القذافي يستعد لزرع ألغام حول مسقط رأسه سرت ومواجهات بين كتائب العقيد والثوار براس لانوف ذكرت صحيفة «ليبيا اليوم» المعارضة نقلاً عن مصادر أنباء تفيد بأن قوات العقيد معمّر القذافي تستعد لزرع الألغام حول منطقة سرت وكذلك مصفاة الزاوية. وكانت القوات الموالية للقذافي تقدمت باتجاه بلدة رأس لانوف التي يسيطر عليها الثوار، كما قصف قوات القذافي مدينة الزاوية من لاتجاهات كافة. هذا واتهم وزير الخارجية الليبي موسى كوسا مساء أول أمس الاثنين الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا ب»التآمر» لتقسيم ليبيا. وقال الوزير الليبي في مؤتمر صحافي عقده في طرابلس «هناك مؤامرة واضحة ضد ليبيا، وقد اتضحت عندما بدأت بريطانيا وفرنسا في الاجتماع مع المجموعة المنشقة في بنغازي»، مضيفا «هناك مؤامرة تقسيم لليبيا، والانكليز حنوا إلى تاريخهم القديم في برقة، والأميركيون والفرنسيون يسعون كذلك إلى تقسيم ليبيا». وتابع «هناك مؤامرة كبرى تحاك ضد الليبيين أصبحت واضحة جدا، والدليل وجود تضليل غير عادي». وأضاف كوسا «يوجد تقاعس واضح من المجتمع الدولي في عدم إرساله لجنة تقصي الحقائق التي طالبنا بها منذ اليوم الأول». وكان الزعيم الليبي معمر القذافي دعا الأربعاء الماضي الأممالمتحدة إلى إرسال لجنة تقصي حقائق إلى ليبيا للتأكد من إن من قتل في اعمال العنف التي تشهدها البلاد منذ 15 فبراير ليسوا متظاهرين، بل أنهم أفراد من قوات الأمن ومسلحون هاجموهم. وقال الوزير الليبي «نحن على استعداد لاستقبال لجنة تقصي حقائق لمساعدتها واطلاعها على حقيقة الأوضاع في ليبيا». وجدد كوسا التأكيد على أن «المشكلة تنحصر في قيام مجموعة من الميليشيات خارجة عن القانون مرتبطة بتنظيم القاعدة، وخاصة في البيضاء ودرنة، وتصرفاتهم تؤكد ذلك، أمس تحديدا ذبحوا شخصا بالسكين وتم تعليقه على الحائط وهذا أسلوب القاعدة». وأضاف أن «القاعدة موجودة بأعداد كبيرة خاصة في المنطقة الشرقية من ليبيا، وعلى مجلس الأمن أن يفعل شيئا في هذا الموضوع». وقال الوزير الليبي «أؤكد أن ليبيا تلتزم بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، والجيش ما زال يأخذ مواقع دفاعية ولم يتدخل، ويعطي الفرصة لوجهاء القبائل للتدخل والحوار لتسليم الأسلحة». ورد كوسا أيضا على دعوة نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد في افتتاح اجتماع لمجلس وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الاثنين مجلس الأمن الدولي إلى التدخل لحماية الشعب الليبي. وقال إن الوزير الإماراتي «اقرب إلى رجل الإعمال وليس رجل سياسة، وهو لم يأت إلى ليبيا ولم يرها»، متسائلا «هل هناك من الليبيين من طلب منه المساعدة؟، هذه الدعوة لا نهتم بها، ولا تساوي شيئا». وعقد كوسا مؤتمره الصحافي قبل انتهاء اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون، الذي تبنى مساء الاثنين دعوة الوزير الإماراتي وناشد «مجلس الأمن أخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين في ليبيا بما في ذلك الحظر الجوي». وأعرب مجلس التعاون الخليجي أيضا عن «إدانته الجرائم المرتكبة بحق المدنيين (في ليبيا) واستخدام الأسلحة الثقيلة