عززت الطفرة النوعية للعلاقات المغربية الروسية في السنوات الأخيرة على جميع المستويات، خاصة في المجالين الفلاحي والسياحي، عمق العلاقات التاريخية المتميزة، والشراكة الاستراتيجية، التي تجمع بين البلدين. ويرى متتبعون أن الشق الاقتصادي في هذه العلاقات على مستوى المبادلات التجارية مرشح لتحقيق قفزة نوعية، إذا وقع التعريف على نطاق واسع داخل الأسواق الروسية الواعدة بالمنتجات المغربية، إلى جانب العمل على تجاوز التعاون التقليدي، الذي كان ينحصر على الصيد البحري والمعاملات التجارية، والمرور نحو أوراش كبرى، تهم البحث العلمي والتقني، ومجالات الهندسة المدنية، والطاقة، وتكنولوجيات الاتصالات وغيرها. وشهدت العلاقات المغربية الروسية على المستويين الاقتصادي والتجاري، خلال سنة 2013، طفرة نوعية، إذ اعتبرت هذه السنة محطة بارزة في استمرار التعاون الثنائي بين البلدين، وتوطيد سبله على جميع الأصعدة. وتمثل روسيا أحد أهم شركاء المغرب في المجال التجاري، إذ يبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين مليارين ونصف المليار دولار سنويا، ما يجعل المغرب الشريك الأول لروسيا في إفريقيا والعالم العربي، إذ عرفت المبادلات التجارية، خلال سنة 2013 تطورا كبيرا على هذا المستوى. وشكلت اتفاقية الشراكة الاستراتيجية، الموقعة سنة 2002، بين بجلالة الملك محمد السادس والرئيس فلاديمير بوتين، بمناسبة الزيارة التاريخية لجلالة الملك إلى موسكو، منعطفا مهما في العلاقات الرابطة بين البلدين، ونموذجا متفردا في العلاقات المغربية الروسية، إذ مكنت من تعبيد الطريق، سنة بعد ذلك، أمام تطور واضح للتعاون الاقتصادي والتجاري، مهدت له الاتفاقيات المبرمة في مجالات النقل الجوي، والفلاحي، والصناعات الغذائية. وبخصوص القطاع السياحي، أبرم المكتب الوطني المغربي للسياحة بروسيا، سنة 2013، مجموعة من الاتفاقيات مع وكالات الأسفار والسياحة الروسية. وبلغ معدل الاستقطاب الذي حققه المغرب على مستوى السوق السياحية الروسية، السنة الماضية، التي شهدت تطورا ملموسا وتدريجيا ما يقارب 45 ألف سائح روسي، رغم أن طموح الفاعلين السياحيين يبقى أكبر، خاصة أن الوجهة السياحية المغربية تتجاوب بتنوعها وخدماتها المتميزة مع متطلبات السوق الروسية. وفي سياق خدمة التقارب الاستراتيجي بين المغرب وروسيا، جرى اعتماد سلسلة من المبادرات على صعيد تفعيل مشاركة رجال الأعمال الصناعيين والمصدرين، إذ نظم مجموعة من رجال الأعمال، سنة 2013، زيارات عمل إلى روسيا للمشاركة في تظاهرات اقتصادية، عبروا بمناسبتها، إلى جانب نظرائهم الروسيين عن تفاؤلهم بخصوص مستقبل التعاون بين البلدين. وعلاوة على ذلك، عمل المغرب وروسيا، في إطار تكاملية العلاقات الاقتصادية، على الدفع بمسارات التعاون المشترك، ليشمل مجالات جديدة كالطاقة، والغاز، والطاقات المتجددة، والتكنولوجيا، والمسح الفضائي، معبرين بذلك عن عزمهما وإرادتهما المشتركة من أجل النهوض بالشراكة الاقتصادية. وكان وفد من رجال الأعمال الروس يمثلون مختلف القطاعات زار المغرب للمشاركة في أشغال منتدى الأعمال المغربي الروسي السابق، وأكدوا أن المبادلات الثنائية ستشهد دينامية جديدة في الأفق القريب، معتبرين أن تبادل الزيارات بين الفاعلين الاقتصاديين سيساهم لا محالة في الرفع من حجم التبادل التجاري. وأوضح وفد رجال الأعمال الروس أن الشركات الروسية مهتمة بالاستثمار في المغرب، خاصة في مجالات الطاقة والكهرباء والتنقيب عن النفط والمواد والتجهيزات الطبية والسياحة. وكللت هذه الزيارة بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين الجمعية المغربية للمصدرين وجمعية المفتين الروس، لتنمية تجارة المواد والخدمات الحلال، تتعلق بتصدير منتوجات الحلال المغربية في بلد يعيش فيه أزيد من 20 مليون مسلم. وتهدف هذه المذكرة إلى تحسين مستوى التعاون الثنائي في مجال الأعمال والمبادلات التجارية والاقتصادية. كما تنص المذكرة، التي تمتد على مدى خمس سنوات قابلة للتجديد لفترات مماثلة على العمل، من أجل النهوض بالاستثمارات والعلاقات التجارية والتعاون المشترك لربط الاتصال بمنظمات وهيئات مشابهة عبر العالم. يذكر أن التعاون المغربي الروسي في المجال الفلاحي، تقوى، أيضا، عقب زيارة وزير الفلاحة والصيد البحري لروسيا خلال يونيو 2010، على رأس وفد من مسؤولي الوزارة ورجال الأعمال. وتميزت هذه الزيارة بتوقيع الاتفاق المغربي الروسي حول الصيد. وشكلت فرصة من أجل دعم التعاون بين البلدين، بتحديد ثلاثة مجالات للتعاون، تهم تنمية الاستثمار، وإنعاش الصادرات، وتطوير الشراكة العلمية.