غاب زعيم ظل يؤثث مناسبة فاتح ماي بخرجاته في ساحة درب عمر، لينوب عنه علال بلعربي عوض عبد القادر الزاير كما تقتضي تراتبية السلطة داخل الكونفدرالية، فيما أصر الزعيم الخالد على الوصول إلى منصة شارع الجيش الملكي ليذكر المنتقدين قبل أعضاء الاتحاد المغربي للشغل بأنه صامد إلى الأبد، فيما اختار زعيم آخر السير في عادته للبحث عن الاستثناء بحثا عن التميز، فاختار مقاطعة فاتح ماي، لينوب عن أعضاء الاتحاد العام للشغالين في ندوة صحفية بالرباط، بعد يوم على الاحتفال... الكونفدرالية: المرض يغيب الأموي لأول مرة عن الاحتفالات الحدث الأبرز لهذه السنة في احتفالات الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بفاتح ماي هو غياب نوبير الأموي بسبب ظروف صحية منعته من الحضور، وقد تميز الموكب المشارك بحضور لافت لعائلات المختفين السياسيين والجمعيات الحقوقية ثم سكان الأحياء الصفيحية بالدار البيضاء والمدينة القديمة وكذا عناصر الأمن الوطني المتقاعدين الذين يتهددهم التشرد بكل من أحياء دار لمان والمعاريف وبورنازيل بالإضافة إلى القطاعات الإنتاجية التقليدية مثل النسيج والجلد, الاحتفالات الباهتة نسبيا بسبب غياب القيادي نوبير الأموي أنقذها الحضور الهائل والوازن لنقابات النقل خاصة سيارات الأجرة التي ملأت كافة الشوارع المحيطة بمقر المركزية في موكب فاجأ كل الحاضرين بسبب الكثافة وضخامة عدد المشاركين وكذا منبهات السيارات التي هيمنت لمدة طويلة على كل الكلمات الخطابية. كلمة الأموي ألقاها بالنيابة عضو المكتب التنفيذي علال بلعربي وقد ركزت على تجاهل الحكومة للمطالب المادية والاجتماعية والإخلال بالالتزامات، حيث قررت الكونفدرالية تنظيم مسيرات عمالية يوم الأحد القادم في كل الاتحادات المحلية والمراكز الكونفدرالية للتنديد بانعدام الإرادة السياسية للحكومة في تنظيم تفاوض يفضي إلى نتائج ملموسة في كافة المجالات التي تهم عالم الشغل بالمغرب ورفع الحيف الذي تعيشه الطبقة العاملة، وقد دعت قواعدها للالتحاق بالمسيرات الاحتجاجية تنديدا بتلكؤ الحكومة واستهتارها بالمطالب العادلة للأجراء والدفاع عن الحريات النقابية. الحوار الاجتماعي كان أحد أهم النقاط التي ركزت عليها كلمة ال«ك.د.ش»، حيث اعتبرت انفراد الحكومة بالإعلان عن إجراءات اعتبرتها نتائج عدم اكتراث بمقترحات ومطالب العمال المطروحة، واصفة الإجراءات المعلنة بأنها هزيلة ولا تستجيب للحد الأدنى من المطالب العمالية أمام الزيادات المهولة في الأسعار وعن الملف المطلبي يتلخص أساسا في الزيادة العامة في الأجور وتطبيق السلم المتحرك للأسعار والأجور والزيادة في التعويضات وتنظيم الترقيات الاستثنائية ثم مراجعة منظومة الترقي وإصلاح نظام التقاعد وكذا تطبيق قانون الشغل إضافة إلى مراجعة النظام الضريبي. الفيدرالية تحتج وتقترح والاتحاد الاشتراكي يتوعد من ملعب «لاجونيس» إلى ساحة بوشنتوف مرورا بشارع الفداء صدحت حناجر عمال شركات القطاع الخاص الذين وجدوا أنفسهم في عطالة بالاحتجاجات، غضب وتوتر يعلو الوجوه، فيما اختارت النقابات الوطنية الكبرى حضورا بدا رمزيا بالقياس مع قوتها التمثيلية في الساحة النقابية، وبينهما كانت الأجهزة الأمنية حاضرة بكثافة، وكلمة المكتب المركزي رصدت أهم انشغالات الطبقة العاملة حيث جعلت من الاحتفال بعيد العمال هذه السنة يوما احتجاجيا. ومن الاحتجاج على الحوار الاجتماعي وجهد الحكومة في تلبية مطالب القطاعات الكبرى، اختارت الفيدرالية التوقف عند أربعة ملفات، بنبرة الاحتجاج والاقتراح . الملف الأول، يتعلق بإصلاح أنظمة التقاعد الذي اعتبرته الفيدرالية من أعقد هذه القضايا، وقال إن الفيدرالية لن تحيد عن التمسك بصون المكتسبات وضمان ديمومة الصناديق وإصلاح الفروقات بينها خاصة بين الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، وضمان حق الأجيال الحالية والقادمة في تقاعد مريح جزاء لها على الخدمات التي قدمتها. الملف الثاني يتعلق بالتعاضد، حيث ذكرت الكلمة بالفضيحة التي شهدتها التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وذكرت