غاب نوبير الأموي، الأمين العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن احتفال مركزيته باليوم العالمي للشغل، ولم يظهر إلى حدود الثانية عشرة ظهرا من أمس الأربعاء، في المنصة الشرفية، المنتصبة غير بعيد عن مقر المركزية، بمنطقة درب عمر، بالدارالبيضاء ورجح عدد من المسؤولين النقابيين أن يكون غيابه بسبب مرض ألم به صبيحة احتفالات فاتح ماي 2013. وألقى عبد القادر الزاير، النائب الأول للأمين العام للمركزية، عن الأموي في إلقاء كلمة المكتب التنفيذي، التي تابعها بانضباط ملحوظ أزيد من 20 ألف مشارك، حسب التقديرات الأولية لبعض المنظمين. وتضمنت كلمة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي تخلد العيد العمالي لهذه السنة، تحت شعار "مزيدا من التعبئة لمواجهة كل التحديات"، التأكيد على انشغالها بقضية الوحدة الترابية في ظل ما تعرفه من تطورات "تستوقف عقلنا الوطني الجماعي للمواكبة برؤية يقظة وحذرة لتحصينها والتصدي لكل المخططات التي تستهدفها". وفي هذا السياق، تقترح الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تكوين "خلية وطنية دائمة تجتمع بشكل دوري ومنتظم، تعتمد مبدأ الإشراك الفعلي، لتقوم بوظيفتها في المواكبة والمساهمة في التعبئة، دفاعا عن الوحدة الوطنية". وتطرقت الكلمة، التي ألقاها عبد القادر الزاير، إلى مستجدات الأحداث بالعالم العربي، منبهة إلى ما يقع في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن، حيث "الأوضاع مفتوحة على المجهول"، وهي الأوضاع التي تسببت فيها، حسب الكلمة ذاتها، الأنظمة الاستبدادية بممارستها كل أنواع الاضطهاد والقمع لمجتمعاتها". وأضاف الزاير، في هذا الصدد، أن "على الجميع أن يتمثل بالنظر العقلي خطورة الوضع، لاستخلاص الدروس على أن الدرس الوحيد، الذي يجب استخلاصه باستمرار هو الديمقراطية المحصنة للمجتمع والضامنة للمستقبل، المهدد بالأسوأ". كما لم يفت النائب الأول للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التطرق إلى القضية الفلسطينية، إذ أدانت المركزية بقوة "السياسة الصهيونية الإسرائيلية الرامية إلى تدمير الحضارة والهوية العربية للأراضي الفلسطينية عبر زرع المستوطنات"، مؤكدة تضامنها اللامشروط مع الشعب الفلسطيني الأعزل المقاوم، في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كما دعت المركزية الدول العربية إلى دعم الشعب الفلسطيني سياسيا وماليا لتمكينه من أدوات المقاومة والكفاح لتحرير الأراضي الفلسطينية، معتبرة أن الدفاع عن فلسطين هو دفاع عن الذات في كل الأقطار العربية. وعبرت الكونفدرالية أيضا عن انشغالها بالتوتر وعدم الاستقرار وغياب الأمن في الساحل جنوب الصحراء والحرب الدائرة في مالي. ووجهت الكونفدرالية، من جانب آخر، تحية خاصة إلى العمال المغاربة بالمهجر، الذين يعانون أوضاعا اجتماعية قاسية بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية واتساع دائرة العنصرية٬ معبرة عن تضامنها معهم٬ وداعية الحكومة إلى التدخل لدى الدول المعنية "صونا لحقوقهم الاجتماعية والقانونية ودفاعا عن كرامتهم". من جهة أخرى، تضمن جزء كبير من كلمة المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل انتقادات لاذعة لحكومة عبد الإله بنكيران، مشيرة إلى أن هذه الأخيرة "تستهدف الحقوق النقابية والمس بمكتسبات الطبقة العاملة". وتساءلت المركزية عن مشروع الحكومة في الإصلاح بعد مرور سنة من تنصيبها ومدى ترجمتها للشعارات، التي رفعتها أحزابها في الانتخابات بخصوص محاربة الفساد والرفع من الحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم، والرفع من نسبة النمو إلى 7، وتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية للفقراء والحد من التفاوتات الاجتماعية والمجالية. وبخصوص الحوار الاجتماعي، فإن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل "تحتج بقوة" على تعامل رئيس الحكومة مع التنظيمات النقابية وقضايا الطبقة العاملة، وهو التعامل الذي وصفته المركزية ب"المطبوع باللامسؤولية واللامبالاة". كما اتهمت نقابة الأموي حكومة بنكيران ب"نهج أسلوب الاحتواء وربح الوقت والمناورة". وذكّرت، في هذا الصدد، بالمراسلة التي بعثها رئيس الحكومة إلى الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والداعية إلى تنظيم لقاء يوم السبت 27 أبريل 2013، للاطلاع على حصيلة تنفيذ التزامات اتفاق 26 أبريل 2011، ومعالجة الملفات ذات الطابع الاستعجالي، إذ اعتبرتها المركزية "لا ترقى في مضمونها إلى مستوى اللحظة الوطنية"، التي تتطلب، حسب النقابة، تنظيم تفاوض جماعي ثلاثي التركيبة (الحكومة - أرباب العمل- والنقابات)، للتداول في كل القضايا، التي تهم عالم الشغل، وما تتطلبه من تنمية وتوازنات، ومن بينها تحسين الأوضاع الاجتماعية والمادية والمهنية للطبقة العاملة باستحضار تام للوضع الاقتصادي والمالي للمغرب، في سياق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية العالمية، بغاية صياغة ميثاق اجتماعي، في أفق بناء تعاقدات كبرى جديدة، بما يؤسس للإصلاح وتطور وتقدم البلاد. وحذرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل من أن القرارات، التي قد تتخذها الحكومة دون إشراك فعلي وحوار حقيقي ستعتبرها "قرارت لا شعبية"، لا تلزمها، مؤكدة أنها ستواجهها، خصوصا إذ مست المكتسبات أو مست القدرة الشرائية للأجراء وعموم الناس. ودعت في الأخير الحكومة إلى تسريع وتيرة الإصلاحات ومشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتجسيد ما تبقى من مقتضيات اتفاق أبريل وجعل المركزيات النقابية شريكة حقيقية في تدبير الشأن العام على قدم المساواة مع أرباب العمل، مطالبة بتحسين أوضاع الشغيلة وبالرفع من الحد الأدنى للأجور وتوفير الشغل للعاطلين.