عبأت مصالح الأمن بمدينة الجديدة كل أفرادها، من أجهزة «الديستي» و«لادجيد» وأيضا مما يسمى «المكتب السياسي بعمالة الجديدة»، وذلك لمتابعة وتسجيل أطوار الندوة الكبرى التي نظمت على هامش المنتدى الاجتماعي المغاربي الأول، الذي نظم نهاية هذا الأسبوع بجامعة أبي شعيب الدكالي، حول موضوع الصحراء. وقد كادت تنفجر أطوار هذه الندوة في العديد من الأحيان ما بين المساندين «لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير» من الجزائريين وبوليساريو الداخل، الذين كان على رأسهم الحقوقي لحسن موقيت، بالإضافة إلى مساندين لنفس الطرح من موريتانيا، وبين العديد من الشبان المغاربة وممثلي بعض الجمعيات التنموية الذين ظلوا يرفعون شعارات «الصحراء مغربية». وكادت أطوار هذه الندوة تنفجر منذ اللحظة الأولى لانطلاقها بعدما قرأ كمال لحبيب، عضو لجنة متابعة أشغال المنتدى، بيانا يقدم فيه بعض الأفكار عن مشكل الصحراء، حيث استعمل عبارة «الصحراء الغربية» في مداخلته، مما دفع بالعشرات من الحاضرين في القاعة إلى ترديد النشيد الوطني الرسمي، واستمر الأمر على هذه الحال حتى الدقائق الأخيرة من الندوة، بينما اختار منظمو المنتدى المغاربي التعليق على ما وقع قائلين إنه «لأول مرة يجلس المغاربة والصحراويون وجها لوجه دون أن يضرب أحدهم الآخر». وتميز افتتاح المنتدى الاجتماعي المغاربي الأول بحضور ملفت لعائلات وزوجات وأصدقاء المعتقلين السياسيين الستة في خلية بلعيرج، الذين خصص لهم المنتدى المناهض للعولمة فضاء خاصا لجمع التوقيعات التضامنية وتلقي المساعدات، كما قاموا بتنظيم مسيرة شارك فيها إلى جانبهم كل الشباب اليساري المناهض للعولمة، مسيرة جابت الطريق المؤدية إلى الحي الجامعي، وصولا إلى كلية العلوم التي تنظم بها الورشات والندوات، ورفعت أمهات وزوجات معتقلي حزب البديل الحضاري وحزب الأمة شعارات مطالبة بإطلاق سراح المعتقلين الستة، وصرحت إحدى قريبات المرواني ل«المساء»: «نحن لسنا بيساريين، ولكننا نساند هؤلاء الشباب ونتقاطع معهم في المطالب والأفكار». وحسب الإحصائيات الأولى للمنتدى الاجتماعي المغاربي الأول، فقد «شارك في أشغاله ما يقارب 1700 شخص وأكثر من 300 جمعية»، حسب أعضاء اللجنة التنظيمية. وكما العادة في المنتديات الاجتماعية العالمية، فقد التزم المشاركون برفع الشعارات المناهضة للحرب في العالم، والمساندة لتحرر الشعوب، وامتلأت أركان كلية العلوم بالجديدة بالأعلام الأمازيغية، وأعلام السلام، وأعلام الثائر الكوبي تشي غيفارا. وقد حضرت كل الوفود المغاربية من تونس والجزائر وموريطانيا، بالإضافة إلى ممثلين من الليبيين المقيمين بالخارج. و حضر وفد من فلسطين، على رأسه مناضل الحركات الاجتماعية الفلسطينية أحمد رفعت الذي صرح ل«المساء» بأن «المشاركة الفلسطينية هي من أجل تمثيلية رمزية في هذا المنتدى ومن أجل إيصال ما يحدث اليوم في فلسطين إلى رفاقنا في المغرب». من جهة أخرى، عرفت الورشة، التي شارك فيها الصحفي بوبكر الجامعي، توافد عدد كبير من المشاركين. وقد تدخل الصحفي، الذي عاد مؤخرا إلى المغرب، في موضوع «النضال ضد تأثيرات العولمة»، وانتقد الجامعي بشدة نقابة الأموي واتهم الأخير بالنفاق في مواقفه، قائلا في سؤال استنكاري: «كيف يقول هذا الرجل إنه ليس لدينا مشكل مع الملك وإنما مع أرباب العمل»، واستطرد متسائلا أيضا: «ألا يعرف الأموي أن الملك هو أول رب عمل في المغرب»، كما انتقد بشدة السجون السرية في المغرب، فيما أشاد بالعمل الذي تقوم به الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وقال: «الحمد لله اللي عندنا الجمعية.. أنا لا يهمني أين يشتغل هؤلاء، هل في النهج الديمقراطي أم في الطليعة، ما يهمني هو ما يقومون به». وفي تصعيد غير متوقع، قال رئيس التحرير السابق لأسبوعية «لوجورنال»: «كل الأنظمة العربية هي عميلة للولايات المتحدةالأمريكية.. إنها أنظمة منافقة». وشوهد العديد من رجال الأمن بالجديدة يلتقطون صورا ويسجلون مداخلات المشاركين، خصوصا في ندوة الصحراء وندوة بوبكر الجامعي. وكشفت مصادر أمنية أن «الأوامر موجهة لمتابعة بعض المواضيع الحساسة». وقد ارتفعت متابعة المصالح الأمنية لأشغال المنتدى أمس الأحد خلال العرض الوثائفي الذي نظمته جمعية آطاك المغرب حول أحداث سيدي إفني التي وصفها مؤطرو العرض ب«أحداث سيدي إفني المجيدة»، حيث حجت إلى قاعة العرض المئات من المشاركين، مما اضطر المنظمين إلى تغيير قاعة العرض الصغيرة بقاعة عرض أكبر. وقد حضرت عرض الشريط الوثائقي عائلات طلبة مراكش المعتقلين وبعض شباب سيدي إفني، وعبر بعضهم عن فرحهم بعد أن توصلوا ظهر أمس بخبر «وقف طلبة مراكش للإضراب عن الطعام»، فيما عاتب بعض المشاركين من سربوا الخبر واتهموهم بمحاولة «إحباط حركتهم النضالية».