بمبدأ محاربة الفساد والمفسدين وطالبت بوضع باقي التعاضديات تحت مجهر المراقبة والتدقيق لمعرفة أوضاعها. الملف الثالث يرتبط بإحداث صندوق للتعويض عن فقدان الشغل، حيث ذكرت بموقف الوزير الأول بمساهمة الأطراف الثلاثة في تمويل هذا الصندوق (مشغلون أجراء حكومة) وعبرت عن استعدادها لمناقشة مسودة القانون المتعلق بهذا المشروع وطالب الحكومة بإخراجه في أقرب الآجال. الملف الرابع، يتعلق بقانون النقابات حيث سجلت استجابة الحكومة لهذا المطلب من خلال مد المركزيات النقابية بمشروع هذا القانون قصد دراسته، وعبرت عن استعداداها للمساهمة في إخراجه لتأطير الحقل النقابي وعقلنته وتخليقه في إطار من الوضوح. في الملف الخامس، عبرت الفيدرالية عن انشغالها بأوضاع المهاجرين المغاربة حيث دعت إلى دعم حقوقهم داخل الوطن وبمختلف مواطن الهجرة، والتصدي لكل موجات العداء والعنصرية، ولكل الإجراءات التعسفية التي تحاول الأطراف اليمينية فرضها. كلمات الأحزاب السياسية التي شاركت الفيدرالية احتفالها بعيد العمال اتسمت بالمساندة لمواقفها، حيث قال الحبيب المالكي ممثل المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، أن الحزب يتابع بقلق كبير وعدم ارتياح للأوضاع، إلى درجة أن الحز ب بدأ يفكر في اتخاذ مبادرات بمعية الشركاء الفاعلين لإنقاذ هذه الأوضاع، وركز على ضرورة التصدي للملف الاجتماعي كأولوية، تحتاج إلى تكتل يساري ووحدة نقابية، وهو المطلب الذي وجد صداه في كلمات أحزاب العمال والجبهة والاشتراكي الموحد. الاتحاد المغربي للشغل يؤكد مواصلة «نضاله» «نضال مستمر من أجل الحقوق الأساسية للعمال والعاملات والحفاظ على مكتسبات الطبقة العاملة»، شعار ارتضته مركزية الاتحاد المغربي للشغل للاحتفال بعيد العمال العالمي. على طول شارع الجيش الملكي وقفت جموع العمال والمستخدمين والموظفين حاشدة تنشد تخليد الذكرى، وترفع الأصوات مرددة: «بالوحدة والتضامن اللي بغيناه يكون يكون»، «يا مدير يا مسؤول باركا من التماطل»، منددة بأوضاع فئات عديدة من الشغيلة المغربية، مازالت تعاني الحيف، وتسعى إلى النضال من أجل انتزاع الحقوق الأساسية وتحسين الأوضاع المعيشية، في مسيرة جمعت ممثلي شركات خاصة: شال، هنريس، بيمو ولابروفان... ومؤسسات إعلامية من قبيل القناة الثانية وقطاعات حكومية مثل وزراة الشبيبة والرياضة وشبه عمومية مثل الضمان الاجتماعي. كان الحماس يرتفع كلما اقترب ممثلو قطاع من القطاعات، التي شاركت صبيحة اليوم الأول من شهر ماي، من المنصة التي نصبت أمام مدارة هذا الشارع، تأكيدا على الارتباط وسعيا إلى إيصال الأصوات مدوية إلى «الزعماء» الذين اقتعدوا الكراسي لمتابعة العروض من المنصة الشرفية التي بدا جليا احتلال زعيم الاتحاد المغربي للشغل «المحجوب بن الصديق» لأوسط مقعد في صفها الأمامي، محاطا بوجوه نقابية وسياسية معروفة على قلتها. جلس «سعيد السعدي» الوزير الأسبق عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية إلى جانب «عبد الله الفردوس» عوض المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري، وشاركتهم في الحفل وجوه فنية مثل القيدوم «عبد القادر البدوي». وعندما تجاوزت عقارب الساعة العاشرة ببعض الدقائق غالب الزعيم التاريخي للاتحاد المغربي للشغل عوامل الزمن، متحديا الشيخوخة، مرتكزا على عكازه، ليلقي في حشود العمال كلمة توجيهية أكد فيها على نضال مركزيته النقابية، مذكرا بكثير محطات تستحق الانخراط فيها وطنية ودولية، ومطالبا بتحسين أوضاع الشغيلة المغربية. ولم تنس اللافتات التي انتشرت في أرجاء شارع الجيش الملكي المطالبة بإطلاق سراح 15 من الممثلين النقابيين والعمال المعتقلين يوم 22 أبريل الماضي بعد «نضال من أجل الحقوق» بشركة «سيمسي ريجي» بخريبكة التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط، في خطوة أراد بها المنتسبون إلى النقابة التنبيه لما يصفونه دائما بالمضايقات التي تستهدف «الإجهاز على الحق النقابي». فاتح ماي في الرباط أربع نقابات سيطرت على احتفالات الفاتح