يعتبر المتحف الجهوي للمقاومة وجيش التحرير بتازة من أهم المعالم التاريخية بالمنطقة، التي تستحضر الملاحم الوطنية الطافحة بالأمجاد والمكرمات إبان فترة الكفاح الوطني بهدف ربط الماضي بالحاضر٬ وتلقين الأجيال الصاعدة ملاحم وبطولات العرش والشعب٬ التي تتسنم رقيم الذاكرة الوطنية والمحلية. فالمتحف الجهوي للمقاومة وجيش التحرير بتازة٬ الذي أسسته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير سنة 2005 على مساحة تبلغ 580 مترا مربعا، في إطار إحداث شبكة من المتاحف الجهوية والإقليمية بمختلف ربوع المملكة٬ يعد من أهم المعالم التاريخية بمدينة تازة٬ التي تسعى إلى تحقيق الغايات النبيلة، من خلال استعراض العديد من التحف والآليات المستعملة في المقاومة والتعريف بأعلامها٬ الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل استقلال الوطن ونيل حريته. ويشتمل المتحف على قاعة للعرض الدائم تضم صورا لملوك الدولة العلوية الشريفة ابتداء من تأسيسها من طرف مولاي علي الشريف، ووصولا إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ وهي قاعة كبيرة مزودة بالإنارة وكافة التقنيات الحديثة للعرض المتحفي٬ بالإضافة إلى خزانة للكتب وإصدارات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير٬ منها٬ على الخصوص٬ موسوعة الحركة الوطنية للمقاومة وجيش التحرير٬ ومجلة الذاكرة الوطنية٬ وسلسلة وجوه من الذاكرة٬ وبحوث جامعية ودراسات علمية حول المقاومة والحركة الوطنية٬ وكذا العديد من الكتب والندوات الوطنية والتاريخية٬ ونشرات وسلسلة أحداث وملاحم الاستقلال٬ بالإضافة إلى نشرة التواصل وأشرطة وثائقية سمعية وبصرية واستجوابات وشهادات حية للمقاومين وأعضاء جيش التحرير. كما يجد الزائر لهذا المتحف مسارا كرونولوجيا لمختلف محطات المقاومة المغربية، بدءا من سنة 1912، تاريخ خضوع المغرب للحماية الفرنسية٬ إلى سنة 1956، تاريخ الإعلان عن الاستقلال٬ مرورا بمسلسل انتفاضات القبائل المغربية وميلاد الحركة الوطنية ونفي جلالة المغفور له محمد الخامس إلى مدغشقر وعمليات جيش التحرير بالشمال. ويتكون المتحف كذلك من جناح خاص بالصحف الصادرة خلال فترة الكفاح الوطني يشمل على قصاصات من جرائد "لوبتي ماروك" و"ليكو" و"الأمة" و"السعادة" و"لافيجي" و"ماروك بريس" و"لوكوريي دوماروك"٬ حيث تتناول أحداث وأخبار وملاحم وبطولات الشعب المغربي عامة ومنطقة تازة على الخصوص (العمليات العسكرية وتغلغل المستعمر وعمليات المقاومة وجيش التحرير خاصة في مثلث الموت، أكنول وتيزي وسلي وأجدير). كما يتضمن المتحف جناحا خاصا بالألبسة والمعدات العسكرية والأدوات التقليدية (بذلات وسراويل وأحذية تقليدية وأحزمة وجلباب) استعملها جيش التحرير إبان فترة الكفاح الوطني٬ بالإضافة إلى الصور التاريخية والوثائقية باللونين الأبيض والأسود لزيارة جلالة المغفور له محمد الخامس لمنطقة تازة٬ وكذا صور قديمة لمقاومين ومجاهدين ارتبطوا بتاريخ المقاومة وعمليات جيش التحرير بمنطقة مثلث الموت. وفي هذا السياق٬ قال محافظ المتحف، عمر الصديقي٬ في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ إنه من أجل تعزيز إشعاع المتحف الجهوي للمقاومة وجيش التحرير بتازة٬ والتعريف بملاحم وبطولات المقاومة وجيش التحرير٬ ينظم القيمون على المتحف العديد من الأنشطة الموازية٬ بتنظيم مسابقات ثقافية وزيارات جماعية لفائدة التلاميذ والطلبة وعرض أشرطة وثائقية لفائدة الزوار بمناسبة الذكريات الوطنية٬ وترتيب لقاءات مع الطلبة قصد حثهم على إعداد بحوث جامعية حول كفاح المنطقة ومدهم بالمراجع والمستندات الضرورية٬ بالإضافة إلى التنسيق مع أساتذة التاريخ لتنظيم زيارات إلى المتحف وفتح المجال أمام الجمعيات الثقافية للتنشيط الثقافي داخل فضاء المتحف وتنظيم أنشطة ترفيهية لفائدة رواد هذه الجمعيات. وأضاف المحافظ أن المتحف يشهد إقبالا متوسطا خلال الأيام العادية من السنة (1062 زائرا خلال شهر أبريل الماضي)٬ فيما يرتفع الإقبال خلال تخليد اليوم العالمي للمتاحف الذي يصادف 18 ماي من كل سنة٬ مشيرا إلى أن هذا اليوم يعرف توافد الزيارات المدرسية في إطار اتفاقيات الشراكة الموقعة مع وزارة التربية الوطنية القاضية بالانفتاح على المؤسسات التربوية والتعليمية والتعريف بفصول المقاومة والحركة الوطنية٬ وإطلاع الجيل الصاعد على ملاحم العرش والشعب من أجل نيل الاستقلال والحرية٬ مع التركيز على المقاومة المحلية. ودعا الصديقي المسؤولين المحليين والمنتخبين والقطاع الوصي إلى العناية بالمتحف الجهوي للمقاومة وجيش التحرير بتازة، وصيانته وترميمه، وتنويع معروضاته، وإيلائه أهمية قصوى لكي يكون في مستوى تطلعات الزوار. كما دعا المثقفين والباحثين إلى التنسيق مع القيمين على المتحف من أجل المشاركة في تنظيم وتنشيط زيارات منتظمة وموجهة لفائدة رواد الجمعيات المدنية وتلاميذ المدارس وعموم المواطنين عبر إحياء أمسيات ثقافية وتنظيم أوراش فنية وعروض مسرحية ومحاضرات وندوات علمية بفضاء المتحف. وأبرز أن المتحف الجهوي للمقاومة وجيش التحرير بتازة سيخلد اليوم العالمي للمتاحف يوم 18 ماي الجاري٬ الذي اختار له المجلس العالمي للمتاحف هذه السنة شعار "المتاحف .. الذاكرة + الإبداع = التنمية الاجتماعية"٬ لجعل المتاحف فضاء للتنشيط الثقافي والتربوي والتحسيس بالمواطنة الحقة، وليس فقط فضاءات جامدة تعرض التحف. وأشار الصديقي إلى أن المتحف حصل على الجائزة الأولى في التنظيم والتنشيط الثقافي برسم سنة 2013 من طرف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير(و م ع).