضاف موسى قوله إن «الجامعة العربية تطلب من مجلس الأمن فرض منطقة حظر جوي، حماية لليبيين والقاطنين من رعايا الدول العربية والبلاد الأخرى». ولم يتحدث موسى عما إذا كانت أي من الدول العربية، التي اجتمعت في جلسة طارئة، مستعدة للمشاركة في حظر الطيران الذي قالت الجامعة إنه يجب أن يرفع بمجرد انتهاء الأزمة. وكان موقف الجامعة قويا نسبيا إذا ما قورن بمواقفها المعتادة كمنظمة غارقة في الانقسامات، كما عكس الموقف سنوات من العلاقات المتوترة بين القذافي ودول، من بينها السعودية ومصر. وقال وزير الخارجية البريطاني، وليام هيج، إن موقف الجامعة العربية «مهم جدا. قلنا دائما إن أحد شروط منطقة حظر الطيران هو التأييد الواسع في المنطقة». ترحيب دولي بقرار الجامعة أيدت الولاياتالمتحدة، أول أمس السبت، دعوة الجامعة العربية لمجلس الأمن إلى فرض حظر للطيران فوق ليبيا، وقالت واشنطن إنها تستعد «لكل الحالات الطارئة». وأضاف البيت الأبيض في بيان: «نرحب بهذه الخطوة المهمة من جانب الجامعة العربية التي تعزز الضغط الدولي على القذافي والدعم للشعب الليبي». وطلبت الجامعة العربية، في وقت سابق، يوم السبت، من مجلس الأمن الدولي فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا، مما يوفر تأييدا إقليميا قال حلف شمال الأطلسي إنه مطلوب لأي إجراء عسكري. ولم يصل البيان الأمريكي إلى حد الموافقة، بشكل مباشر، على التدخل العسكري، مؤكدا الموقف الحذر الذي اتخذته واشنطن لتفادي الظهور بمظهر من يقود الحملة للإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي. ويتهم منتقدو هذه السياسة إدارة أوباما بالتلكؤ في الوقت الذي يتعرض فيه الناس للقتل. وقال البيت الأبيض: «المجتمع الدولي متحد في توجيه رسالة واضحة مضمونها أن العنف في ليبيا يجب أن يتوقف، وأنه لا بد من محاسبة نظام القذافي». وقال حلف الأطلسي، يوم الخميس الفارط، إن الدعم العربي القوي هو أحد العوامل المطلوبة للتحرك في اتجاه فرض منطقة حظر طيران. وأضاف أيضا أن الأمر سيتطلب مزيدا من التخطيط مع الأممالمتحدة. كما أشادت الخارجية البريطانية بالموقف الذي اتخذته الجامعة العربية، وقالت إن بريطانيا وفرنسا تعملان حاليا على دراسة مشروع قرار تنويان عرضه على مجلس الأمن الدولي، ويتضمن تأييدا لفكرة إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا. ومن جهتها، رحبت كندا، أول أمس السبت، بقرار الجامعة العربية الذي يدعو إلى فرض منطقة للحظر الجوي في ليبيا ودعت إلى مغادرة الزعيم الليبي معمر القذافي مهامه «فورا». وقال وزير الخارجية الكندي، لورنس كانون، في بيان: «نظرا إلى خطورة وتدهور الوضع في ليبيا واستهتار القذافي الواضح بحياة الليبيين، يشير هذا القرار، بشكل واضح، إلى أن القذافي لا يتمتع بدعم المنطقة». وأضاف أن الزعيم الليبي «معزول ولا يقيم وزنا لإرادة الأسرة الدولية». وتابع كانون أن كندا تدعو النظام الليبي إلى «وقف هجماته على الشعب الليبي» وتطلب أن «يغادر القذافي مهامه فورا». اغتيال الإعلام
