دخل حزب الاستقلال على الخط في قضية الضحى... دخوله جاء من خلال مقاربتين متباعدتين. الأولى سياسية، إذ تدخل إعلام الحزب من خلال جريدته ليفرد لملف الضحى أربع حلقات من ثماني صفحات تعيد فيها الجريدة قصة الملفات من خلال منظورها الخاص. هذه المقاربة السياسية جاءت تزكية لدفاع الحزب عن وزيره توفيق احجيرة الموجود في قلب الملف، وبصفة خاصة في قضية مشروع «مايل سنترال» بأكادير وأرض سباق الخيول بفاس من خلال عمدة العاصمة العلمية المنتمي إلى حزب الاستقلال. وبغض النظر عن هذه الخلفية السياسية، فجريدة الحزب تاهت في تناولها للملف من خلال رغبتها في التحلي بالموضوعية، في بعض فقرات الحلقة الأولى، والدفاع عن الوزير احجيرة من جهة أخرى، وذلك بفتحها لصفحات الجريدة أمامه ليردد مرة أخرى لازمته التي أصبحت معروفة وهي «المقاربة الشمولية للسياسة الاستثمارية للمغرب»، وكأن ذلك لم يكن كافيا، فأعادت إيراد نص تصريح كان قد قدمه لنشرة الأخبار بالقناة الأولى قبل أسبوعين، أعاد فيه التذكير بنص الرسالة الملكية لسنة 2002 التي تنص على تشجيع الاستثمار «واعتماد المغرب مقاربة ترتكز على ألا تكون الأرض موضوع مناقصة...»، في وقت نجد فيه أن الرسالة الملكية تقول إنه لا يجب تفويت أراضي الدولة بأسعار بخسة وأن تنأى هذه الأخيرة عن المضاربات العقارية. وبعد أن قالت جريدة الحزب إنه «من المؤكد أن المناقصة لم يتم الإعلان عنها وأن التفويت إلى الضحى في ملف حديقة الحيوانات تم بطريقة شبه سرية» وأضافت أن «المراقبين يجمعون على أن ثمن العقار كان رمزيا»، تداركت الموقف في الحلقة الثانية لتضع عنوانا بارزا في الصفحة الأولى مفاده أن «مشروع الضحى من المشاريع التي تصنف في خانة الصفقات المربحة للطرفين»، وهي عبارة نجدها قد وردت داخل العدد على لسان الوزير الاستقلالي احجيرة. أي تناقض أكثر من ذلك؟ كيف لصفقة يقال عنها إنها تمت بطريقة شبه سرية وبثمن رمزي أن تكون مربحة للطرفين؟ لقد كانت فعلا مربحة للضحى كطرف في الملف. لكن السؤال المطروح هو: من يكون الطرف الآخر المستفيد؟ حتما لا يتعلق الأمر بالدولة. ابحثوا، إذن، عن الدخيل! ثم في عرضها لمسطرة تفويت أراضي الأملاك المخزنية، قالت الجريدة إن المشاريع التي تكلف مصاريف كبيرة ومردودها ضعيف تتم بواسطة السمسرة، أما البيع بالتراضي فيتم اللجوء إليه في حالات تفويت العقارات إلى العاملين بالإدارات والمتقاعدين والأشخاص الراغبين في إنجاز مشاريع سكنية أو تجارية. فأين نصنف الضحى من ذلك؟ هل هي شخص يريد إقامة مشروع سكني أو تجاري؟ لا، طبعا، لأنها مجموعة عقارية ضخمة تشيد مدنا بكاملها. فهل بمسطرة كهذه يمكن القول إن استفادة الضحى تمت في إطار احترام القانون، كما جاء في الجريدة؟ وتزداد الفرجة فعلا عندما يدخل عمدة فاس على الخط ليضع المقاربة الثانية لحزب الاستقلال في تعامله مع هذا الملف مادام الحزب لم يتبرأ من تصريحات عضوه وأحد قيادييه... وهي مقاربة عجيبة لأنها تتبنى التعصب القبلي!! عمدة فاس دافع عن مجموعة الضحى لأن صاحبها أنس الصفريوي من «أهل فاس» ويخدم المدينة و«يستحق» أن يفوت إليه مجلس المدينة مشروعين بالعاصمة العلمية. وإذا تتبعنا هذه المقاربة سيصبح من حق أخنوش أن ينفرد بصفقات أكادير والشعبي بصفقات الصويرة والحجوجي بصفقات الدارالبيضاء... إلخ. منطق يقسم المغرب إلى إقطاعيات عرقية تعود بنا إلى فترة ما قبل الاستعمار! بالطبع، لم يكن الحزب في يوم من الأيام يدافع عن هذه القيم التي من شأنها أن تدمر شعبيته أولا، لكن يبدو أن ملف الضحى ذاهب إلى منزلقات خطيرة لا ريب. في الأخير، لا بد من الإشارة إلى أن جريدة الاتحاد الاشتراكي، حليف الاستقلال، كتبت في عددها الصادر يوم الثلاثاء الفارط أن «مشروع الضحى بفاس يثير عدة تساؤلات من طرف الرأي العام الفاسي الذي يرى كيف أن الضحى قد اكتسحت القطعة الأرضية كلها والتي تقدر مساحتها ب34 هكتارا عوض 11 هكتارا التي فوتت إليها وقامت بتجهيزها بسرعة فائقة وكأنها تسابق الزمن وعمدت إلى استغلال الأرصفة لتجعل المارة عرضة لحوادث السير!! بدون تعليق!