"كويتزالكواتل" كتاب للخيال التاريخي (عكس ما نعرفه عن الخيال العلمي)، وهو نوع أدبي ظل منعدما حتى الآن باللغة العربية، يقع في 155 صفحة من الحجم المتوسط، وصمم غلافه الفنان كريم ندرحو. وتتحدث الرواية عن أمير لإحدى مدن حضارة المايا قطع المحيط الأطلسي بداية القرن الثالث عشر، حتى بلغ بصدفة غريبة وحظ عجيب إلى غرب إفريقيا حيث دولة غانا حاليا.. لكن وهو يتوجه شمالا تم اختطافه من طرف عصابة من الصحراء، التي قامت ببيعه كعبد قرب "تومبوكتو"، بعد ذلك سيسير في قافلة حتى "مراكش" هناك سيقوم بأول عمل بطولي، إذ أنه سينقذ كتيبة من كتائب الموحدين (في ذلك الحين كان الملك الناصر هو إمبراطور الموحدين) ما سيرفع شأنه. وفي 1212، اتجهت جيوش الموحدين إلى الأندلس لقتال تحالف المسيحيين في المعركة الشهيرة معركة "عقاب". وهنا سيعيش القارئ هذه المعركة بعيون البطل الذي سيستغل الفوضى التي عمت بعد انتصار المسيحيين في هذه المعركة ليغير هويته ويعيش حياة ترف في الأندلس، خصوصا أنه غنم غنائم مهمة في المعركة الكبرى. بعد ذلك ولأسباب معينة ستتعقد حياته وسيضطر لمغادرة الأندلس مكرها، لتتوالى الأحداث لكن في جزئين آخرين يليان هذا الأول. وبهذا يكون الكتاب فريدا ليس فقط من حيث الموضوع، الذي اعتمد الخيال التاريخي، بل كونه يشكل ملحمة تاريخية (saga) لشعب المايا. أما العنوان الذي يبدو غريبا للقارئ، فقد أراده صاحبه خياليا أيضا حتى يكون قيمة مضافة للموضوع الخيالي التاريخي كذلك. ومعناه المأخوذ من ثقافة أمريكا الجنوبية ما قبل الاسبانية، هو "الأفعى المجنحة"، وهو معنى صار مشهورا في الغرب، لكنه مازال مجهولا عندنا، لكن الكاتب يقول إن بالإمكان تعويضه ب "المايا يحكمون العالم" لمن لم يستوعب "كويتزالكواتل"، لأن البطل سيتعلم عبر هذه الرحلة الكثير، وفي النهاية سيعود إلى شعبه المايا وسيعلمهم، ويقودهم نحو التقدم، وكيف يصيرون أقوياء يحكمون العالم. الكتاب يحمل من الأسرار والمغامرات والأحداث الغنية والممتعة، مع الكثير من التشويق الذي يضاهي ما كُتب في عدد من الملحمات الغربية، وهذا ما سيواصله هشام دراز في الجزئين الثاني والثالث، اللذين سيصدران قريبا، حيث سيعايش البطل مجتمعات أوروبية أخرى، ويخوض معارك أخرى وصراعات وتجاذبات فكرية، ستكون بالنسبة له دروسا يستثمرها في سد الفجوة التطورية الكائنة بين مجتمعه والمجتمعات التي اكتشفها طيلة هذه الرحلة، والتي ستساعده، حين العودة إلى بلاده، على إحداث ثورة حقيقية فيها على جميع الأصعدة . إذن، الكتاب هو سفر تاريخي عبر الزمن، سفر إلى عالم الأندلس المزدهر آنذاك، كما هو سفر في النفوس البشرية، وسفر في طموحات وأحلام وأهداف شخصيات كثيرة حبكت خيوط الرواية لتقدم "أوديسا" فريدة من نوعها. يذكر أن هشام دراز كاتب ومدون، من مدينة تطوان، درس الأدب الإسباني، وله عدة مقالات.