رغم أن حياته كانت بسيطة، ومليئة بتجارب رياضية، كان سكن أعماقه حب كبير لكرة القدم، وكان يحرص على صقل مواهبه.كان سنه مبكرا حينما شرع في تعلم تقنيات التعامل مع الكرة، فلم يكن معروف، الذي ولد سنة 1951 بحي مارتيني في الدارالبيضاء، يخفي ميله إلى مزاولة الكرة ولو كان ذلك لساعات طويلة في اليوم الواحد، حيث كانت تروقه هذه الرياضة، وكان أشد إعجابا بنفسه المتطلعة إلى النجاح فيها، والحق أن معروف لم يكن يمر عليه يوم إلا وخرج إلى الحي للعب مع رفاقه، بل كان يحس أنه أكثر ارتياحا وهو يتمرن على الطريقة التي يجعل بها الكرة أكثرمطاوعة له. كان معروف يجد في صعود ونزول أدراج منزله يوميا، فرصة لتطوير قدراته البدنية، فكان يتعمد ذلك حتى يعود جسمه على الحركة، وكان يكره الخمول والجلوس دون قضاء حاجة ما، لهذا كان كثير الحضور في الأزقة مع رفاق الحي للعب الكرة، ولأنها الهواية المفضلة للجميع كان معروف يعمل على أن يكون متميزا على نحو لا يضاهى، وصارت الكرة بالنسبة إليه ذلك المطمح الذي إن بلغه، بلغ التميز والانفراد. كان معروف أيضا، ينتمي إلى ذلك الجيل الذي يرفض أن يكون وجوده عبئا على الآخرين، فكان يبحث عن منافذ في الحياة تطور شخصيته وتنأى بها عن الفراغ، وكان يدرك ما ينبغي أن يكون، والذي من شأنه أن يساعده على تحقيق تطلعاته في كرة القدم، كما كان يحلم بأن يكون لاعبا متفوقا يتداول اسمه عند الجميع. الحق في الوجود بالوداد التحق معروف بالمدرسة الابتدائية "القسطلاني"، ثم مدرسة محمد الخامس، حاول في هذه المرحلة أن يوفق بين دراسته وكرة القدم، غير أن تفانيه في الرياضة كان أكبر بكثير مما كان عليه في الدراسة، حتى قيل له من طرف بعض أساتذته "إن جهوده واهتمامه منصب كليا على كرة القدم، ولو كان الأمر كذلك بالنسبة إلى الدراسة، لكان من المتفوقين الأوائل"، حسب ما يحكي معروف، ومع ذلك لم يكن ليعبأ بالأمر مادام عشقه للكرة يغنيه عن كل شيء. ومنذ أن أصبح معروف في سن الثانية عشرة لم يعد يقبل بأن يكون مجرد لاعب في الأحياء، فاقتنع بأن لاسمه حقا في الوجود ضمن فريق الوداد. كانت كل المؤشرات في بدايات معروف توحي إلى أن رغبة التجديد الهائلة التي كان يشعر بها، لم تكن إلا انعكاسا للمؤهلات النفسية والبدنية التي يتمتع بها، ولئن كان يصرف معظم أوقاته في لعب كرة القدم، فلأن أمله في بلوغ مصاف اللاعبين المتفوقين كان يسكنه، وبفضل عزمه ومثابرته كان لا ينفك عن اغتنام كل الفرص لترجمة إمكانياته الرياضية، فذات مرة سنة 1963 توجه إلى مخيم "خرزوزة" بنواحي أزرو، فشارك في مباراة جعلته محط الأنظار والاهتمام، (الهدف الذي كان يسعى إليه معروف بإلحاح)، واختير للمشاركة في "كأس المخيمات"، فرضي عن هذا الاختيار أشد الرضى، وشعر حينها أنه لن يستطيع التعبير عن فرحته إلا بالبرهنة وسط ميدان اللعب عما تختزنه مواهبه، وفعلا كما يحكي معروف كان حضوره قويا، وكان موقعه في الملعب موقع الهجوم حاملا الرقم 7، كما كانت حركاته رشيقة أثناء المباراة لم يعقها طول القميص الرياضي الذي كان يتجاوز قامته وهو في سن الثانية عشرة، كما يصف معروف. بيئة رياضية يذكر معروف أن ما كان يهبه الحماس في أن يكون نجما كرويا هو أن حي مارتيني كان أفرز 5 عناصر للمنتخب الوطني عام 1960، فكان يشعر وهو في طفولته أنه بدوره سيحالفه الحظ في أن ينقش اسمه في تاريخ الوداد. كانت متعته بالغة القوة، حينما صار يعيش وسط أجواء رياضية، فكما يحكي معروف، محبو الوداد كانوا يبكون الفريق فرحا بفوزه أو حسرة على خسارته لإحدى المقابلات، فكانت هذه المواقف تشجعه على البحث عن سبيل للانخراط في نادي الوداد، وهذا ما جعله يسارع إلى اجتياز اختبارات سنة 1963، حين بلغه أن نادي الوداد بحاجة إلى لاعبين صغار، وفي غضون ذلك أفلح معروف في تسجيل 3 أهداف أهلته إلى أن يكون من أول المرشحين للانضمام إلى النادي واللعب مع الفتيان بدل الصغار كحالة استثنائية، ولأن سنه كان لا يتعدى 12 سنة، سجل نفسه باسم أخيه الذي يكبره، حتى يتسنى له البقاء في فريق الفتيان، وكسب خبرات كروية جديدة. كان لعب كرة القدم في ملعب مُعشوشب، حلما مستبعدا في الستينيات، حيث كانت جميع أرضيات الملاعب تفتقد إلى هذه الخاصية، لهذا كاننت فرصة اللعب في مركب محمد الخامس في الدارالبيضاء، الذي كست أرضيته بالعشب، مكسبا بالنسبة إلى معروف، الذي قال إنه ظل ليلة بكاملها يترقب لحظة المقابلة التي جمعت بين فريق وجدة والوداد وانتهت بفوز هذه الأخير وذلك سنة 1967 بالملعب نفسه، حيث سجل معروف أثناءها هدفا لا يزال يتذكره باعتزاز. لقد أصبح معروف في وقت وجيز، بعد انضمامه لفريق الوداد، لاعبا متميزا وهو ما كان يصبو إليه دائما، لكنه لم يكن يتخاذل عن مضاعفة جهوده التي كانت تعد، بأن معروف له من الطاقة البدنية والنفسية ما يكفي كي يرقى بنفسه نحو مصاف اللاعبين المشهورين.