لم تتجاوب الشغيلة مع نداء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمشاركة الكثيفة في مسيرات احتجاجية، دعت إلى تنظيمها، أمس الأحد، في مختلف المدن المغربية.المحتجون المشاركون في مسيرات الغض العمالي قبيل اطلاقها (مشواري) وكانت المشاركة في هذه المسيرات، التي أطلق عليها رفاق الكاتب العام للكونفدرالية، محمد نوبير الأموي، الغائب الأكبر عنها، مسيرات "الغضب العمالي"، إذ لم يشارك سوى حوالي ألف محتج في مدينة الدارالبيضاء، العاصمة الاقتصادية والمدينة العمالية الأولى في المغرب. وانطلقت المسيرة بالدارالبيضاء من أمام مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بدرب عمر، في غياب الأموي، متأخرة عن وقتها بحوالي الساعة، وكان أولها، حين عبورها شارع إدريس الحريزي، بلغ شارع الحسن الثاني، فيما كان آخرها عند تقاطع زنقة الطاهر السبتي مع الحريزي. ولم تسعف الشعارات، التي رفعها المنظمون من مقر الكونفدرالية، في تعبئة المواطنين للمشاركة في المسيرة، التي تحولت إلى ثلاث مسيرات، الأولى في المقدمة والمؤخرة بقيادة كونفدرالية، وفي الوسط، تقودها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وحزب النهج الديمقراطي، وتأطير لمدن الصفيح، والدور الآيلة للسقوط، والسكان المهددين بأحكام إفراغ، وثالثة من شباب جمعية "أطاك المغرب"، واللجنة التحضيرية لجمعية للعاطلين من حملة الشهادات. وكان لكل مسيرة شعاراتها ولافتاتها، إذ غاب التناغم، وتداخلت الأصوات، وبرزت التناقضات، ما جعل عبد القادر الزاير، نائب الكاتب العام للكونفدرالية، يرد، حين رفع مشاركون في المسيرة شعار "عليك أمان عليك أمان، لا حكومة لا برلمان"، قائلا "لا آسيدي، حنا بغينا حكومة ديمقراطية وبرلمان ديمقراطي". ورفع المشاركون الشعار حين كان الزاير يلقي كلمته أمام المتجمهرين، وقال إن "البرلمان مغشوش، لأنه لم يسقط حكومة مغشوشة"، متسائلا "لماذا لا يعاقب البرلمانيون الغشاشة، كما التلميذ الغشاش؟". واعتبر الزاير أن "اللجوء إلى خيار المسيرات الاحتجاجية جاء بعد استنفاذ الكونفدرالية كل الطرق، من الحوار إلى الانسحاب من غرفة المستشارين بالبرلمان، والانسحاب من الحوار الاجتماعي". وتساءل "آش بقى للدفاع عن النفس، وعن الشعب؟"، مضيفا أن "تنظيم مسيرات الغضب العمالي جاء احتجاجا على التعامل اللامسؤول للحكومة مع مطالب الطبقة العاملة، وإفراغ الحوار من مضمونه، والانفراد بالقرارات، والمس بالحق في التنظيم النقابي، وعدم الالتزام بتنفيذ الاتفاقات القطاعية، والزيادات المهولة في الأسعار، وضرب القدرة الشرائية". ولوح الزاير بخوض "معارك نضالية جديدة"، وقال "بعد هذه المسيرات، إذا لم تستجب الحكومة لمطالب الشغيلة، ولم تفهم الميساج، ستجمع الكونفدرالية هياكلها المقررة، لاتخاذ الخطوات النضالية المقبلة". واحتج الزاير، في معرض خطابه، عن منع الكونفدرالية من تنظيم مسيراتها الاحتجاجية في بعض المدن المغربية، دون ذكرها بالاسم، فيما بلغ إلى علم "المغربية" أن فروعا رفضت تنفيذ قرار القيادة، مثل فرع بني ملال، احتجاجا على المكتب التنفيذي للمركزية العمالية. ولوحظت تعبئة أمنية، لكن تمركزت في الأزقة المتفرعة عن درب عمر، والشوارع، التي عبرتها المسيرة، وبجانب بعض المرافق الإدارية، بين مقر ولاية جهة الدارالبيضاء الكبرى وقنصلية فرنسا، دون أن يظهر لرجال الأمن بالزي الرسمي وجود ملحوظ بجنبات المسيرة، فيما كانت باقي الأجهزة الأمنية بلباس مدني حاضرة بقوة قرب المحتجين، يأخذون صورا ويدونون الشعارات، لرفعها إلى الجهات المختصة. يذكر أن رفاق الأموي سبق أن أعلنوا عن تنظيم "مسيرات غضب" عمالية، احتجاجا على "مسار الحوار الاجتماعي مع الحكومة، وأرباب العمل، منذ دورة أبريل 2008، وما عرفه من فشل ذريع، بفعل التعامل الحكومي اللا مسؤول مع المطالب المادية، والاجتماعية المشروعة للأجراء". وكان من المقرر تنظيم هذه المسيرات في 9 ماي الماضي، لكن المكتب التنفيذي للكونفدرالية أرجأ تنفيذ المسيرات إلى تاريخ لاحق، لاستعداد الحكومة لمعالجة الملف المطلبي للشغيلة، حسب بلاغ سابق للكونفدرالية، على إثر "اتصال وزير الداخلية بنوبير الأموي، الكاتب العام للكونفدرالية، معبرا عن استعداد الدولة لمعالجة الملف المطلبي للشغيلة". وأرجع المكتب التنفيذي استئناف قرار تنظيم المسيرات إلى "تردي وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، نتيجة ارتفاع الأسعار، وتجميد الأجور، ومعاناة الطبقة العاملة من التضييق على الحريات النقابية، وعدم احترام مقتضيات مدونة الشغل، والصمت المريب للمسؤولين عن التدخل لمعالجة النزاعات الاجتماعية، وإنصاف العمال، وحماية الاقتصاد الوطني".