أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس، صلاة الجمعة بمسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء. (ح م) واستهل الخطيب خطبة الجمعة بالتأكيد على أن الله تبارك وتعالى مدح المؤمنين الذين " يذكرون الله قياما وقعودا ..." وذم سبحانه وتعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته. وأضاف أن الحق سبحانه وتعالى نظر المخلوقين في محكم الترتيل ونبه أولي الألباب إلى آياته، التي بثها في الأنفس والآفاق، وبين أن العاقل المتدبر هو الذي يستطيع وحده أن يهتدي، بثاقب النظر وسديد الفكر وعميق التأمل لتلك الآيات، إلى سلامة الاعتقاد وصواب القول والفعل والاجتهاد وإصابة عين الهدى والرشاد والاستعداد ليوم الثناء. وأوضح أن الله سبحانه وتعالى يفتح الأكوان والعوالم لنظر الإنسان حتى ينظم حياته وعلاقاته وسلوكاته وآماله على هدى ونور، مبرزا أن تلك دعوة ربانية هادية إلى التأمل في الحياة، التي قدرها الله بحكمته، وأن بعض مظاهر ذلك تتجلى في خلق الإنسان نفسه، وفي طبيعته وتكوينه وتحركه، وفي ما سخره الله في الأكوان والمخلوقات من حوله لخدمته ومصلحته وتوفير سعادته في الدنيا والاستعانة بها على استحقاق السعادة الحقيقية الدائمة في الأخرى. وذكر الخطيب بأن الكتاب والسنة أشارا إلى خلق الإنسان، ومراحل تطوره، وكيف صرفه في فنون المعايش والمكاسب، وفاوت سبحانه وتعالى بين الناس في العلوم والفكر والغنى والفقر والسعادة والشقاء، مبينا أن من تأمل في النفس البشرية يجد آيات الله المبثوثة داخل جسم الإنسان، وأجهزته، أو المركوزة في طبعه وغريزته، مثل خلق الذكر والأنثى، وزرع المودة والرحمة في قلوب الناس، والاختلاف والتعدد في الأجناس واللغات والأوصاف، وفي توالي آيات الليل والنهار، مستشهدا في ذلك بآيات قرآنية وأحاديث نبوية. وأكد الخطيب أن التأمل والتدبر في آيات الله يفتح البصائر على جملة من الغايات، منها تحقيق اليقين بوحدانية الله، وترسيخ الإيمان بأن الساعة حق، فيبني الإنسان حياته وتصرفاته على أساس المراقبة والمحاسبة والاستعداد للدين، واستجلاء قانون السببية في الكون ومجرياته، والعيش على مقتضى التكامل والانسجام مع جميع المخلوقات في ملكوت الله، وانتهاج نهج السلامة والمحبة والتواضع للكائنات، والاقتناع برسالة الإنسان في الكون، والعمل على أداء الرسالة بجد ومحبة وكرامة وطمأنينة. وابتهل الخطيب في الختام إلى الله عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصرا مؤزرا يعز به الدين، ويرفع به راية الحق المبين، وأن يحفظه في ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، كما تضرع إلى العلي القدير بأن يمطر شآبيب رحمته على الملك المجاهد محمد الخامس والملك الموحد الحسن الثاني ويسكنهما فسيح جناته.