وتجنيد المرتزقة»، داعيا «السلطات الليبية إلى الوقف الفوري لاستخدام القوة ضد المدنيين والعمل على حقن الدماء وتحقيق تطلعات الشعب الليبي». كما دعا المجلس جامعة الدول العربية إلى «تحمل مسؤولياتها»، والى عقد اجتماع طارئ لبحث الوضع في ليبيا من اجل حماية الليبيين. ولم يوفر الوزير الليبي الرئيس الأميركي باراك أوباما من انتقاده، بعدما دعا الأخير الاثنين إلى محاسبة معاوني القذافي على مسؤوليتهم عن إي اعمال عنف قد تورطوا فيها خلال قمع المتظاهرين، وأكد أن الحلف الأطلسي يبحث مجموعة الخيارات للرد على العنف في ليبيا بما في ذلك الخيارات العسكرية. وقال كوسا «كنا نعتقد انه (أوباما) منا، وهو أول رجل إفريقي يحكم أميركا ورجل ديمقراطي يساعد الآخرين، ولكن للأسف كلامه مثل الطفل، كيف يدعو إلى معاقبة الناس الذين مع معمّر القذافي، وكيف تتم معاقبتهم وتحت أي بند وتحت أي قوانين؟». وجدد الوزير الليبي التأكيد على أن «وحدة التراب الليبي دونها الموت»، داعيًا «الأشقاء والأصدقاء إلى تحكيم العقل والنظر إلى ما يحدث في ليبيا بشكل موضوعي»، مشيرا إلى أن «السلطات الليبية لم تفرض حظر تجول أو حال طوارئ، والواقع على الأرض يثبت كل يوم أن الأوضاع تتحسن». من جهته أعلن حلف شمال الأطلسي أن القذافي قد يكون ارتكب «جرائم ضد الإنسانية» بمهاجمته مدنيين ليبيين، محذرًا من أن العالم «لن يقف مكتوف الأيدي» إذا لم تتوقف مثل هذه الهجمات. إلا إن الأمين العام للحلف العسكري اندرس فوغ راسموسن أكد أن الحلف لن يستخدم القوة إلا إذا أمره قادة العالم بذلك صراحة، وقال «نفترض أن الدور العملياتي للحلف سيكون طبقا لتخويل من مجلس الأمن الدولي». في هذا الإطار أعلن دبلوماسي في الأممالمتحدة أن الدبلوماسيين الفرنسيين والبريطانيين يعكفون على إعداد مشروع قرار لطرحه في مجلس الأمن يفرض منطقة حظر جوي في الأجواء الليبية. من جانبه قال وزير الخارجية البريطاني وليام هي أن بريطانيا تعمل على طرح مشروع قرار في الأممالمتحدة بشان فرض حظر جوي على ليبيا، إلا انه رأى أن مثل هذا الحظر يجب أن يحظى بدعم إقليمي و»اسس قانونية واضحة». غير أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن أن روسيا ترفض أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، في حين صدرت دعوات إلى تقديم دعم عسكري للثوار المناهضين لنظام معمر القذافي. من جهته أعلن البيت الأبيض أن فكرة تسليح المعارضة الليبية هي من الخيارات المطروحة، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذا الأمر يبقى «سابقا لأوانه» في الوقت الحاضر. وعن احتمال تدخل عسكري في ليبيا، أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أن أي عمل عسكري محتمل ضد نظام القذافي يجب أن يحظى بموافقة المجتمع الدولي. وفي مدريد أكد متحدث باسم رئاسة الحكومة الاسبانية أن اسبانيا تعتبر أن أي تدخل سياسي أو اقتصادي أو عسكري محتمل في ليبيا يحتاج دعم الأممالمتحدة والبلدان العربية والإفريقية. إما الاتحاد الأوروبي فيستعد بحسب دبلوماسيين لفرض عقوبات مالية جديدة على ليبيا، تستهدف خصوصًا هيئة الاستثمار الليبية بعد تجميد الأرصدة وحظر التأشيرات عن 26 