استمرت جريدة حزب الاستقلال، في إطار ملفها أو «تحقيقها»، في عرض حيثيات تفويت حديقة الحيوانات بتمارة، وهو الملف الذي أفردت له أربع حلقات بينما كنا ننتظر أن يشمل التحقيق مشاريع مراكش الخمسة ومشروع «مايل سنترال» بأكادير، وهي الملفات المثيرة للجدل والتي استفادت فيها الضحى من مشاريع ضخمة دون عناء أو التزام بمسطرة السمسرة العمومية كما يقضي بذلك قانون الصفقات العمومية. حزب الاستقلال صار طرفا في الموضوع عندما اختار زاوية للمعالجة تتوخى الدفاع عن طرح دون إعطاء الفرصة لجميع الأطراف لتتصارع الأفكار وتُواجه الحجج وليُكوّن القارئ بعد ذلك قناعاته من خلال مختلف الآراء. الطرح الإعلامي لحزب الاستقلال في هذه القضية لم يختلف عنه في الإعلام العمومي، وخاصة في القناتين الأولى والثانية اللتين فتحتا بلاطوهات أخبارهما لكل من تطوع للدفاع عن دفوعات الضحى (احجيرة، العلمي والباكوري). «تحقيق» جريدة حزب الاستقلال اكتفى بملف حديقة الحيوانات ومطط صفحات الملف باستجوابات مطوله مع مدير المياه والغابات ومع والي مدينة الرباط ومع وزير السكنى وبربورطاج عن الوضع الحالي للحديقة (...). وكل ذلك في اتجاه واحد اختزلته العناوين الكبرى التي تقول، بالنبط العريض، إن «مجموعة الضحى أقحمت في إشكالات ترى أنها بعيدة عنها» ثم «الشركة احترمت جميع تعهداتها المتضمنة في الاتفافية»، رغم أن تعليق الجريدة على نص الاتفاق بين مندوبية المياه والغابات من جهة وولاية الرباط من جهة أخرى يقول إن إدارة المياه والغابات قالت إن المسؤول عن تحديد السعر هو الأملاك المخزنية وإن هاته الأخيرة تنصلت من هذه المسؤولية وأرجعتها إلى إدارة المياه والغابات، لتخلص إلى كون هذا التناقض ترك السؤال بدون جواب! والحال أن التناقض لم يترك السؤال بدون جواب فقط، بل إنه أدى إلى تخبط مصالح ومؤسسات الدولة في طريقة تدبير هذا الملف الساخن حتى صار كل طرف يريد أن يرمي بالمسؤولية في مرمى الطرف الآخر، وهذا لوحده دال على ضعف موقف الدولة من خلال مؤسساتها في هذا الملف. من جهة أخرى، استمرت جريدة الاتحاد الاشتراكي في نشر تحقيقها عن تفويت أراضي الدولة بفاس إلى مجموعة الضحى وملابسات ذلك. وهكذا عنونت «ممتلكات فاس في المزاد العلني» لتتوقف عند ظروف تفويت عقار ساحة صوفيا الذي أسال الكثير من المداد. وبعد أن عرضت مفاجأة بعض أعضاء مجلس مدينة فاس بقرار التفويت، ومن بينهم نائب الرئيس، ركزت على الفارق السعر بين سعر التفويت إلى الضحى والسعر الحقيقي مع أسئلة تحمل أكثر من دلالة، مثل: «لماذا منحت الضحى استثناءات خاصة بتراخيص البناء العالي على ساحة صوفيا؟» و»ما مدى معرفة الوزارة الوصية بخبايا صفقات شباط العقارية أم هي آخر من يعلم؟» و»من سيراقب الجماعة الحضرية لفاس والتي أصبحت على مفترق الإفلاس» و»أسئلة وجيهة تظل معلقة بلا أجوبة في ملف ساخن تفوح منه حرارة أعلى من حرارة صيف فاس هذه الأيام»... هكذا جاء تحقيق جريدة الاتحاد.. الحليف الرئيسي للاستقلال.. لقد سقنا طريقة معالجة إعلام الاستقلال لواحد من ملفات الضحى.. وسردنا بعضا من كم الاتهامات الذي جاءت به جريدة الاتحاد لعمدة فاس في ملف آخر، المستفيد منه دائما هو الضحى.. هكذا تتضح الصورة.. من مع من.. ومن ضد من.. وهكذا، ونحن على بعد أقل من سنة من الانتخابات، سيكون الرأي العام الفاسي (في الملف المذكور) والمغربي (في مجموع ملفات الضحى) على بينة ممن يدافع عن ممتلكات الدولة وخزينة البلاد وجيوب العباد.. ومن يدافع عن مصالح حزبية ضيقة ويجعل من حماية مسؤوليه خطا أحمر مهما كانت مصلحة البلاد.. كما أن نفس الرأي العام كون فكرة عن طريقة المعالجة التي تبناها هذا الإعلام وذاك في هذا الملف الشائك. وهكذا، فإنه إن كانت ثمة حسنة لمجموعة الضحى، فهي أنها وضعت الجميع أمام مسؤولياته وجعلت الرأي العام يتفرج على مختلف مكونات الدولة وهي تتسابق وتتهافت من أجل الدفاع عن الضحى.. أما الأسباب الخفية لهذا التهافت، فإن القادم من الأيام سيدفعنا إلى النبش فيها لتتوضح الصورة أكثر!