أفاد الدكتور عبد الحفيظ ولعلو، اختصاصي في العلوم البيولوجية والوبائية، أنه ليس هناك قرار علمي نهائي يؤكد أن الحقنة الثالثة ضرورية في كل الدول، رغم أن هناك بعض الدول التي تتوفر على مخزون كبير من اللقاح لجأت إليها. وأكد الدكتور ولعلو، في حديث خص به "الصحراء المغربية" أنه للخروج من هذه الوضعية الوبائية المقلقة يجب تسريع وتيرة التلقيح وتقيد المواطنين بالتدابير الاحترازية والوقائية. ويرى الاختصاصي في العلوم البيولوجية والوبائية أن إجبارية التلقيح التي لجأت إليها بعض الدول في بعض الأماكن، ستصعب الأمور على الناس ببلادنا، لكنه بالمقابل يرى أنه يمكن اللجوء إلى إجبارية التلقيح في الإدارة والمقاولات التي تشهد اكتظاظا والتنقل إلى المدن التي بها وضعية وبائية مخيفة.
ما هو تقييمكم للوضعية الوبائية ببلادنا؟ إن الوضعية الوبائية التي تشهدها بلادنا منذ أسابيع مقلقة، وكانت منتظرة بسبب التراخي وعدم احترام التدابير الوقائية والاحترازية خاصة وضع الكمامة بطريقة سليمة والتباعد الجسدي. هذا التراخي واللامبالاة كان سببا رئيسيا في انتشار الطفرة الجديدة «دلتا» التي أصبحت تهيمن على العالم وهي طفرة خطيرة جدا لكونها سريعة العدوى بنسبة 70 في المائة، وهي تصيب الشباب بكثرة بسبب قلة الوعي بخطورتها أو رفض التقيد بالإجراءات الصحية الوقائية، حيث سجلت الكثير من الوفيات في صفوف الشباب، بعدما كنا في البداية نركز على تلقيح كبار السن والأشخاص، الذين يعانون أمراضا مزمنة، لكن حاليا أصبح الشباب وحتى الأطفال معرضون للإصابة بهذا الوباء. ومن أسباب هذه الوضعية الوبائية المقلقة، أيضا، التنقل بين المدن في عيد الأضحى وصعوبة الحصول على المناعة الجماعية، حيث إننا لا زلنا بعيدين عن الهدف، علما أن الحملة الوطنية للتلقيح تمر في ظروف مشجعة جدا، لذلك نحث المواطنين على الإقبال على التلقيح لأنه السبيل الوحيد لمواجهة هذا الوباء. كما أن دخول مغاربة العالم إلى أرض الوطن وتزامن فصل الصيف وفتح الشواطئ والمسابح وغيرها جعلنا نعيش الوضعية نفسها، التي عشناها خلال عيد الأضحى من السنة الماضية، ما أدى إلى ارتفاع عدد الوفيات والإصابات المؤكدة. يمكن القول إننا لازلنا بعيدين عن الذروة، لكن في ظل الأرقام المسجلة يمكن أن نتجاوز الأعداد، التي سجلت في الفترة نفسها خلال السنة الماضية، فالأرقام مخيفة في عدد الوفيات والإصابات، كما أن عدد التحليلات لا يزال دون المستوى. هل يمكن أن يشكل هذا المنحى التصاعدي للإصابات ضغطا على المنظومة الصحية؟ بالفعل، فالأرقام المسجلة يوميا من حيث عدد الإصابات المؤكدة ستشكل ضغطا على المنظومة الصحية، حيث إن عدد الأسرة المستعملة بمصالح الإنعاش بلغت 44 في المائة من الطاقة الاستيعابية، كما أن العديد من الوفيات تقع بالمنازل إما لأنهم غير ملحقين أو لأنهم يأخذون الدواء دون اللجوء إلى الطبيب رغم أنه لديهم أعراض هذا الوباء، خاصة أن أعراض فيروس «دلتا» المتحور مختلفة وتشبه إلى حد ما أعراض الأنفوانزا الموسمية. وبالتالي يتأخر الناس في الذهاب إلى المستشفى وغالبا ما تكون مرحلة المرض خطيرة، خاصة أن نسبة كبيرة ممن يتوفون منهم غير ملقحين، لأن الأشخاص الذي استفادوا من اللقاح حتى لو أصيبوا بالفيروس تكون الأعراض لديهم خفيفة وغير خطيرة ويتم التغلب عليها بالبرتوكول العلاجي الذي وضعته وزارة الصحة. في اعتقادكم كيف يمكن الخروج من هذه الوضعية الوبائية المقلقة؟