مسؤولاً ليبيًا. كذلك قررت اليابان الثلاثاء تنفيذ العقوبات التي فرضتها الأممالمتحدة الشهر الماضي على ليبيا، والتي تتضمن خصوصًا تجميد أصول العقيد معمّر القذافي والمقربين منه. وكلفت الأممالمتحدة الاثنين وزير الخارجية الأردني السابق عبد الإله الخطيب إجراء «مشاورات عاجلة» مع الحكومة الليبية حول الأزمة الإنسانية الناجمة من المعارك، وأطلقت نداء لجمع 160 مليون دولار لمساعدة الضحايا. ميدانياً، تواصلت الغارات الجوية التي تشنّها قوات القذافي على الثوار. وأكد شهود عيان سقوط عدد من الجرحى في غارة جوية استهدفت سيارة مدنية كانت تستقلها عائلة عند مدخل مدينة رأس لانوف النفطية شرق ليبيا. وأفاد شهود أن الطيران الليبي شنّ غارة على نقطة تفتيش يسيطر عليها الثوار قرب مدخل راس لانوف (300 كلم جنوب غرب بنغازي). والغارة هذه هي الثالثة التي يشنّها الطيران الليبي الاثنين على ضواحي راس لانوف. واستهدفت غارتان جويتان صباح الاثنين مرفأ راس لانوف الاستراتيجي النفطي الذي يبعد 300 كلم عن جنوب غرب بنغازي وسيطر عليه الثوار الجمعة. ورد الثوار بمدفعية مضادة للطائرات. وعند مرور الطائرة العسكرية يسمع إطلاق النار من كل الجهات من البطاريات المضادة للطيران إلى قاذفات القنابل والأسلحة الرشاشة التي تستهدف الطائرات لكن بدون أن تصيبها. وخوفا من استمرار الهجوم الذي تشنّه القوات الموالية للقذافي، غادر العديد من سكان راس لانوف باتجاه الشرق أو الغرب. وكانت قوات القذافي استعادت الأحد بن جواد البلدة الصغيرة التي وصل إليها الثوار بعد ظهر السبت، على أمل مواصلة طريقهم إلى سرت التي تبعد حوالي مئة كيلومتر غربًا.وقتل 12 شخصًا على الأقل، وجرح أكثر من ستين آخرين في المعارك في قرية بن جواد الساحلية في شرق ليبيا، حسب حصيلة جديدة من مصدر طبي. وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن الثوار لم يعودوا منتشرين صباح الاثنين غرب راس لانوف على الطريق المؤدية إلى بن جواد. وكانت معارك جرت الأحد في مصراتة ثالث مدن البلاد على بعد 150 كلم عن طرابلس. وأفاد مصدر طبي في مصراتة عن سقوط 21 قتيلا بينهم طفل و91 جريحا، معظمهم من المدنيين، في مواجهات وقصف تعرضت له مدينة مصراته الأحد من قبل قوات العقيد القذافي. وأوضح أن «معظم المصابين من المدنيين، وبينهم مسنون، تجاوزت أعمارهم السبعين، وأصيبوا برصاص من عيارات كبيرة». ونجحت المعارضة التي انطلقت من بنغازي في التقدم الجمعة حتى مدينة راس لانوف النفطية التي تبعد 300 كلم عن جنوب غرب بنغازي. وأكد التلفزيون الحكومي الأحد انه استعاد المدينة، لكن الثوار والصحافيين في المكان نفوا ذلك. وحاول الجيش الليبي في الأيام الأخيرة شنّ هجوم مضاد لوقف تقدم المتمردين، عن طريق قصف اجدابيا والبريقة غرب بنغازي. ونجح الثوار، وهم خليط من الشبان الذين لا يملكون خبرة قتالية وعسكريين انضموا إلى المعارضة، في الاحتفاظ بسيطرتهم على منطقة تمتد من البريقة إلى راس لانوف. واجتاز أكثر من 110 الاف لاجئ هارب من الفوضى في ليبيا الحدود التونسية منذ 20 فبراير، إلا أن هذا التدفق شهد تباطؤا خلال «الأيام الثلاثة إلى الأربعة الأخيرة»، بحسب الهلال الأحمر التونسي.