من ماي في العاصمة الرباط: لم تتمكن مكبرات الصوت الضخمة والخيام التي نصبتها النقابات المشاركة في احتفالات عيد الشغل على امتداد ساحة باب الأحد من استقطاب العدد الكافي من العمال، لم يتمكن مسيرو الاحتفالات إلى غاية ساعة متأخرة من صباح فاتح ماي في بدء المسيرات العمالية التي جابت أولاها شارع محمد الخامس . غياب الاتحاد العام للشغالين ! لم تختلف الأجواء صبيحة فاتح ماي عن باقي أيام السنة في محيط قيسارية الحي المحمدي بالدار البيضاء0 فقد خيم هدوء عطلة نهاية الأسبوع بشكل غريب على شارع الشهداء، الذي كان يشهد منذ عقود احتفالات صاخبة للشغيلة المنضوية إلى نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب0 لا وجود للمنصة المعتادة في مكانها قبالة مكتب بريد المغرب المجاور ل«جامع الملك»0 لا لافتات تعتلي هامة أعمدة الإنارة أو ترفرف فوق رؤوس حشود العمال والعاملات0 الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الذي فضل هذه السنة مقاطعة احتفالات فتح ماي اكتفى بتجمع بسيط في مقر الكتابة الجهوية للنقابة بالرباط. حميد شباط الذي أطر هذا التجمع وصف مرة أخرى احتفالات فاتح ماي بأنها «مسرحية يرفض الاتحاد العام المشاركة فيها» واعتبر أنه رغم المجهودات التي بذلتها الحكومة إلا الطبقة العاملة مازالت تعاني على المستوى المادي والمعنوي: ومن أجل قطع الطريق على الذين يهددون بإسقاط حكومة عباس الفاسي قال شباط: نحن نتقن المعارضة ولا تطربنا الحكومة» حنا متأصلين فهاد البلاد أو ما كنجمعوش الناس بالبورطابلات أو بالمقدمين أو رجال الامن». وأضاف «إذا كانوا يتبنون المشروع الحداثي الديمقراطي لمحمد السادس فنحن تبنيناه منذ عهدي الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني» حزب الاستقلال هو من ركائز النظام الملكي الدستوري. نقابة الإسلاميين تحذر من إضعاف النقابات العاشرة صباحا ومع الارتفاع المضطرد لدرجة الحرارة ارتفعت حرارة المكان بالهتافات استعدادا لانطلاق المسيرة العمالية التي ستجوب شارع أبي شعيب الدكالي، عمال وموظفون من مختلف القطاعات المنضوين تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل حجوا إلى المكان، أول أمس، للاحتفال بعيدالشغيلة والتعبيرعن مطالبهم المكتوبة بعناية على اللافتات التي رفعوها خلال المسيرة والتي تتوزع ما بين المطالبة بالحق في الحريات النقابية والترقية الاستثنائية وما بين الزيادة في الأجوروإنصاف العمال ضحايا الطرد التعسفي. فإلى جانب الحضور الأمني الكثيف الذي أحاط بالمسيرة حفظا للنظام نزلت كوادر النقابة وأطرالحزب بكل ثقلها، حيث أسندت للكاتب العام للنقابة محمد يتيم والأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران ونائبه عبد الله بها إضافة إلى أطر نقابية نسائية مهمة قيادة المسيرة حاملين لافتة كبيرة مكتوب عليها شعار هذه السنة «نضال متواصل من أجل الحريات النقابية والعدالة الاجتماعية»، كما تمت الاستعانة بجزء من أشجارالنخيل التي تضفي على شارع أبي شعيب الدكالي رونقا جميلا، حيث التحفت بدورها هذا الشعار. و مع اقتراب الموكب إلى المنصة اختفى عبد الإله بنكيران من مقدمة المسيرة وناب عنه في إلقاء الكلمة نائبه عبد الله بها، والتي أكد فيها على أن الفساد في تدبير الشأن العام هو المسؤول عن الاختلالات التي يعرفها المجتمع، واعتبرأن الرشوة والمحسوبية ونهب المال العام واستغلال النفوذ مظاهر تنخر كيان المجتمع، كما انتقد ضعف الاهتمام بالتنمية البشرية، واعتبر أن كل مايقوم به المغرب في هذا المجال يكون تحت الضغوطات الدولية، مقترحا للخروج من هذا الوضع أن المغرب يحتاج إلى الديموقراطية والشفافية والمحاسبة. أما محمد يتيم الكاتب العام للنقابة فقد شدد في كلمته والتي تطرق من خلالها إلى الوضع العام للشغيلة ومآل الحوار الاجتماعي على ضرورة إرجاع المصداقية للحوار الاجتماعي وحمل الحكومة على احترام التزاماتها، منتقدا ما تسميه بمكاسب الحوار الاجتماعي، معتبرا أن الحصيلة كانت هزيلة ولم ترق حتى إلى أدنى انتظارات الطبقة الشغيلة».