في ما يشبه الرحلة الاستكشافية للقرى النائية، انطلقت "المغربية" من الدارالبيضاء نحو مكناس وبعدها إلى "زايدة " حوالي 180 كيلومترا، ثم إلى "بومية " حوالي 25 كيلومترا، وصولا إلى تونفيت بحوالي 38 كيلومترا فانتقالا إلى بعض القرى التي تبعد بحوالي 64 كيلومترا عن مركز تونفيت، وخلال الطريق كانت تجليات البعد الجغرافي واضحة في مشاهد تلك القرى المتفرقة على الأطراف على نحو يوحي أنها غير آهلة بالسكان ومهجورة. أراض منبسطة في معظم الطرقات والمسالك المؤدية إلى تونفيت، وفي هذه النقطة يصبح الوصول إلى القرى مقرونا بالحرص على السير في منعجرات لا تحول بينها وبين الهاوية حواجز حديدية، التي من المفروض أن تكون منتصبة على الجنبات. منطقة تونفيت المتموقعة في السلسلتين الجبليتين، العياشي3757 مترا، والمعسكر بعلو 3277 مترا، فرضت على أهل القرى التعايش مع مناخ شديد البرودة، وواقع معيشي محدود الإمكانيات، مع آمال بسيطة في تقليص هوامش العزلة والعوز. بدت الطريق طويلة من مكناس في اتجاه "زايدة" والتي تحتم اعتماد سيارة أجرة، يشترط سائقها استوفاءعدد الركاب قبل أن ينطلق في رحلة تستغرق ثلاث ساعات، وفي هذه الأثناء كان ممكنا متابعة المناظر الطبيعية للمنطقة، حيث تتباين المنخفضات مع المرتفعات، وتتراءى تجمعات بيوت قروية موحية بالبساطة. اجتازت "المغربية" طريقا طويلة نحو "زايدة"، لتستقل سيارة أجرة جديدة منها نحو "بومية"، وهنا كانت الطريق بدورها تساعد على رؤية الحقول الممتدة على مرمى من النظر، والتي كانت، مع ذلك، بأعشابها الصفراء تكفي للتملي في الامتداد الطبيعي. فموعد الرحلة الذي بدأ من الحادية عشرة صباحا من مكناس، كان الجو فيه صحوا، سحب بيضاء في سماء صافية، ورياح خفيفة ترفع الغبار من أعلى الطريق، أجواء تشجع على خوض تجولات عريضة في بقاع مرتفعات جبلية. وبنوع من التركيز في المشاهد التي عبرت من بينها سيارة الأجرة، كانت في بعض الرقع تصطف حقول مزروعة ومحاطة بسياجات، ووراء أفق هذه المزارع توجد بيوت ذات طراز مهيكل ومصمم. كان لابد من الاستعانة بسيارة أجرة أخرى عند الوصول إلى "البومية" للانتقال إلى تونفيت، وبالمناظر الطبيعية ذاتها مع اختلاف بسيط في الأشكال والتوزيعات الجغرافية، كانت "المغربية" تراقب مسار السير الذي أخذ طابع الارتفاع مع كل تقدم نحو تونفيت. دل تباطؤ سيارة الأجرة بأمتار معدودة من تونفيت على أن الرحلة بلغت النهاية، حيث كان ضروريا الاستعانة بفاعلين جمعويين لمرافقة "المغربية" نحو القرى النائية التابعة لتونفيت، خاصة أن سيارات الأجرة لم تكن متاحة في الطريق المؤدية للدواوير، ماعدا امتطاء الدواب وهو حل لم يكن مجديا لضيق الوقت ومشقة الطريق، أو بتسخير سيارة أحد الفاعلين الجمعويين لتمكين "المغربية" من الزيارات، بدافع منهم في التضامن مع الآهالي، وتقديرا للمساعي في التعريف بواقع قراهم البعيدة والأشبه ب"المنسية". في قلب تونفيت هكذا وجدت "المغربية" في تونفيت، منطقة تعج بحركية الناس، وباجتياز