أصبح موضوع التأجيل الثالث لزيارة رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو للمغرب بمثابة طرفة يتداولها الإسبان خلال جلساتهم وبرامجهم التلفزيونية والإذاعية. فقد تم للمرة الثالثة تأجيل موعد الزيارة لأسباب تصفها الدبلوماسية المغربية ب«مشاكل في أجندة» الملك محمد السادس، مما أدى بثاباتيرو إلى أن يخرق العرف السائد بين مدريدوالرباط، حيث جرت العادة منذ عقود أن يزور أي رئيس جديد للحكومة الإسبانية المغرب كمحطة أولى بعد فوزه في الانتخابات، نظرا لكون هذا الأخير يعتبر من ضمن أولويات السياسة الخارجية الإسبانية قبل أوروبا وأمريكا اللاتينية. ففي شهر أبريل الماضي، أعلنت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية، ماريا تيريسا دي لافيغا، أن رئيس الحكومة خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو سيقوم بزيارة رسمية للمغرب في بداية شهر ماي المنصرم، أياما بعدها سيتم تأجيل الزيارة الرسمية إلى منتصف نفس الشهر، وبعدها إلى موعد لاحق لأن «أجندة الملك محمد السادس لا تسمح له بلقائه والاجتماع معه حاليا». وحسب ما توصلت إليه «المساء»، فإن مصدرا في قصر لامونكلوا الرئاسي همس لبعض الصحافيين المقربين منه بأنه لن يتأتى لثاباتيرو زيارة الرباط إلا في الخريف المقبل، مما يطرح إشكالية أخرى -تقول المصادر- لكون الزيارة ستصادف حلول شهر رمضان. وإذا كان المغرب يؤاخذ إسبانيا على تحديد موعد الزيارة دون الاستشارة معه، فإن يومية «أ.ب.س» المقربة من القصر أشارت في أحد أعدادها إلى أنه «على الرغم من العلاقة الطيبة التي تحاول إسبانيا دائما أن تربطها مع الدولة المغربية الجارة، فإنه ليس من السهل على ثاباتيرو إجراء لقاءات مع محمد السادس، الذي يجد دائما أمورا أفضل من لقاء رئيس الحكومة الإسبانية». ففي صيف سنة 2006، وبعد أن أعلنت الحكومة الإسبانية رسميا أن ثاباتيرو سيتوجه إلى الرباط في 5 شتنبر من ذلك العام، في خضم اجتياح المهاجرين لإسبانيا انطلاقا من الشواطئ المغربية، اضطرت الحكومة إلى تأجيل تلك الزيارة بناء على طلب من المغرب بسبب «مشاكل في أجندة» الملك محمد السادس. بعد ذلك تم تحديد يوم 14 شتنبر كموعد ثان للزيارة، ولكن مرة أخرى سيجد محمد السادس انشغالا آخر في ذلك اليوم، حيث كان الأمر يتعلق بافتتاح الموسم الدراسي في المغرب، تقول اليومية الإسبانية. ويرى المراقبون الإسبان أن المغرب كان يحاول جاهدا استثمار فترة الأربع سنوات الأولى من حكم ثاباتيرو في دعم موقفه الدولي بخصوص نزاع الصحراء، لكن على ما يبدو فإن إسبانيا تتخوف من الإقدام على خطوة غير محسوبة العواقب نظرا للضغط الممارس عليها من طرف عدد من الجمعيات والهيئات السياسية الإسبانية المساندة لجبهة البوليساريو. وليست الصحراء هي العقبة الوحيدة التي تعترض العلاقات المغربية-الإسبانية المعقدة والمليئة بالنزاعات، لكن الأزمة السياسية الأخيرة التي حصلت بسبب زيارة الملك خوان كارلوس وعقيلته لمدينتي سبتة ومليلية، مازالت انعكاساتها السلبية ماثلة في أذهان أصحاب القرار بالمغرب، وهناك كذلك موضوع شبه تجميد المفاوضات حول الصيد البحري، وملف التعاون في محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وخطة إسبانيا بشأن «العودة الطوعية» لمئات الآلاف من المهاجرين المغاربة... كل هذه الملفات تخضع أولا لشرط الالتزام الإسباني بما تعتبره الرباط «حيادا» إسبانيا في ما يتعلق بمستعمرتها السابقة.