سار عشرات المواطنين في الدارالبيضاء، صباح أمس الأحد، في مسيرة احتجاجية تضامنية دعت إليها نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وسرق فيها الأضواء شباب رددوا شعارات ساخطة حاملين صور الثائر تشي غيفارا. المسيرة، التي كان من المقرر لها أن تنطلق في الساعة التاسعة صباحا من أمام مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بشارع حمان الفطواكي في درب عمر، تأخرت عن موعدها وسط ارتباك ملحوظ لأعضاء لجنة تنظيمية ظلوا ينتظرون حضور الزعيم النقابي نوبير الأموي وشباب رفع عقيرته بترديد شعارات حماسية تطالب بفك الحصار عن الأراضي الفلسطينية المحاصرة. توقعت مصادر نقابية مشاركة أزيد من أربعين ألف متظاهر في مسيرة سار فيها عشرات من المغاربة، غالبيتهم من رجال السلطة بزي مدني ومواطنون كان يتقدمهم أطفال حملوا صور زعماء عرب، ويتعلق الأمر بملك المغرب الراحل محمد الخامس، يليه الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، ثم صورة للملك محمد السادس جالسا فوق العرش، فالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في صورة رسم فيها علامة النصر بيديه، وحملوا صورة أخرى للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. وفيما انشغل أعضاء اللجنة المنظمة للمسيرة بإبعاد المشاركين عن باب النقابة استعدادا لنزول الزعيم نوبير الأموي مرفوقا بمحمد مجاهد، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، والتهامي الخياري، الكاتب العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، انشغل عمال حملوا لافتات بترديد شعارات في المدار الطرقي الرابط بين شارع حمان الفطواكي وشارع الحسن الصغير، ضمنهم عمال مطاحن بمنطقة حد السوالم وقد حملوا لافتة خطت بلون أسود كتب عليها «عمال وعاملات مطاحن الحمد بالسوالم يستنكرون الصمت الرسمي للأنظمة العربية تجاه الجرائم الصهيونية في فلسطينالمحتلة». آخرون حملوا لافتة لفرع النقابة بمدينة آسفي، تحمل أسماء أحزاب «الطليعة الديمقراطي الاشتراكي» و«النهج الديمقراطي» و«المؤتمر الوطني الاتحادي» كتبت عليها عبارة «جميعا من أجل الدفاع عن وجودنا وكياننا الحضاري في مواجهة الأمبريالية في مواجهة الأمبريالية الجديدة والصهيونية». شوهد الزعيم النقابي نوبير الأموي يمشي متهالكا وهو يعطي انطلاقة المسيرة التضامنية ويسير بخطى متثاقلة متكئا على كتف شيخ كان يسير بجنبه مرتديا جلبابا صوفيا، في صف ضم الرؤوس البارزة في النقابة وأمين عام الحزب الاشتراكي الموحد والكاتب الوطني لحزب جبهة القوى الديمقراطية. وقف المسؤولون النقابيون في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أمام وكالة بنكية علقت عليها ساعة إلكترونية كانت تشير إلى الساعة العاشرة والنصف من صباح أمس الأحد، وتعرض شريطا يضم تاريخ اليوم ودرجة حرارة تبلغ 18 درجة مائوية. بين المشاركين، انسل سقاؤون يبيعون ماء معبأ داخل بطون جلود ماعز، يستحثون الناس على شرب الماء وهم يقرعون أجراسا نحاسية صغيرة تصدر رنينها المميز، يوجد أيضا باعة مأكولات خفيفة وسجائر بالتقسيط، باعة قبعات من كارتون، أشخاص يوزعون أعلاما مغربية وفلسطينية صغيرة، بصاصون جاؤوا للمشاركة في المسيرة ومشاهدة بعض الفتيات الجميلات المشاركات ومحاولة التودد إليهن وتبادل أرقام الهواتف أملا في الحصول على موعد غرامي بعد انتهاء الوقفة التضامنية مع فلسطين. شارك في المسيرة أطر وموظفون من مؤسسة «بنك المغرب» واستغلت الكتابة الوطنية لحزب النهج الديمقراطي المناسبة لتوزيع منشورات بيضاء تدعو إلى «التحرك الفوري، وعلى كافة الواجهات، والقيام بمبادرات نضالية شجاعة لإدانة ما يمارسه الكيان الصهيوني من تقتيل وإبادة وتجويع وقتل جماعي ضد الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع عزة». ولم تفت البيان الدعوة إلى «تحرير فلسطين وعودة اللاجئين وقيام الدولة الفلسطينية الديمقراطية كاملة السيادة». إلى ذلك، ردد المتظاهرون شعارات تدعو الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية إلى الوحدة، وتعالت الحناجر مرددة «أولمرت يا صهيون، فلسطين في العيون» و»جورج بوش يا جبان، فلسطين لن تهان». اللافت، خلال المسيرة التي سار فيها العشرات من المواطنين صباح أمس بشوارع حمان الفطواكي والحسن الثاني ومحمد الخامس والحسن الصغير قبل أن يقفلوا عائدين على المكان الذي انطلقت منه المسيرة ليكون محطة نهاية، هو الحضور الوازن لشباب ارتدوا كوفيات فلسطينية وحملوا العلم المغربي والفلسطيني وصور الثائر «تشي غيفارا» . بدا شباب «غيفارا» أكثر تنظيما في مسيرة سارت فيها «كوكبات بشرية»، وظلت منذ انطلاقها بدون رأس، وعندما انعطف الشباب الغاضبون عبر شارع محمد الخامس واجتازوا مقهى «فرنسا» المكتظ بسياح كانوا يتناولون وجبة إفطارهم ويراقبون الجموع المارة أمامهم، حاول أحدهم إحراق العلم الإسرائيلي أمام فرع لمطعم «ماكدونالدز» المخصص لبيع الوجبات السريعة على الطريقة الأمريكية، فتدخل رجل شرطة بزي مدني كان يحمل جهاز «تولكي وولكي» وتحدث مع الشاب همسا ليعدل الأخير عن قراره. عندما وصلت المسيرة إلى شارع محمد الخامس، حيث تتوارى بناية فندف»لينكولن» الآيلة للسقوط خلف يافطة إشهارية كبيرة لشركة عالمية للمشروبات الغازية، ازدادت حماسة الشباب وهاجموا أمريكا ودعوا المغاربة إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية. انعطفت المسيرة عند بناية «البنك العربي» لتعود أدراجها نحو مقر النقابة بدرب عمر عبر شارع الحسن الصغير، ويعلن منظموها عن انتهائها بسرعة كما ابتدأت.