مسافات بين أزقتها ودروبها، يدرك الزائر أنها تفتقد الترتيب كما تفتقد النظام، وفي ظل عشوائيتها التي فرضتها طبيعة الحياة البسيطة للسكان، تسعى بعض الجمعيات المدنية إلى أن تكون المنطقة في مستوى يغطي على الأقل، الاحتياجات البسيطة للسكان مثل هيكلة البنيات التحتية وإعادة النظر في قرارات تصاميم البناء التي تلزم السكان اعتمادها لتشييد منازلهم، وهو ما لا يجد له السكان قدرة لتنفيذه، لتبقى البيوت الكائنة في المنطقة تتسم بنوع من الاختلاف بينها من حيث الشكل والتصميم. وكان الوصول إلى تونفيت فرصة توفرت ل"المغربية" للقاء بعض الفاعلين الجمعويين، مثل المهدي منهو، رئيس "جمعية تاوزة للتنمية، ومحمد محروشة، رئيس جمعية "إست غرغور للتنمية والتضامن" اللذين كشفا أن المنطقة تشهد نقصا حادا في البنيات التحتية، طرق هشة ومسالك محفرة، وأخرى غير معبدة، كما تفتقر إلى المستشفيات والمرافق الاجتماعية والتعليمية، أما رواجها التجاري فينبني على الرعي وحطب التدفئة، كمورد أساسي للعيش، مع استثمارات ضعيفة في الفلاحة التضامنية التي لا تحقق ربحا كبيرا، بقدر ما تحقق بعض الاكتفاء الذاتي للسكان. ولأن منطقة تونفيت آهلة بحوالي 23 ألف نسمة، فإن قاطنيها يعيشون خصاصا كبيرا في الأنشطة المدرة للدخل، في حين تغيب لديهم فرص أخرى للاستثمار في الموارد الطبيعية التي تتميز بها المنطقة مثل زراعة البطاطس والتفاح. ويروي الفاعلون أن تونفيت يعود أصل تسميتها إلى كلمة "تنفي" أي أنها لا ترى بالعين بحكم تموقعها الجغرافي وسط السلاسل الجبلية وبالخصوص سلسلتي العياشي والمعكسر، كما تحد تونفيت في الشرق والغرب منابع ملوية. ومن ثمة فتونفيت تبقى مقيدة بوعورة التضاريس ومحاصرة ببرودة المناخ الذي يشهد تساقطات ثلجية تكرس الواقع الصعب لسكانها والقرى المجاورة لها، خاصة أن تونفيت لا تتوفر على فضاءات للترفيه أو فضاء للأنشطة الثقافية، في خضم التسيير المحلي المتواضع الذي أبقى على تونفيت كمنطقة تشكل مركزا للقرى النائية التابعة لها، لكنها نقطة جغرافية غير مؤهلة لسد احتياجات السكان القاطنين فيها والوافدين عليها. كما لا تتوفر تونفيت على قسم المستعجلات، ولا على طاقم طبي كاف، اعتبارا إلى أن عدد السكان بها تجاوز 23 ألف نسمة، ما يجبر السكان على قطع مسافات طويلة نحو ميدلت للعلاج والاستشفاء، وفق ما أوضحه الفاعلون الجمعويون. وينضاف لتونفيت مشكل آخر، يعتبره السكان عويصا، هو ضعف المجاري الصحية التي في كثير من الأحيان ما تؤدي إلى تصدعات وتشققات في المنازل، لا تنفع معها تلك التعديلات الترقيعية، وفي الآن نفسه، مجبرون على اعتماد تصاميم بناء في حالة الإصلاح، وهو الأمر الشاق على السكان لإمكانياتهم المادية المحدودة، مثلما ذكر منهو ومحروشة الفاعلان الجمعويان، دون أن يغفلا التذكير بأن تونفيت تشهد استنزافا مفرطا في أشجار الغابة بشكل قلص من مساحاتها، التي كانت في سنوات سابقة تمتد لهكتارات كبيرة. وحسب ما ذكره بعض الفاعلين، فإن تونفيت تتوفر على