لتجاوز هذه الأزمة الصحية التي لا تتطلب ميزانية وفي متناول الجميع، يجب التقيد بالتدابير الاحترازية والوقائية من خلال ارتداء الكمامة بطريقة سليمة واحترام التباعد الجسدي في أي مكان، والتسريع من وتيرة التلقيح في انتظار اكتشاف دواء لعلاج هذا الفيروس. علما أن هناك جهودا كبيرة تبذل من قبل وزارة الصحة، حيث إن مراكز التلقيح مفتوحة في وجه الجميع وفي أي وقت. هل يمكن أن يصبح التلقيح إجباريا للوصول إلى المناعة الجماعية لمواجهة الفيروس؟ هناك بعض الدول جعلت التلقيح إجباريا في بعض الأماكن، ونتمنى ألا نصل إلى ذلك ببلادنا لأنه سيصعّب الأمور على الناس وإن كانت هناك بعض الإجراءات، التي تتطلب التوفر على «جواز التلقيح» مثل التنقل بعد التاسعة ليلا. وفي رأيي الشخصي يجب أن يكون التلقيح إجباريا للولوج إلى الإدارة حيث يكون الاكتظاظ كما هو الشأن في المقاطعات وبعض المقاولات التي تشغل عددا كبيرا من العاملين والتنقل إلى المدن التي بها وضعية وبائية مخيفة. وهنا يجب التذكير بأن التلقيح ضد داء السل ظل إجباريا عند الأطفال، وبالتالي يمكن اللجوء إلى إجبارية التلقيح إذا تفاقم الوضع الوبائي من أجل المصلحة العامة للمجتمع.
هل يمكن اللجوء إلى الحقنة الثالثة في التلقيح؟ هناك بعض الدول التي وصلت إلى الحقنة الثالثة في التلقيح وهي تهم بعض الحالات التي تكون فيها مناعة الشخص ضعيفة، وهي إجراءات تخص تلك التي لها مخزون كبير من اللقاح، لكن يجب أن تؤكد الدراسات والتجارب البيولوجية من طرف المختصين في بعض المختبرات التي تتوفر على الخبرة العالية في التحليلات الخاصة بمضادات الجسم ذلك، ويجب أن تجرى إحصائيات على الصعيد الدولي تؤكد ضرورة اللجوء إلى الجرعة الثالثة. وبالتالي ليس هناك قرار علمي نهائي يؤكد على أن الحقنة الثالثة ضرورية في كل الدول. ويجب التأكيد أن اللجنة العلمية والتقنية والمختصين بالمغرب ووزارة الصحة يتابعون عن كثب ما يجري في المختبرات العالمية وما ينشر في المجلات العلمية الموثوق بها من أجل إعطاء معلومة علمية ذات مصداقية. وعلى سبيل المثل، في البداية كنا نقول إن النساء الحوامل لا يمكنهن التلقيح، لكن في ظل الطفرة الجديدة تم اكتشاف أن الكثير من النساء الحوامل والأطفال مصابون وأنهم يصلون إلى الإنعاش، وبالتالي تم التأكيد على تلقيحهم من أجل إنقاذ حياتهم من هذا الفيروس المميت. كما أن الكثير من الدول تعمل على تلقيح النساء الحوامل بداية من الشهر الأول من الحمل في حين إنه في المغرب تقرر تلقيحهن بداية من الشهر الرابع لأنه حسب وزارة الصحة تكون هناك خطورة على الجنين خلال الشهور الثلاثة الأولى من الحمل. كما تم التأكيد على تلقيح الشباب لأن الكثير منهم يصلون إلى الإنعاش وينتظر أن يتم توسيع التلقيح ليشمل الفئة العمرية 12 سنة. وفي هذا الصدد، سيساهم تلقيح الطلبة والتلاميذ في الحفاظ على صحتهم من هذا الوباء وفي عدم اللجوء إلى التعليم عن بعد. وقد ذهبت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في هذا الاتجاه. وبالتالي فكلما تم التعرف على الفيروس الجديد كلما تقدمت الدراسات وأعطت توصيات تأتي بإجراءات جديدة مرافقة لمواجهة الوباء.