بعد حملة التشويش التي شنتها ليبيا على القنوات الإعلامية لطمس الحقيقة، لجأت إلى استخدام العنف ضد الإعلاميين، بمن فيهم صحفيون ومصورون، الذين تعرضوا للضرب والاعتقال وحتى القتل. وراح ضحية هذا العنف مصور قناة «الجزيرة» علي حسن الجابر بعد مقتله بالرصاص، أول أمس السبت، إثر تعرض فريق القناة القطرية لكمين قرب بنغازي، حسب ما أوردته القناة. رأى مصدر رسمي ليبي، مساء أول أمس السبت، أن «الاعتداء على إعلاميين أجانب في مدينة بنغازي دليل آخر على الانفلات الأمني الخطير الذي تفرضه العصابات المسلحة»، محملا المسؤولية ل«المجرمين من الذين حملوا السلاح واستقووا بالأجنبي». وأشار إلى أن «الإعلاميين المحليين والأجانب يتمتعون في باقي ليبيا بحماية الدولة الليبية الحرة». ويشار إلى أن علي الجابر، قطري الجنسية وهو من مواليد عام 1955، وحاصل على بكالوريوس وماجستير في التصوير السينمائي بأكاديمية الفنون في القاهرة، وقد عمل مديرا لمكتب ال«سي إن بي سي» العربية بالدوحة، ومشرفا على اللجنة الأولمبية الأهلية من 2002 إلى 2005، كما كان رئيس قسم التصوير في تلفزيون قطر لأكثر من عشرين عاما. ويأتي مقتل حسن الجابر أسبوعا بعد تعرض فريق من ال«بي بي سي» العربي للاعتقال والضرب والتعذيب على يد قوات الأمن الليبية أثناء محاولة الفريق الوصول إلى مدينة الزاوية، التي تشهد معارك بين المعارضة والقوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي. احتقان الوضع في اليمن وسط تنديد دولي شهدت اليمن، أمس وأول أمس، منعطفا خطيرا في تطورات الأحداث، حيث سقط سبعة قتلى على الأقل يوم السبت ومئات الجرحي بعد إطلاق الرصاص وإلقاء القنابل المسيلة للدموع، وتواصل هذا القمع إلى حدود البارحة، حيث وقع عشرات الجرحى بسبب الاستخدام المفرط للعنف من طرف القوات اليمنية. وتحدث شهود عيان عن رجال أمن بالزيين الرسمي والمدني هاجموا المعتصمين وأطلقوا الرصاص بغزارة وطاردوهم في شوارع جانبية، في حين اعتلى مسلحون بزي مدني أسطح منازل تطل على الميدان. لكن استعمال الرصاص الحي لم يقتصر على الأمن حسب وكالة «رويترز»، فقد رد معتصمون بالذخيرة الحية وبالحجارة على الهجوم الذي تعرضوا له. واتهمت الداخلية المعتصمين بفتح النار، وتحدثت عن 161 شرطيا أصيبوا بجروح. وقد هدد المعتصمون في ساحة التغيير بصنعاء بنقل الاعتصام إلى منطقة السبعين قرب دار الرئاسة إن لم تتوقف اعتداءاتُ من وصفوهم ببلطجية الرئيس وأقاربه، التي بدأت منذ عصر يوم الجمعة الأخير. وكانت الولاياتالمتحدة قد حثت يوم الجمعة المنصرم المعارضة اليمنية على التجاوب مع مبادرة الرئيس علي عبد الله صالح لحل الأزمة وبدء حوار معه، إلا أن الناشط الحقوقي صخر العزب قال إنه قد فات الأوان على تلك الدعوة. وأضاف أنه، في ضوء العنف المستخدم ضد المدنيين، لن يكون هناك قبول سوى بمبادرة حول كيفية رحيل الرئيس صالح. ومن جهته، ندد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ب«الاستخدام المفرط للقوة» ضد «متظاهرين مسالمين» في اليمن، معبرا عن «قلقه الشديد» حيال تدهور الوضع بعد مقتل سبعة أشخاص على الأقل وجرح مئات أول أمس الذي شهد مظاهرات حاشدة في مدن يمنية مختلفة، طالب المشاركون خلالها برحيل الرئيس علي عبد الله صالح. وبدوره، ندد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بما سماه «الأعمال العدوانية» ضد المتظاهرين في اليمن، وعبر عن تأييده لمطالب الشعب اليمني الذي دعا جميع مكوناته إلى الوحدة الوطنية والثبات، محذرا من «التساهل في إراقة الدماء». وقال مارتن نيزيرسكي، المتحدث باسم الأمين العام الأممي، إن بان كي مون «يدعو إلى أكبر قدر من ضبط النفس ويحض الحكومة والمعارضة على البدء في حوار حقيقي وشامل يؤدي إلى نتائج ملموسة لتجنب تدهور جديد للوضع».