مؤسسات تعليمية محدودة، يقصدها أبناء القرى النائية ويضطرهم البعد الجغرافي إلى المكوث في المنطقة، وكثيرا ما كانت تدفعهم تكاليف الدراسة إلى الانقطاع عنها والاكتفاء بالقرى وتحمل تبعات العيش دون دراسة، دون عمل، دون طموح يُذكر. عبر المنعرجات بعد مجالسة الفاعلين الجمعويين في تونفيت، كان من المفيد الانتقال عبر سيارة أحدهم إلى قرية "أنمزي"، التي تبعد عن المنطقة بحوالي 60 كيلومترا، قصد معاينة بعض تفاصيل حياة سكانها، الذين لم يكن ممكنا إدراكهم وجودهم إلا بصحبة الفاعلين. غادرت "المغربية" تونفيت في وقت بدأ المساء يرخي ظلاله، وقبل أن تسيطر على الطريق عتمة الليل، تحركت السيارة التي تقل الجميع في مسارات يعرفها الفاعلون الجمعويون، على نحو لا يقود إلى التيه في الطرقات المتفرعة بكل الجهات، وبموجب رسم صورة ذهنية عن تلك القرية التي لم يجر الوصول إليها بعد، طرحت "المغربية" تساؤلات عن المهدي منهو، رئيس "جمعية تاوزة للتنمية، ومحمد محروشة، رئيس جمعية "إست غرغور للتنمية والتضامن"، تخص جوانب من حياة سكان أقعسهم الفقر والبرد حتى عن الأمل في التغيير نحو الأحسن. نحو الطريق إلى "أنمزي" كانت الضواحي تكشف عن بيوت منتصبة في الحقول المرتفعة تارة، والمنخفضة تارة أخرى، فالتداخل الحاصل في المرتفعات والمنحدرات للمنطقة الجبلية جعل الرحلة إلى القرية تبدو مثيرة في سياق جو بارد منذر بتساقطات ثلجية. وصلت "المغربية" بمعية الفاعلين الجمعويين إلى ضاحية بالطريق المؤدية إلى "أنمزي" ليتبين أن هناك أودية تتقاطع مع هذه الطريق متفرقة على مسافات قصيرة من الطريق، وكان ضعف صبيبها يسمح باجتيازها بمنأى عن العرقلة، شرط تخفيض سرعة السر، لأن تدفقها على الجنبات جعل الأرض حيث التقاطع، ممتلئة بالأوحال. ومواصلة السير بتريث نحو القرية حيث توجد جماعة "أنمزي" التابعة لها سبعة قرى، دوارأنمزي ودوار تمالوت ودوار أيت مرزوك ودوار أنفكو ودوار أغدو ودوار تيرغست ودوار تغدوين، يكشف عن روح المبادرة التي يتمتع بها السكان حين يخرجون في شكل مجموعة للحطب، استعانة بالدواب، حتى يعودوا جميعا مثقلين بالكميات الكافية لملء خزائنهم بخشب التدفئة، كما يتعاونون على صرف الأتربة والأحجار التي تقذف بها الأودية على المسالك، وهي تطوعات لا تصد عنهم تبعات الفيضانات والحصار بالثلوج لكنها تخفف وطأتها عليهم. لم يكن هناك خلال السير سوى جبال مرتفعة تبدو في مشهد "بانورامي" متداخل الأبعاد، وفي كل رقعة تشهد انبساطا في الأراضي تتجمع بيوت يسكنها أناس بتجاوب مع خاصيات المنطقة الطبيعية والجغرافية. في علو 2276 على هذا النحو استمر السير إلى حين قرية "أنمزي"، التي توجد في مرتفع يبلغ حوالي 2276 مترا، وبوسط هذه القرية كان سهلا إدراك أن سكانها عاجزون عن خلق مناحي في الحياة، تعفيهم من اجترار الخيبة وقلة الحيلة، فالعزاء الوحيد الذي يوحد بين السكان ويواسيهم في عجزهم عن صد الفقر، هو التكافل في ما بينهم. فلم تكن هناك علامات تكشف أن القرية تعيش حركية اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية، كل ما كان واضحا بجلاء هو امتداد كبير لطبقات الثلوج التي تلف البيوت، وبهذا الوضع كانوا مضطرين على الانزواء داخل دورهم البسيطة درءا لتبعات البرد القارس. وعند ولوج بيوت السكان الذين كشفوا عن رحابة صدر لم تُلغ بفعل الحرمان والفقر، يتضح أن حياتهم بسيطة إلى حد كبير، فهؤلاء يعتمدون على ضروريات الأشياء، أفرشة تقليدية متواضعة وأواني بسيطة، يستعينون بها في الحاجات اليومية. أسقف من الخشب كمادة أساسية للبناء، وجدران بطلاء أزرق مع خطوط متفرقة على الزوايا، تعكس الثقافة الأمازيغية للقرية، فالبيوت التي دخلتها "المغربية" تبدو خاوية مثل قاعة مستغنى عنها، كل ما يظهر بعض المستلزمات المحدودة. ثمة واقع صعب يتجسد في هذه البيوت التي تقطنها حوالي 200 أسرة لقمة عيشها اليومي الخبز والزيت والشاي والماء. نساء القرية يحلمن بفتح المركز السوسيو تربوي" الذي شيد قبل سبع سنوات ب"أنمزي" دون أن يستفدن من خدماته في الخياطة والطرز والطبخ، وفي سياق هذا الواقع يكتفين بالحطب اليومي واجتياز مسافة تتراوح ما بين 5 و10 كيلومترات، لسد الاحتياجات الضرورية في حطب التدفئة. تعايش مع الواقع يجد سكان أنمزي في طبيعة البيوت المشيدة من الحجر والتراب، وسيلة للاحتماء من البرد، فخاصية هذه البيوت القروية قادرة على منع تسرب البرودة نحو الداخل، كما هي قادرة على امتصاص الحرارة في فصل الصيف، والسكان لا يستطيعون الاستغناء عن هذا النوع من البيوت بصرف النظر عن شكلها المتواضع، اعتبارا إلى أن تسخيرها في الإيواء والتدفئة، أهم من منظرها الخارجي ومحتوياتها الداخلية. وتصل تكلفة بناء منزل بمساحة 100 متر قد تصل إلى 50 ألف درهم، دون الاجتهاد في تشييد طوابق أخرى أو تزيين المنزل بالزخارف أو ما شبه وبقلب كل منزل لا بد من وجود "مدفأة" التي يفضل السكان أن تكون "من "القصدير" بحكم سرعة انتشار الحرارة بأرجاء الغرفة بمجرد إشعال خشب الأرز والبلوط الأخضر(الكروش) الممزوجين معا، على عكس المدفأة الحديدية، وإن كانت مدفأة "القصدير" تساعد على أن تلتهم النار كميات كبيرة من الخشب، غير أن الحاجة الملحة للدفء السريع أكبر من كل الحسابات، كما أن ثمن المدفأة"القصديرية" يقدر ب 150 درهما، بينها الحديدية تناهز 250 درهما، حسبما أفاده سكان "أنمزي". ويأمل سكان "أنمزي" كغيرهم من سكان القرى والضواحي أن يتلقوا اهتماما، ويحظوا بمساعدات ومعونات تساعدهم على تحمل عبء الحياة، في قرية تغيب عنها شروط التنمية الاجتماعية وتكرس لواقع "بئيس" وصعب. اعتياد اضطراري عند الانتهاء من زيارة "أنمزي" كان لا بد من زيارة "تيميشا" القرية التي تعيش أوضاعا صعبة للغاية مقارنة بغيرها، بل حتى سكان "أنمزي" حين يعقدون المقارنة مع "تيميشا" يجدون أنفسهم أحسن حالا، اعتبارا إلى أن هذه الأخيرة يغيب عنها كل شيء حتى الأمل في التغيير للأفضل. هناك طريق متفرعة أخرى تؤدي إلى "تيميشا" التي تفصل مسافتها عن "أنمزي" بحوالي 