قال الدكتور عبد الحفيظ ولعلو، اختصاصي في العلوم البيولوجية والوبائية، إن «الوضعية الوبائية الحالية في المغرب تبشر بالعودة إلى الحياة العادية خلال الشهور المقبلة، لكن رغم ذلك يجب التعاطي مع هذا الوباء بحذر كبير من خلال التقيد بالتدابير الاحترازية والوقائية، التي توصي بها السلطات الصحية باستمرار منذ ظهور الوباء لتجنب انتشاره من جديد». وأوضح الدكتور ولعلو، في تصريح ل»الصحراء المغربية» أن الوضعية الوبائية ببلادنا تتجه في منحى الانخفاض منذ الأسبوعين الأخيرين من الشهر الجاري، إذ تُبين المؤشرات أن عدد الإصابات المؤكدة مخبريا تراجع بشكل ملموس رغم وجود المتحور «دلتا» المعروف بسرعة الانتشار بين الأشخاص، ولم نعد نسجل تلك الأرقام المرتفعة التي كانت تفوق 5000 إصابة يوميا في غشت الماضي. وأضاف الدكتور ولعلو، أنه سُجل أيضا تراجع في عدد الوفيات بشكل لافت رغم أن هذا العدد لايزال مرتفعا، معتبرا أن ذلك طبيعيا لأن الحالات الحرجة التي دخلت أقسام الإنعاش تظل تحت المراقبة الطبية ما بين أسبوع إلى أربعة أسابيع أحيانا، حسب الحالة الكلينيكية لكل حالة، وهي حالات أصيبت خلال شهر يوليوز أو غشت الماضي، ومنها من تعافى وهذا ما يسجل العدد المرتفع في عدد المتعافين يوما بعد يوم، ومنها من توفي بسبب مضاعفات هذا الفيروس الفتاك. وأوضح المتحدث ذاته، أن أغلب الحالات التي توفيت غير ملقحة أو يعاني أصحابها من أمراض مزمنة ونقلت إليهم العدوى من مخالطين، مضيفا، أن الملقحين الذين توفوا لا يمثلون إلا 0.04 في المائة، وأن هذه المعطيات تتماشى مع جميع الدراسات التي أنجزت في العديد من الدول، مثل بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية وبعض الدول الأوروبية، حيث إن الأشخاص الذين يتوفون بسبب الفيروس غير ملقحين أو أنهم يعانون أمراضا مزمنة أو من فئة المسنين. وأكد الاختصاصي في العلوم البيولوجية والوبائية أن هذا التراجع سيساهم خلال الأسابيع المقبلة في التخفيف من الضغط على أقسام الإنعاش وعلى المنظومة الصحية التي ستعود من جديد للتكفل بالأمراض الأخرى، وهذا مؤشر إيجابي ومشجع، «لكن رغم التراجع المسجل في عدد الإصابات والوفيات، يجب الحذر لأن الفيروس لا زال يقاوم، ويمكن أن يؤدي إلى متحورات جديدة أخطر من المتحور «دلتا»، لأن كل شيء ممكن في عالم الفيروسات». وأفاد الدكتور ولعلو أنه على الصعيد الدولي سجل أيضا منحى انخفاض في الكثير من الدول، مما يدعو إلى التفاؤل بالنسبة للدخول المدرسي والجامعي. ومن المؤشرات الإيجابية، أيضا، حسب الدكتور ولعلو، ارتفاع نسبة الملقحين على الصعيد الوطني والتي فاقت 20 مليون شخص بالنسبة للحقنة الأولى (حوالي 62 في المائة) وأكثر من 16 مليون شخص بالنسبة للحقنتين (حوالي 53 في المائة)، موضحا أن هذه الأرقام مرشحة للارتفاع بفضل المجهود الذي تقوم به وزارة الصحة، من خلال تشجيع المواطنين على التلقيح عبر فتح مراكز التلقيح طيلة أيام الأسبوع إلى جانب مراكز التلقيح النموذجية بالنواصر وسلا المفتوحة في وجه الجميع، حيث يمكن للشخص أن يستفيد من اللقاح بدون موعد أو شرط عنوان السكن. وأكد المتحدث ذاته، أهمية زيادة عدد الملقحين للوصول إلى المناعة الجماعية، بأن تفوق 70 في المائة إلى 80 في المائة على الصعيد الوطني، مبرزا أن المغرب يعد البلد الأول على الصعيد الإفريقي الذي تجاوز نسبة مهمة في عدد الملقحين، كما أنه يتوفر حاليا على أربعة لقاحات وذلك بفضل التدخل الشخصي لجلالة الملك ومجهودات الدبلوماسية المغربية بهذا الخصوص. ولفت الدكتور ولعلو إلى أن عدد التلاميذ الملقحين بالحقنة الأولى بلغ حتى الآن 30 في المائة في إطار عملية التلقيح التي بدأت منذ أسابيع قليلة، مما سيجعل الدخول المدرسي آمنا وحضوريا، مذكرا أن الأطفال لقحوا منذ صغرهم ضد ستة أمراض، وأن اللقاح ضد «كوفيد 19» سيزيد من تعزيز مناعتهم ضد هذا الوباء وسيجعلهم محميين من ظهور أوبئة داخل المؤسسات التعلمية والجامعية، معربا عن أمله في أن يتم تلقيح جميع التلاميذ والطلبة إلى غاية فاتح أكتوبر المقبل. وأضاف المتحدث ذاته أن الدراسات مازالت قائمة في جميع المختبرات المهتمة بعلم الفيروسات عبر العالم من أجل تقديم الخلاصات والتوصيات التي على أساسها تتخذ الدول قرارات حسب الوضعية الوبائية لكل بلد، مشيرا إلى أن المغرب أجّل الدخول المدرسي والجامعي نظرا للوضعية الوبائية التي كانت صعبة في غشت الماضي. وجدد الدكتور ولعلو الدعوة للمواطنين إلى الاستمرار في التقيد بالتدابير الاحترازية والوقائية من ارتداء الكمامة بطريقة سليمة واحترام التباعد الجسدي وغسل اليدين بالماء والصابون أو التعقيم، باعتبارها أمور لا تتطلب ميزانية بقدر ما تتطلب إرادة الشخص لحماية نفسه والمحيطين به والمجتمع ككل.