5 كيلومترات، وهو المسلك الذي يجعل سكان القرية قادرين على الانتقال نحو القرى الأخرى التابعة لجماعة "أنمزي". الثلوج في كل مكان تحيط ب"تيميشا" ولا يستطيع السكان الحياد عنها، فهي معطى طبيعي تعايشوا معها مكرهين، حتى تعودوا ارتداء ملابس خفيفة نوعا ما، أما الغريب عن المنطقة فيصعب عليه تقليد السكان في ذلك، برد شديد لا يقاوم، ثلوج منبسطة على التلال المحيطة ب"تيميشا"، وفي مفارقة بين البرد والملابس البسيطة للسكان، يدرك الزائر أن الواقع حتم الاعتياد حتى على الصعاب من الأمور. في هذه القرية لا مجال للأمل، قرية مفتقدة كل الأشياء، الكهرباء والمرافق الصحية ومجاري الصرف الصحي، والمصالح الإدارية، والطرق المعبدة، لا شيء يظهر غير القتامة المتجسدة في بيوت صغيرة محدودة العدد في 25 بيتا. لا حلم ..لا أمل لم يكن هناك أي فرق يذكر هذه السنة، حسب شهادات سكان "تيميشا" في أوضاعهم بالقرية، مقارنة مع السنة الماضية، فمعاناتهم مع البرد وغياب موارد عيش تدفع عنهم الفقر وتخفف عنهم الشعور بالتهميش والإهمال، مازالت متفاقمة، وتزداد حدة كلما عاينوا توصل جيرانهم من القرى بالمعونات دون أن تشملهم. بلغ اليأس مبلغه لدى سكان "تيميشا" حتى لم يعودوا يحلمون بقدر ما يتعايشون مع الواقع المرير في القرية، بل حتى استعانتهم ب"فتيلة" الزيت والشمع وقنينات الغاز، للإضاءة، يتحفظون في استهلاكها كثيرا، ادخارا لما يملكون. وينتفض سكان "تيميشا" في وجه الفراغ والفقر، بمحاولات محدودة في التعريف بواقع القرية واحتياجات السكان، فحسب ما قاله سعيد واخواوو، رئيس جمعية "تيميشا للنهوض بالمجالات الثقافية والاجتماعية"، تونفيت، فإن الجمعية بإمكانياتها المحدودة تسعى إلى أن يشارك سكان القرية ضمن الأنشطة التي تشرف عليها الجمعية، مثل إسهامهم في حماية الثروة الحيوانية الطبيعية البرية والمائية، والعمل على تشجير وغرس المنطقة بأنواع من الأشجار، مع استخلاص الأعشاب الطبية، ثم إشراك الفتاة القروية في تعلم بعض الحرف مثل الخياطة والطرز، وكل ما له علاقة بالصناعة التقليدية التي تميز المناطق التابعة لإقليم ميدلت. كما أوضح واخواوو، أن "محاولات الجمعية تظل ضعيفة بالمقارنة مع حجم المشاكل التي يعيشها سكانها "تيميشا"، ومع ذلك فهم يتحينون الفرص التي تجعل من القرية، مزارا للجمعيات المدينة النشيطة، للتضامن مع سكانها بشكل يكفل أسرا فقيرة ومحدودة العدد". فلا يمكن لأي زائر قادته النية أو الصدفة لزيارة هذين القريتين وغيرها، أن يتجرد من الشعور بالتعاطف والمؤازرة مع سكانها، وقد يلهيه الاستماع إلى حكاياتهم مع العوز والبرد والعزلة عن الشعور للحظات بقساوة البرد، ليعود باعتقاد راسخ أن "الصبر والإيمان بالقضاء والقدر" هما عماد هؤلاء في حياة غير مشجعة على الارتياح والتطلع. ومن الطريق نفسها على نحو معاكس "تونفيت" و"بومية" و"زايدة" و"مكناس" ثم "الدارالبيضاء" هناك مجال من الوقت للتخمين في أبعاد الحياة التي يعيشها كل فرد، وفق توزيعات في القدر والحظ.